التصنيفات: إختراعات

كيف نبني أعمالنا التقنية المبدعة؟

كانت الأعمال مبعث نمو العلوم في عصرنا، فمن جرّد العلوم وابنتها التكنولوجيا منها، التبس عليه الطريق، وشق عليه الأمر، فنسب التقدم الهائل في مناحي الحياة للفضول العلمي فقط، ختل وتضليل أربأ بنفسي عنه.

شهد العالم العربي توسعًا في التعلم وإقبالًا على صنوفه المختلفة، لكنه كبا في مضمار السوق التجارية للتكنولوجيا، فلا فائدة ترجى من علوم لا تولد تكنولوجيا، وتكنولوجيا لا تتمخض سوقًا.

في هندسة الأعمال (Business architecture)، لا مناص من  بناء الشركة الناشئة على أساس متين، على رأسه القيمة التي تغري الجمهور باقتنائها، تنقسم هندسة الأعمال إلى شطرين، أولهما مثال العمل ((Business model، إذ حري بصاحب المنشأة سؤال نفسه عن سبل خلق القيمة (Value creation)، وهي موصولة إلى القيمة في عيون العملاء، فما الذي تقدمه التقنية ؟ أتحل مشاكل يواجهونها ؟  فإذا ما تحققت، أتبعها جني القيمة (Value capture)، وهي الآلية التي تُجمع بها الأموال مقابل الأداة أو الخدمة التي قدمت للعميل.

سنحاول الآن تجلية الأمر

تُعد وسيلة التفريق (differentiating) من أكثر الوسائل شيوعًا عند خلق القيمة، فهي مقابلة طرفين، ومقارعة ضدين، فمثلًا، نقول إن استخدام الدارة الإلكترونية ينجم عنه بطءٌ كبير واستنزاف كبير للطاقة في الأجهزة ويحول دون عمل (قانون مور) القائل بتقلص أبعاد الأجهزة كل عام ونصف (السلبية)، لهذا، عمدت الشركات للعمل في الدارات الضوئية (الفوتونية)  السريعة التي تصرف طاقة أقل، وتبعث الحياة في قانون مور.

كانت المزايا هنا حجرالرحى في جلب القيمة، قد تميل الشركات لجلب القيمة عبر ضبط التكلفة (تقنيتنا توفر عليك المال)، أو الوقت، وهلم جرًا.

من الأساليب الأخرى في جلب القيمة، هي التأثير الشبكي (Network effect)، [ولو أني آثرت الشيوع]، وهو زيادة قيمة المنتج مع ازدياد عدد المستخدمين، لعل أشهرها فيسبوك وأوبر وواتس آب، التي اطردت قيمتها مع الزمن.

جدير برواد الأعمال المزج بين السبل لجلب قيمة عظمى في عيون الزبائن، وكلما تعاظمت خبرة الفريق المشرف على التقنية المطروحة، كانت القيمة أعظم.

لنعود الآن إلى شطر هندسة الأعمال الآخر، (جلب القيمة)، لعل الطريقة التقليدية القائلة بمنتج مطروح في السوق يقصده الناس لشرائه، أول ما يخطر ببالك، لكن التطور التقني الذي نعاينه، ولد طرائق جديدة ذللت الصعاب في نيل القيمة، منها الترخيص (Licensing)، أشهرها أسلوب عمل شركات البرمجة التي تخول الآخرين استعمال برامجها، فأنت لا تبيع المنتج، إنما تمنح حق استخدامه لمؤسسة.

الاشتراكات (subscriptions) التي تجلب مبلغًا شهريًا أو سنويًا لعل أشهرها شركة نتفلكس التي استفادت من تنامي الأجهزة المنزلية، فراحت تعرض طيفًا واسعًا من برامج الترفيه مقابل مبلغ سنوي.

وسيلة الدفع عند كل استخدام (Pay per use)، لعل أشهرها (طلبات) أو (أوبر) التي تستخدم التكنولوجيا في النقل ثم تأخذ عائدًا مقطوعًا عند كل توصيل.

من المهم الإشارة هنا أن الأمر لا يتعلق فقط بما تنشده، فهناك بيئة العمل والمنافسون في عين المجال.

أعرج أيضًا على فكرة العولمة، فهي حدود غارت بين الدول ففسحت المجال للعالم كله بيع بضاعته للعالم كذلك، وإن كنت أرى في الأمر عكس ذلك، فهذه الفكرة التي روجها الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان (Thomas Freedman) في كتابه الشهير العالم المسطح (The World Is Flat)، لم تعمل في عدة أماكن، إنما استعملت لتجييش الناس ودفعها الإيمان بالعولمة على خطرها الداهم بهضمها الأسواق المحلية، وترك الكثير من البلدان تعاني الأمرين في مجابهة غير متكافئة، الذي يعقبه هجرة واسعة لأولي الكفايات الذين حال الجو العام في بلدانهم دون إبداعهم وتنفيذ علومهم وتحويلها لقيمة.

طارق، باحث في العلوم والتكنولوجيا وسياساتها في الدول النامية

المصادر

  1. For a fuller description of the key levers of organizational design see Galbraith, Jay R. Designing Organizations: An Executive Briefing on Strategy, Structure, and Process. San Francisco: Jossey-Bass Publishers, 1995
  2. Modified from Osterwalder, Alexander, Yves Pigneur, and Tim Clark. Business Model Generation: A Handbook for Visionaries, Game Changers, and Challengers. Hoboken, NJ: Wiley, 2010.
  3. Zott, C. and Amit, R. (2010), “Business model design: an activity system perspective”, Long Range Planning, Vol. 43 No. 2/3, pp. 216–226.
  4. Göttel, V. and Daiser, P. (2016), “Business Model Innovation: Development, Concept and Future Research Directions”, Journal of Business Models, Vol. 4 No. 2, pp. 1–28.
شارك
نشر المقال:
tareq khaleel