التصنيفات: علم النفس

علم مقابلات العمل

بعد قضاء أسابيع من البحث في الإنترنت عن وظائف شاغرة، وكتابة العديد من خطابات التقديم المؤنقة، يأتي الحظ إلى جانبك ويتصل بك أحد أرباب العمل، وعند هذه المرحلة لا يعود هناك شيء يقف بينك وبين الحصول على وظيفة أحلامك سوى شيء واحد فقط، المقابلة.

هذا النوع من الحالات التي تتضمن مخاطر عالية تجعل معدل ضربات قلبنا تتسارع، فنحن جميعاً نريد أن نعرف ما سيفكر فيه الشخص الذي يقوم بإجراء المقابلة، وكيفية تحقيق أفضل انطباع ممكن لديه، وبينما ما يزال علماء الأعصاب وعلماء النفس يمعنون النظر في أدمغة الأشخاص أثناء المقابلات الحية، قد تقدم لنا الدراسات الحديثة بعض المساعدة في فهم كيفية ترجيح كفة الاحتمالات لصالحنا.

العلم خلف إعطاء انطباع جيد

يمكن للبشر أن يكوّنوا انطباعاً أولياً بسرعة كبيرة، حيث تشير الدراسات إلى أن الأشخاص يميلون إلى اتخاذ أحكام في جزء من الثانية حول امتلاك الشخص لصفات مثل الجدارة بالثقة والكفاءة على أساس بعض ملامح الوجه، فعلى سبيل المثال، يميل الأشخاص لرؤية الوجوه التي تبدو سعيدةً وتمتلك ميزات أنثوية نمطية -مثل عينين واسعتين ووجوه مدورة-على أنها أكثر جدارة بالثقة، في حين يرون أن الأشخاص الذين يمتلكون خصائص أكثر ذكورية، مثل الوجوه المربعة وفك قوي، على أنهم نوع من القادة المهيمنين، وهذه الانطباعات قد تؤثر في بعض الأحيان على قراراتنا الهامة بطريقة خارجة عن سيطرتنا، مثل اختيار السياسيين أثناء الانتخابات، أو إدانة مجرم، وحتى توظيف الموظفين.

لحسن الحظ، فإن المظهر ليس العامل الوحيد الذي يتم أخذه بعين الاعتبار، حيث وجد علماء النفس أن الأشخاص يميلون إلى تقليل الاعتماد على المظهر عند حصولهم على معلومات إضافية حول الشخص، مثل سلوكياته الماضية.

هذا ليس دائماً بالشيء الجيد، فالأشخاص يميلون إلى تركيز اهتمامهم بشكل كبير على السلوكيات السلبية أكثر من الإيجابية عندما يتعلق الأمر بالأخلاق أو الآداب العامة، فعلى سبيل المثال، عادة ما يتذكرون قيام الشخص بالاحتيال أكثر من قيامه بالتبرع بالمال للأعمال الخيرية، والمعنى الضمني هنا هو أنه إذا ما قمت بفعل شيء يجعلك تبدو شخص مشكوكاً فيه أخلاقياً خلال المقابلة، مثل التكلم بالسوء عن شركتك القديمة بشكل مباشر أو عن غير قصد، فإن هذا سيجعل مقابلتك صعبة للغاية.

الخبر السار هو أنه عادة ما يكون لدينا انحياز تجاه المعلومات الإيجابية عندما نقوم بالحكم على قدرات الشخص، لذلك، فإن حقيقة أنك قمت ببناء تطبيقك الخاص على نظام التشغيل (iOS) أو حصلت على منحة مرموقة لدراسة الشعاب المحارية من المرجح أن تعطي عنك انطباعاً يزيح الاهتمام بتلعثمك ببضع الكلمات أو إساءة استخدامك لقواعد اللغة، وكما يقول (بيتر مندي- سيدليكي)، وهو باحث في علم الأعصاب في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة نيويورك يدرس تشكيل الانطباعات، فإن هذا أمر مشجع الى حد ما، فحتى وإن قمنا بالكثير من الأخطاء، فإذا كنا نمتلك ذلك الشيء الوحيد الذي لا يمكن لأحد آخر القيام به، فإن هذا يمكن أن يفتح الكثير من الأبواب.

بحسب (مندي- سيدليكي)، لا يمتلك الجميع نفس التحيزات، وذلك لأن ما يعتبره الشخص نادراً يختلف استناداً إلى خبراته الشخصية، لذلك عند تقوم بالتقدم إلى شركات كبيرة، تأكد من القيام بأداء واجبك، وحاول معرفة ما قد يعتبره الشخص الذي يقوم بمقابلتك أو مكان العمل نادراً أو غير عادي، واستخدام ذلك لمساعدتك في تمييز نفسك عن الآخرين.

القصص تساعدنا على أن نكون متزامنين

قام علماء الأعصاب أيضاً بتسليط الضوء على كيفية تشكيل الأشخاص للاتصالات مع بعضها البعض، وقد كان (يوري حسون)، وهو عالم أعصاب في جامعة برنستون، يعمل لفهم ما يحدث في الدماغ عندما يتفاعل الأشخاص مع بعضهم البعض، وفي إحدى الدراسات التي تم إجراؤها في عام 2010، وجد فريق (حسون) أنه عندما يستمع الأشخاص إلى قصة شخص آخر، فإن أنماط التنشيط الدماغي لديه تبدأ في تقليد صاحب الراوية، وكلما كان المستمع يفهم القصة بشكل أفضل، كان ذلك التشابه في النشاط الدماغي يصبح أكبر، لذلك، يمكنكم استخدام الاتصال لنشر الأفكار من خلال جعل الأدمغة المختلفة مماثلة لأدمغتكم، وكأنهم يخوضون التجربة التي خضتوها أنتم في الأصل.

ما يزال على علماء الأعصاب حتى الآن تحديد العوامل التي قد تساعدك على مزامنة دماغ الشخص الذي يجري المقابلة معك مع دماغك الخاص، ولكننا مع ذلك نمتلك أدلة يمكننا الاستفادة منها في الوقت الحاضر.

على سبيل المثال، إخبار قصة شخصية قد يساعد، فقد ثبت بأن الروايات الفريدة والعاطفية تعلق بأذهاننا، كما أن الأشخاص يكونون أكثر عرضة لتذكرها، وهذه الأنواع من القصص هي أيضاً الأفضل في مزامنة النشاط في أدمغة المستمعين، لذلك بدلاً من التباهي بنقاط قوتك أثناء المقابلة، حاول عرض هذه النقاط من خلال روي قصة عن وظيفة سابقة أو عن تدريب قمت به، فمن خلال مشاركة شيئاً عن نفسك، سيكون لديك فرصة أفضل في صنع انطباع دائم.

 

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير