الصناعة والإبتكار

كيف ستهرب منها إن كنت تعيش داخلها؟ ناطحات سحاب من الهياكل العظمية

الهياكل العظمية تركض خلفنا في كل الكوابيس منذ الطفولة، وفي أفلام الرعب، لهذا يبدو من المضحك والجنوني معرفة أن المهندسين يفكرون الآن بجدية لاستخدامها في أعمالهم، بل وإنهم يعتقدون إنها ربما تكون الحل الوحيد في ظل عدد السكان المتفجر بلا مظلة كافية من البيوت التي تغطيه، وكذلك بسبب التأثير المرعب للخرسانة والصلب الذي يعتبر مسئولاً الآن عن 10 بالمئة من الانبعاثات الكربونية في العالم، وربما سيكون على الهياكل العظمية أن تهرب هي منا بعد هذا الاقتراح غريب الأطوار !

فلنودع الخرسانة والحديد .. ونرحب بالعظام

فريق من العلماء في جامعة كامبريدج قرروا أن يدرسوا العظام وقشور البيض، ليقلدوا هذه المواد ويصنعوا مواد بناء مماثلة لها، وقد تمكن الفريق فعلاً بقيادة المهندسة الحيوية ميشيل أوين، من صناعة عظام صناعية وقشور بيض، صحيح أنها ما تزال بجرعات صغيرة، إلا إنها عملية ممكنة في جو الغرفة، بشكل رخيص ودون هدر في الطاقة، ما يجعل رفع الكمية شئ غاية في السهولة.

الفريق استطاع محاكاة العظام عن طريق أخذ ألياف الكولاجين من الحيوانات، وهو البروتين الأكثر شيوعاً في العالم، ثم قاموا بوضعه في قالب من طبقات المعدن، وهكذا أصبح “عظام البناء الصناعي”، مكوناً من كميات متساوية من المعدن والبروتين، بحيث يعطي المعدن له قوة وصلابة العظام، بينما تجعلها البروتينات مقاوماً للكسر، أما بالنسبة لقشر البيض الصناعي، فقد صنعوه من 95 بالمئة من المعدن إلى 5 بالمئة من البروتين، ما يعني أنه أرق وأخف وزناً، لكن قلة البروتين تجعله أكثر هشاشة.

لكن الفائدة الحقيقية سوف تأتي من دمج المادتين في طبقات، بحيث يتم ترسيب المادة العظيمة بالقرب من الكولاجين، وترسيب المادة الشبيهة بقشر البيض بعيداً عن الكولاجين بشكل عمودي، وبهذا يأتي دمج المادتين في مصلحة جعل مادة البناء أكثر صلابة.

خبر سئ أم خبر سار؟ استخدامها ليس قريباً

لا يبدو أن استخدام هذه المواد قريب في صناعة البناء والتشييد، كما إن الباحثين لا يريدون الاستمرار في استخدام الكولاجين الحيواني لأنه لا يعد خياراً صديقاً للبيئة، لهذا يأملون بصناعة كولاجين بديل بأنفسهم، أيضاً صناعة البناء ليست جاهزة لتغيير جذري وتأسيسي بهذه الطريقة الآن، مفهوم البناء لا يوجد في أذهان الناس بغير الخرسانة والصلب، استخدام مواد جديدة كلياً يعتبر كأنه إعادة تفكير في الصناعة بأكملها.

تجارب شبيهة تقترب من الميلاد

أحد زملاء المهندسة، بدأ بالفعل في حلم إعادة هيكلة الصناعة عندما أعلن عن خطته في بناء ناطحة سحاب خشبية من 80 طابقاً، يبلغ طولها 300 متراً، متغلباً على أطول بناء خشبي في العالم مكون من 14 طابقاً، ومع إن قطع الأخشاب لصناعة المنازل لا يبدو أفضل خيار صديق للبيئة، إلا إن المهندس مايكل راماج يقول إن ذلك أفضل على أية حال من مواد البناء التقليدية، مبرراً كلامه بأن شاحنة واحدة من الأخشاب تقوم بعمل خمس شاحنات من الخرسانة والصلب، وهذه ميزة عظيمة للبيئة وحركة المرور. قائدة الفريق المهندسة أوين، استغلت هذه التجربة لتقول إن الخصائص المادية للخشب والعظام متشابهة جداً.

حتى الآن لا يوجد زملاء مهندسون أو ناقدون استعرضوا هذه المادة وقابليتها للاستخدام في الأبنية، لهذا لم نستطع أن نعتمد على أقوال أحد غير صناعها، لكن، مجرد فكرة إعادة التفكير في صناعة البناء والبحث عن بدائل، تبدو شيئاً عظيماً.