التصنيفات: فضاء

كابلات نانوية لبناء المصاعد الفضائية

قام فريق من العلماء بتصنيع خيط من ذرات الكربون، حجمه أصغر بـ 20,000 مرة من ضفيرة شعر الإنسان، ويعتقد أن هذا الخيط هو أقوى المواد التي تم تصنيعها في الكون، أطلق على هذه المادة اسم “nanothread diamond” (الخيط النانوي الماسي)، وهو عبارة عن مادة رقيقة جداً ذات بنية جديدة، تشبه حلقات سداسية متصلة ببعضها من الذرات الكربونية التي تشكل الألماس – الذي يعتبر من أقسى الثروات المعدنية الطبيعية المعروفة على الأرض، وهذا ما يجعل من الـ (nanothread) أقوى تحملاً وأكثر مرونةً من أنابيب الكربون النانوية المتقدمة.

يشير (جون بادينج)، وهو أستاذ في الكيمياء في جامعة ولاية بنسلفانيا الذي قام بقيادة هذا المشروع، أنه نظراً لكون بنية هذا الخيط تشبه بنية الالماس، فمن المتوقع أن يكون قاسياً وقوياً ومفيداً للغاية، والجدير بالذكر أن هذا الاختراع المتمثل في تصنيع مادة متناهية الصغر ذات بنية شبيهة بالألماس يعد الأول من نوعه، ويأتي بعد قرون من المحاولات الفاشلة لضغط الجزيئات الكربونية لتصنيع مادة بهذه القوة، حيث قام فريق الباحثين بإنتاج هذه المادة باستخدام جهاز الضغط التابع لمختبر (أوك ريدج الوطني) من خلال ضغط 6 ملليمتر من البنزين الذي يتكون من الكربون والهيدروجين، حيث أدى ذلك إلى تكدس جزيئات البنزين في البداية، ولكن فيما بعد انفصلت عن بعضها لتتشكل مرة ثانية بعد أن قام الفريق بتطبيق ضغط عليها بطريقة مختلفة تماماً حتى أصبح تكوينها مشابهاً للألماس وذات هيكل مترابط، ونتجت بالمحصلة مادة الـ (nanothread) الرقيقة.

يتألف كل من الجرافين والأنابيب الكربونية النانوية من ذرات الكربون، ولكنهما يختلفان من حيث البنية الهيكلية، وكلا المادتين قادتا إلى ثورة مذهلة من التقدم في المجالات التكنولوجية النانوية وعلوم المواد، حيث أن الجرافين أدى لحصول ثورة في مجال الالكترونات، وتخزين الطاقة، وحتى في مجال الصناعات الدوائية، لما يتميز به من خفة في الوزن وقوة وقدرة عالية على التوصيل، ومن التطبيقات التي تتضمن استخدام الجرافين والكربون، الأنابيب النانومترية التي تستخدم لصناعة الجيل الجديد من شاشات اللمس، والخلايا الشمسية والبطاريات والتركيبات النانوية المستخدمة في هندسة الأنسجة.

أما بالنسبة لاختراع (nanothread) ذو التركيبة الألماسية، فإذا ما ثبت أنه أقوى من المواد الموجودة حالياً، عندها يمكن التسريع من استخدامه الحالي والمستقبلي، وهذا يتضمن توفير المزيد من الكفاءة في استهلاك الوقود بالنسبة للسيارات الكهربائية وحتى تصنيع كابلات فائقة القوة وخفيفة الوزن ومتينة، يمكنها إرسال البشر إلى الفضاء عن طريق بناء “مصعد فضائي” دون الحاجة للصواريخ، وهذه المصاعد الفضائية إن أصبحت حقيقة، فإنه يمكنها أن تصبح مصدراً للطاقة الشمسية ووسيلة رخيصة لاستكشاف الفضاء والسياحة الفضائية، حيث ستكون أسلاك الكابلات قائمة بشكل أساسي على الأنابيب الكربونية التي ترتفع 60,000 ميلاً فوق سطح الأرض، ويمكن استخدام المحركات الخطية المغناطيسية، التي تستخدم لإمداد قطارات ماجليف بالطاقة، لإرسال الحجرات الى الفضاء.

تعتقد شركة (أوباياشي) وهي شركة بناء يابانية، بأن التقدم الحاصل في تكنولوجيا النانو ستسمح لها ببناء وتسويق مثل كابلات الفضاء بحلول عام 2050، حيث أن هذه الكابلات أقوى بمئة مرة تقريباً من كابلات الحديد، ولكن في الوقت الراهن لا يمكن تصنيع كابلات طويلة بما فيه الكفاية لاستعمالها في المصاعد الفضائية، فأقصى ما يمكن الوصول إليه هو تصنيع أنابيب نانوية بطول 3 سنتيمترات، ولكن ربما بحلول عام 2030 سيكون العلم قد توصل ليكون قادراً على القيام بذلك.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير