المياه العادمة: هي المياه التي يتم التخلص منها من المنزل, أو المصنع, أو المزرعة أو غيرها من المرافق ، وذلك إما لتلوثها بشكل يمنع استعمالها لأي غرض, وإما لعدم الحاجة إليها ، ولكثرة المصادر التي تتسرب منها المياه العادمة وتنوعها فإن خصائص هذه المياه تكون متباينة , ومما لا شك فيه أن معرفة مستوى التلوث في المياه العادمة أمر ضروري لتحديد طريقة تصريفها أولاً ومن ثم تحديد أنسب طريقة لمعالجتها وفي النهاية أفضل استخدام آمن للمياه المعالجة ، فمثلاً لا يجوز السماح لمصنع معين بتصريف المياه العادمة إلى الشبكات العامة للمدينة حتى لو وجد ضمن حدود الشبكة إلاّ بعد تحديد ماهية المياه العادمة التي سيصرّفها ونوعية الملوثات وتركيزها فيها.
كيف؟؟ و من؟؟ و أين ؟؟
لابد لعينة المياه العادمة أن تكون ممثلة لواقع المياه المتدفقة في الشبكة زمانيًّا ومكانيًا , فمثلاً لا بد من التركيز على النقطة النهائية للشبكة والتي ستخرج المياه منها بإتجاه محطة المعالجة , كما يمكن أن يتم تقسيم الشبكة إلى مقاطع إذا كان هناك تنوع في المنشآت التي تخدمها تلك الشبكة , بينما يجب أخذ عينة من كل مصنع أو ورشة فنية على حدة اذا كان الحديث عن مناطق صناعية , زمانيًا أيضا يمكن أن يمتد زمن أخذ العينة لفترات طويلة ,وبذلك فإن العينة التي يتم أخذها قد تكون عينة لحظية تؤخذ دفعة واحدة من نقطة واحدة ولا يتجاوز زمن أخذها عشر دقائق , وعينة مركبة يتم أخذها على فترة طويلة قد تمتمد ل 24 ساعة وذلك لضمان التعرف على مستوى التلوث في الشكبة على مدار اليوم وقد يتم تمديد مدة أخذ العينة إلى أكثر من ذلك كذلك قد تؤخذ من نقاط متعددة في الشكبة .
ماذا نقيس وعما نبحث ؟
يؤدي اختلاط المياه بالملوثات إلى تغير عدد من خصائصها الفيزيائية , مثل الحرارة والحموضة والعكارة والاوكسجين الذائب , وبالتالي فإن أول خطوة للتعرف على نوعية الملوثات في المياه العادمة هي بقياس الخصائص الفيزيائية لها ، ثم يتم البحث عن مجموعة من الملوثات، ويمكن تقسيمها إلى ست مجموعات رئيسة وهي
المواد العضوية :
تتكون المواد العضوية من الكربون والأكسجين والهيدروجين بالإضافة إلى بعض العناصر الأخرى وتقسم هذة المواد إلى مواد قابلة للتحلل حيويًا ومواد غير قابلة لذلك وتتميز بأنها مواد قابلة للاحتراق إذا توفرت الظروف الملائمة ، وفي المياه العادمة يتم تحديد تركيز هذة المواد بثلاث طرق وهي:
النيتروجين
وهو موجود بشكل أساسي في الأحماض الأمينية المكونة للبروتينات في أجسام الحيوانات والإنسان وبعض الكائنات الدقيقة وفي الكلوروفيل النباتي وبالتالي فإن مخلفات كل الكائنات الحية لابد وأن:
تحتوي على النيتروجين ، ويكون النيتروجين في المياه العادمة على أربعة أشكال هي..
ولتحديد تركيز النيتروجين الكلي يمكن استعمال بعض الطرق الحديثة والتي تعتمد على تهضيم العينة بوجود مادة غنية بالاوكسجين لتحويل كافة أشكال النيتروجين الى نترات , ومن ثم تستخدم احدى طرق فحص النترات لقياسه , او يمكن استخدام طريقة كيلدال -نسبة الى العالم الدنماركي يوهان كيلدال مخترعها-ويتم فيها قياس تركيز الأمونيا والنيتروجين العضوي, وتتم بتهضيم العينة بوجود مواد غنية بالكبريتات لتكوين كبريتات الأمونيوم والتي يتم فحصها بالمعايرة فيما بعد ، كذلك تقدم شركات تصنيع اجهزة التحليل بالطيف الكمي مجموعة مميزة من الأجهزة صغيرة الحجم منخفضة السعر ذات فعالية عالية واستخدام ميسر لفحص النترات والأمونيا والنتريت والنيتروجين الكلي ويمكن اجراء الفحص بها بدقائق معدودة
المواد الصلبة
وتكون المواد الصلبة إما ذائبة , وإما عالقة وهنا يجب الانتباه الى ان المواد الصلبة الذائبة قد لا تكون أملاح أيونية فقط ,وإنما مواد عضوية غير أيونية أيضا ولذا يجب قياسها بالطريقة الوزنية –يمكن مراجعة الأملاح في مياه الشرب -, أما المواد العالقة فيتم قياسها بتمرير حجم معين من المياه العادمة من خلال ورقة ترشيح مخصصة ومعتمدة للفحص ثم تجفف الورقة بما عليها ويتم حساب المواد الصلبة العالقة, او يتم فصل المواد العالقة بطريقة الطرد المركز , ثم تجفف وتوزن.
الأحياء الدقيقة
وتقسم الى عدة مجموعات أو عائلات من البكتيريا والديدان وغيرها ، بعضها ممرض والآخر غير ممرض ، ويكون الهدف من فحصها في الغالب هو تحديد مدى أمان المياه العادمة بعد المعالجة ومدى فعالية عملية المعالجة في التخلص من المجموعات الممرضة من الكائنات الحية الدقيقة.
المعادن الثقيلة
وتكون مركباتها الذائبة في الماء عالية السمية لذا تكون الحدود العليا المسموح بها في المياه العادمة قليلة مقارنة بالملوثات الأخرى ، ويمكن قياس بعضها بأجهزة الطيف المرئي لكن تقنية طيف الكتلة هي الأكثر نجاعة وإنتاجية، وسنتحدث لاحقا في مقال مستقل عن المعادن الثقيلة.
المبيدات وبقايا المنظفات حيث يتم فحص مجموعة من المركبات العضوية السامة التي تأتي من بعض مواد التنظيف أو المبيدات.
كيف نحدد الطريقة الأفضل للفحص
لتحليل العينات الخاصة بالمياه العادمة, يتم اعتماد طرق فحص موثوقة لضمان مصداقية النتائج التي نتوصل اليها ,واكثر المراجع استخداما في هذا المجال هو كتاب ” tandard methods for the examination of water and wastewater”, وهو كتاب جامع لكافة الطريقة المعتمدة في المختبرات العالمية في فحص المياه والمياه العادمة , كذلك تقدم هيئة حماية البيئة الامريكية منظومة متكاملة من طرق الفحص المعتمدة للمياه العادمة , و تقدم شركات تصنيع وتوزيع اجهزة الفحوصات المخبرية قاعدة بيانات مجانية لطرق الفحص المعتمدة على تلك الاجهزة, ويمكن لبعض المختبرات ذات التجهيزات الفنية العالية ان تعمتد طرق داخلية للفحص تتماشى وظروف تشغيل ذلك المختبر ونظام الجودة المعمول فيه
سيكون لنا مقالات قادمة إن شاء الله عن كل ملوث من الملوثات السابقة بالتفصيل ..