التصنيفات: الصحة الجيدة

مرضى التصلب الجانبي الضموري يعانون من صعوبة في كلمات الأفعال

وفقاً للكثير من العلماء فإن مرضى التصلب الجانبي الضموري (ALS) الذين يعانون أساساً من مشاكل حادة في جهازهم الحركي، يعانون من صعوبة لغوية أكبر مع الأفعال التي تدل على الأعمال التي تعتمد على عجزهم الحركي، وهذه الصعوبات لا يعانون منها في الأسماء التي تدل على الأشياء، والسبب بذلك حسب الدراسات القديمة يرجع لأن النظام الحركي يلعب دوراً في الترميز الدلالي لهذه الكلمات (الأفعال الحركية)، وللتأكد من صحة هذه الفرضية تم إجراء دراسة جديدة بمشاركة جامعة (Sissa)، حيث أشارت نتائج هذه الدراسة إلى وجود دور كبير للمهام التنفيذية في صعوبة فهم ولفظ هذه الأفعال.

التصلب الجانبي الضموري (ALS) هو مرض حاد جداً يؤثر أساساً على الجهاز الحركي، وكان هذا المرض محط الأنظار مؤخراً في وسائل التفاعل الاجتماعي بفضل الحملات الإعلانية مثل حملة دلو الجليد التي انتشرت أواخر الصيف الماضي، ومرض (ALS) يؤدي إلى حصول الشلل بشكل تدريجي، ويسبب الموت في نهاية المطاف.

يشكل ضعف الإدراك (الضعف المعرفي) أحد أقل الأعراض شهرة لمرض (ALS)، حيث قد يصل مستوى الضعف الإدراكي إلى الخرف الكامل، وتشمل أعراض ضعف الإدراك الصعوبة الانتقائية التي يعاني منها المرضى في فهم واستخدام الأفعال التي تدل على الإجراءات، حيث يعاني المرضى من صعوبة في فهم واستعمال هذه الكلمات لا يجدونها عند استعمالهم للأسماء التي تدل على الأشياء التي تستخدم في ذات العمل، لذا افترض العلماء أن الصعوبة التي يعاني منها المرضى مع هذه الفئة من الكلمات بالذات تعود إلى الأضرار التي لحقت بجهازهم الحركي، كون التلف الذي يصيب الجهاز الحركي يؤثر على الترميز الدلالي لهذه الكلمات، ولكن في دراسة جديدة أجريت للتحقق من صحة هذه الفرضية، بمشاركة محققين من المدرسة الدولية للدراسات المتقدمة (Sissa) في تريستا، فشل الباحثون في العثور على أدلة تدعم هذه الفرضية.

تقول (لويبا بابيو)، عالمة الأعصاب في (CIMeC) في تورينتو، ومؤلفة هذا البحث، الذي تم تقديمه كمشروع بحثي لنيل شهادة الدكتوراه في (Sissa)، بأن الفكرة من هذا البحث هي اختبار أداء مرضى (ALS) في كلمات الأفعال التي تتضمن أعمالاً، بالمقارنة مع الأسماء التي تدل على أشياء معينة تستخدم في نفس العمل (على سبيل المثال، فعل “فرشِ أسنانك” و اسم “فرشاة الاسنان”)، وهذه المقارنة لم تقم بها أياً من الأبحاث السابقة، كون الدراسات السابقة كانت قد استخدمت مقارنات بين أفعال وأسماء لا علاقة لها مع بعضها.

وتقول (سيلفيا رومياتي)، عالمة الأعصاب في (Sissa) ومنسقة هذا البحث، بأنه إذا كانت المشكلة التي يعاني منها مرضى الـ(ALS) مع الأفعال ناجمة عن تدهور المراكز الحركية، فينبغي أن يكون المرضى لديهم صعوبات أيضاً مع الأسماء التي تدل على أشياء حركية، ولكن في التجارب تبين أن المرضى كانوا يعالجون الأسماء الحركية بشكل أفضل من معالجة الأفعال، وهذا يشير إلى أن العجز الحركي والصعوبة التي يعانيها المرضى مع الأفعال هما جانبان متمايزان، ولا توجد علاقة سببية مباشرة ما بين الأمرين.

فإذاً ما الذي يتسبب في ضعف اللغة لدى مرضى الـ(ALS)؟

 ينبغي التأكيد أولاً على أن هذا النوع من الصعوبات اللغوية لا يقتصر فقط على مرضى الـ (ALS)، فعلى الرغم من أنه قد يكون أكثر وضوحاً لدى هؤلاء المرضى، إلا أنه قد يصيب الأشخاص الأصحاء، عملياً، تعتبر كلمات الأفعال أكثر صعوبة من الأسماء، وتظهر نتائج الاختبارات التي تم إجرائها في هذه الدراسة إلى أن هناك اتصال ما بين ضعف كلمات الأفعال والمهام التنفيذية التي يقوم بها الدماغ، وعلى الرغم من أنه يوجد أكثر من وظيفة معرفية تؤثر على ضعف كلمات الأفعال قد تكون مختلة لدى مرضى الـ(ALS)، إلا أن ضعف المهام التنفيذية في الدماغ هو أكثر ما يؤثر على صعوبة فهم ونطق كلمات الأفعال من بين جميع الوظائف المعرفية المعنية التي يعاني منها مرضى الـ(ALS).

تضيف (رومياتي) بأن المهام التنفيذية في الدماغ هي الوظيفة التي يقوم بها الدماغ بالتنسيق والتخطيط لتنفيذ الاجراءات المعقدة ومن ضمنها المهام الحركية المعقدة، وقد أوضحت الدراسة أن مرضى الـ(ALS) الذين يعانون أساساً من العجز الحركي، يفشلون في استرداد التسلسل الوظيفي المنطقي للأحداث الحركية التي تشكّل في مجملها الأعمال الصحيحة المعقدة، وهذه الفوضى الموجودة لدى المرضى هي السبب الذي يكمن وراء العجز في اللغة التي يعاني منها مرضى الـ(ALS).

أخيراً، فالدراسة بحاجة الآن إلى مزيد من التحقيقات من أجل فهم الخلل التنفيذي لدى مرضى الـ (ALS) بشكل أفضل، ودور هذه المهام التنفيذية في الترميز الدلالي لأفعال العمل، كون البحث في المشاكل المعرفية لدى مرضى الـ (ALS) قد يكون له تأثير سريري حقيقي، فالمشاكل المعرفية غالباً ما تظهر على المرضى قبل أن يظهر العجز الحركي، وبالتالي فإن تحديد المشاكل المعرفية يمكن أن يكون مفيداً في التشخيص المبكر لهذا المرض، وإن عدم وجود أي شفاء حقيقي لمرض الـ(ALS)، يجعل من التشخيص المبكر له في غاية الأهمية لتحسين حياة المرضى.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير