التصنيفات: الصحة الجيدة

لماذا تعتبر الهندسة الوراثية الحل الطبيعي للزراعة المستقبلية

إن زراعة المنتجات في الأساس هي عكس إنتاجها طبيعياً، ولهذا لا يمكننا أن نصف أياً من المنتجات التي نأكلها على أنها “طبيعية”، وذلك بغض النظر عن ما يروج له المسوقون أو ما تم وضعه على العلامات التجارية عن كون تلك المنتجات عضويةً أو غيرها، حيث أن تربية أي كائن وتوفير الغذاء له لاستخدامه في الرياضة أو كحيوان أليف، يجعل منه كائناً معدلاً وراثياً بشكل فعلي، فمثلاً هرشة التفاح، أو الضروع المنتفخة على نحو غريب – وحتى الجلد المبرقع بالأبيض والأسود – لأبقار الفريزيان هولشتاين، هي نتيجة لاختيار الجينات بعناية وحثها على الظهور في الأجيال اللاحقة.

كان الباحثون منذ سبعينيات القرن الماضي يبشرون بالحقبة المقبلة من التربية الانتاجية، والتي كانت متمثلة بسحب الجينات الفردية عملياً من أحد الأنواع وإدخالها إلى أنواع أخرى، وقد كان المحصول الأول الذي تم إنتاجه بهذه الطريقة هو التبغ المقاوم للمضادات الحيوية وكان ذلك في عام 1982، وحالياً أصبح ما يقارب عشر المحاصيل المزروعة في العالم من المحاصيل المعدلة وراثياً (حوالي 90٪ من منتوج الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة معدل وراثياً، وهذا ما دعا الاتحاد الأوروبي لفرض حظر تام على هذه المواد) وما يزال التغيير يجري على قدم وساق، حيث قام الاتحاد الأوروبي مؤخراً بالتخفيف قليلاً من قوانينه والسماح بإنتاج المحاصيل المعدلة وراثياً، وقد نرى أول المحاصيل التجارية المعدلة وراثياً في المملكة المتحدة بحلول عام 2017.

أحدث الباحثون مؤخراً سبقاً علمياً عندما قام فريقين من الباحثين بإيجاد طريقة جديدة للسيطرة على البكتيريا عن طريق تجديل حمضها النووي (DNA) بطرق غير طبيعية، فالجينات ترمّز البروتينات التي تتحكم بالوظائف الحيوية للحياة، والبروتينات هي عبارة عن سلاسل من الأحماض الأمينية، وعلى الرغم من أن الأحياء لا تستخدم سوى 20 نوعاً فقط من الأحماض الأمينية، إلّا أنه يمكن لهذه الأحماض أن تأتي بملايين الأشكال، لذلك فإن ما قامت به هذه الدراسة هو إعادة ترميز الحمض النووي (DNA) لبناء أحماض أمينية جديدة، غير موجودة بشكل طبيعي، بحيث تصبح الخلية غير قادرة على العيش إلّا إذا ما تم توفير هذا العنصر الاصطناعي الإضافي لها، وهذه العملية تشبه إضافة كلمة جديدة إلى اللغة الإنجليزية، لا يمكن فهمها إلا إذا باستخدام القاموس الصحيح.

هناك جدل كبير يحيط بموضوع الهندسة الوراثية، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمحاصيل التجارية، حيث أن الاعتراض الأكبر كان يتمحور حول أن الأغذية المعدلة وراثياً قد تكون ضارةً بالنسبة لنا، ولكن ليس هناك أي دليل لدعم هذا الافتراض، أما الاعتراضات أخرى فكانت تدور حول تأثير التعديل الوراثي على التنوع البيولوجي، وحول المخاوف من تسرب الجينات الجديدة إلى الحياة البرية وحدوث عواقب غير متوقعة، وهذا الشيء يجب النظر فيه، حيث أن النباتات غالباً ما تقوم بهذا التحول بطبيعة الحال، وإن التحول الوراثي هو بالضبط ما تحاول الدراسات أن تتحكم به.

أما الشكوى الأخيرة حول التعديل الوراثي فهي الملكية، فعلى الرغم من أن شركة (مونسانتو) ليست هي الشركة الوحيدة العملاقة التي تنتج المواد التجارية المعدلة وراثياً، إلّا أنه ينظر إليها على أنها الشيطان الأكبر، فهي التي تمتلك براءات الاختراع لأكثر المحاصيل المعدلة وراثياً، وهذا يمكن اعتباره من المشاكل الرأسمالية، وليس العلمية، فخلال القرن العشرين، تم نقل ملكية المحاصيل ببطء من المزارعين إلى الشركات، وحالياً بدأت ذات الهيمنة تسيطر على المحاصيل المعدلة وراثياً، ولكن ليس بشكل كبير، ولكن بشكل عام هذه الشكوي حول تحديد الاحتكارات الرأسمالية العالمية ليست قضية علمية، كما أن استخدام الكائنات المعدلة وراثياً لم يعمل على زيادة هذا الاحتكار.

لقد حان الوقت لفصل الحجج السياسية عن العلم حتى نكون قادرين على امتلاك فوائد هذه الزراعة في الجيل القادم، مما سيقلل بالنتيجة من الحاجة إلى استخدام المبيدات الحشرية والزيادة في غلة المحاصيل.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير