فن طي الورق الياباني “الأوريجامي” يلهم المهندسين

الأوريجامي، هو فن ياباني تقليدي لطي الورق يحظى بشعبية هائلة، وهو لا يشمل الأعمال الورقية فقط، بل يشمل تطبيقات صناعية مبتكرة وبديعة، في الهندسة والمعمار بالذات، متجلية في الملاجئ العسكرية وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات والروبوتات، والطيارات دون طيار، لتثبت أنها أكثر من مجرد فن طي ورق.

آخر إبداع استلهم من فن الأوريغامي كان هيكل الأوراق المصممة على شكل سوستة، والذي يتم تكوينه بأنابيب الورق المعشّقة معاً، وهي أشكال ورقية نعم، لكن بصلابة كافية لتحمل الأوزان، وفي نفس الوقت يمكنها أن تطوى بسهولة عند التخزين أو النقل.

صمم هذا الابتكار فرق باحثين من جامعة إلينوي في أوربانا شامباين، ومعهد جورجيا للتكنولوجيا، وجامعة طوكيو، وهذه الأنابيب المعشّقة تستمد فكرتها من طريقة لطي الأوريغامي تسمى “ميورا-أوري”، حيث تعتمد هذه الطريقة على طيات متعرجة على  الورق، ما يمكنها من الإنطواء إلى منطقة صغيرة للغاية.

قِطَع أوراق “ميورا” للطي، مرنة جداً لوحدها ويمكنها أن تطوى بشكل مسطح، لكن، بتعشيق اثنين منهما معاً، استطاع الباحثون تكوين هيكل أصلب، ولا يطوى في الكثير من الاتجاهات، بشكل يشبه السحّاب (السوستة)، وهو الشكل الذي أعطى صلابة أفضل، وتصميماً يصعب ثنيه أو انحرافه.

وقد قال الأستاذ في معهد جورجيا للتكنولوجيا جلاوسيو باولينو، أنهم وضعوا الأنبوبتان الورقيتان معاً في هيئة غريبة، لأنهم كانوا يريدون هيكلاً يتسم بالمرونة والصلابة في آن واحد، ومع أنها مجرد أوراق، إلا إنها تمتلك صلابة هائلة.

أنماط طيات ورق الميورا، تكون شكلاً متعرجاً من متوازيات الأضلاع، وتختلف الزاوية بين الأوراق المختلفة، وقد قال الباحثون أن شكل “السوستة” الذي صمموه هذا سوف يكون ممكناً حتى بين أنبوبتين تختلفان في الزوايا، وهو الشئ الذي يسمح لهم بدمج الأنابيب معاً بأشكال هندسية مختلفة، مثل القبة أو البرج.

وقد أضاف الباحث من جامعة إلينوي أن القدرة على تغيير الوظيفة بالأوراق نفسها، هي ميزة يتمتع بها الأوريجامي، وأن امتلاك هذه الهياكل القابلة للتحول وإعادة التشكل، يمكنك من تغيير وظيفتها وتكييفها مع ما تريد، كما تستطيع أيضاً أن تغير خواص المادة التي تتكون منها، لتجعلها أصلب أو ألين.

ومع أن الباحثين طبقوا الطريقة باستخدام الورق، إلا إنهم قالوا أن استخدام مواد رقيقة أخرى قد يفي بالغرض، مثل البلاستيك، والمعدن، بالإضافة إلى أن هذه الطريقة قابلة للاستخدام على نطاق واسع، ويمكن الاستفادة بها في أي شئ، بدئاً من الروبوتات الميكروسكوبية إلى الأجهزة الطبية الحيوية، والمباني والجسور، وقد قال باولينو أن كل هذه الأفكار يمكن تطبيقها على المستوى النانوي أو الميكروسكوبي أو المقاييس الكبيرة والمباني، حتى في بناء أشياء ضخمة لناسا في الفضاء.

تطبيقات الفكرة غير محدودة، والأمر يعتمد على المجال الذي تهتم بإدخال هذه الطريقة إليه، والتي وصل إليها الفريق من الصفر، فعندما يصبح لديك فكرة قوية، مثل فكرة الأوريجامي المعشّق في هيكل السوستة، فإنك التطبيقات لها لا تتوقف.

ومازال فريق البحث يعمل على مزيد من الاستكشاف، بالكشف عن طرق جديدة لدمج هياكل أوراق الأوريجامي، باستخدام زوايا مختلفة للطي، وتجريب مواد مختلفة أيضاً.

 

 

شارك
نشر المقال:
محمد حمزة