الصناعة والإبتكار

رواندا من الحرب الأهلية إلى الريادة في الأقمار الصناعية في أفريقيا .. كيف فعلتها!

عندما تذكر بلد أفريقية كرواندا، فإن أول ما يخطر ببال الكثير منا هو الحرب الأهلية التي إجتاحتها سنوات عديدة، حيث إندلعت الحرب بين قبيلتي التوتسي والهوتو، كما يخطر ببالنا مباشرة المجاعات والفقر الذي كان سمة لبعض الدول الإفريقية.

إلا ان الإستقرار النسبي الحاصل مؤخرا في دولة رواندا دفع الحكومة للتفكير بشكل سريع في أهم الحلول التي يمكن أن تزيد من إستقرار البلاد.

وعلى الرغم من أن الدولة حديثة عهد بإستقرار إلا ان أدارة الرئيس الحالي بول كاغامي أولى اهتماماً كبيرا للعلوم، ولدعم التقنية أدت إلى إطلاق دولة رواندا ٦ أقمار صناعية خلال الأيام الماضية.

وننقل هذه التجربة من دولة كانت تعاني حروباً أكثر من الحروب التي تخوضها المنطقة العربية اليوم، إلا ان الإستقرار السياسي، ووجود إرادة حقيقية غيّر المعادلة إلى الأبد من خلال إستقطاب العلماء وتحفيز الإبتكار.

حيث أعلنت شركة (OneWeb) وهي شركة اتصالات عالمية مقرها المملكة المتحدة ارسالها بنجاح أول ستة أقمار صناعية تابعة لها على مدار قريب من الأرض، ومن المتوقع أن تعمل احدى هذه الأقمار على تزويد الانترنت ” واسع النطاق وفائق السرعة” في المناطق النائية والريفية مثل رواندا بالتحديد.

أُطلق صاروخ يحمل ستة أقمار صناعية في تمام الساعة 23:38 (بتوقيت غرينتش) من ساحل المحيط الأطلسي في مركز غويانا للفضاء الواقعة في فرنسا، وهي محطة فضائية تستخدمها دول الاتحاد الأوروبي غالبًا. ويرجع السبب في اختيار غويانا بالتحديد كنقطة انطلاق للأقمار الصناعية والرحلات الفضائية، هو أن عملية اطلاق الصواريخ تتم- بشكل عام- فوق المياه “المناطق المفتوحة” حول خط الاستواء وإلى الشرق منه. لهذا تعتبر فرنسا هي نقطة الانطلاق وموقع اطلاق الأقمار الصناعية لدول الاتحاد الأوروبي، أما الولايات المتحدة فتعمل على إطلاق أقمارها الصناعية من الجنوب في ولاية فلوريدا.

وبحضور مجوعة من من كبار الشخصيات البارزة تمت عملية اطلاق الصاروخ- الذي يحمل الأقمار الصناعية التابعة لشركة ون ويب- مثل الملياردير ريتشارد برانسون من فيرجن قروب (Virgin Group)، طاقم من شركة اير باص، مجموعة من المدراء الكبار من بنك سوفت الياباني، بالاضافة للعديد من الورزاء الفرنسيين.

وخلال البث المباشر على الهواء، تمت عملية إطلاق الصاروخ الحامل للأقمار الصناعية عبر انفصال تم على ثلاثة مراحل، حيث تحركت الأقمار الصناعية في مسارها المخطط له ومن ثم تم تحريرها على بعد 1000 كيلو متر حتى تكون الأقمار الصناعية قادرة على ارسال الاشارات للمحطات وأبراج التحكم الموجودة على الأرض، حيث ستساهم هذه العملية لشركة ون ويب أن تعمل على تزويد وتوزيع الانترنت ” واسع النطاق وفائق السرعة” على العديد من دول العالم المختلفة خصوصًا الريفية والنائية.

كما أنه وبحلول الساعة 23:50 تحركت الأقمار الصناعة إلى مسافة أكثر من 3340 كلم، وأعلن مدير الرحلة من غرفة التحكم أن الرحلة ستتوجه نحو شمال المحيط الأطلسي في بحر الكاريبي وأكد على أن الرحلة تسير وفق ما هو مخطط له.

حيث  ستسمح هذه الخطوة لمنطقة (Groupe Scolaire St Pierre Nkombo) الواقعة في جزيرة (Nkombo)  وسط بحيرة (kivu) أن تكون أوائل المستفيدين من خدمة الانترنت “واسع النطاق ” عبر القمر الصناعي أطلق عليه اسم ” Icyerekezo”

حيث أن العديد من المدارس الواقعة في المناطق النائية والريفية يصعب فيها عمليات تمديد شبكات الألياف التي تزود الانترنت والذي جعل سكان منطقة سانت بيير نكومبو “سابقًا” غير قادرين على استخدام الانترنت والاستفادة من الأدوات التكنولوجية المعلوماتية والاتصالات المتاحة عالميًا، والذي بدوره ساهم في جعل الحكومة في رواندا أن تعمل على تطوير قطاع التعليم من خلال هذه الخطوة.

كما أن استخدام الأقمار الصناعية كمزود لخدمة الانترنت (في رواندا) سيعمل على تقليل التكلفة بشكل كبير جدًا مقارنةً فيما لو تم استخدام شبكات ألياف الانترنت التقليدية والتي قدرت تكلفتها وزراة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والابتكار بحوالي ملياري دولار أمريكي.

ومن الجدير بذكره أن اعلان وزارة المعلومات والاتصالات والابتكار عن اطلاق هذا القمر الصناعي لن يعمل فحسب على تزويد خدمة الانترنت في رواندا فحسب بل وسيعمل على توفير خدمات أخرى للمناطق النائية والريفية الأخرى على حدٍ سواء.

أما عن المساعي المستقبلية، فتخطط رواندا العمل على اطلاق قمر صناعي آخر قبل نهاية العام الحالي بالشراكة مع الحكومة اليابانية.