تقنية

خزن تاريخ الإنسانية لـ14 مليار سنة .. رقاقة ذاكرة خارقة بحجم قطعة نقود

ماذا سنفعل بعد أن تتراكم لدينا قرون من البيانات المخزنة؟ جبل من الموسيقى والأفلام والكتب الإلكترونية؟ هل ستختفي في العدم بسبب عدم وجود مكان يضمها؟ وهل سيضيع الإرث الشري بهذه السهولة؟ فريق علماء من جامعة ساوثامبتون، قرر أن يأتي بابتكار يقول به: لا !

تاريخ الإنسانية .. في رقاقات ذاكرة أصغر من عقلة الإصبع

الفريق الذي يعمل في مركز أبحاث الإلكترونيات الضوئية أعلن مطلع هذه السنة عن ابتكار متجاوز وجديد أطلق عليه اسم “ذاكرة السوبرمان الزجاجية” Superman memory crystal ، مستحضراً صوراً من الأداة التي ظهرت في فيلم “سوبرمان 2” الذي ظهر عام 1980، هذا الابتكار قادر على تخزين تسجيل لتاريخ الإنسانية جمعاء.

تتم عملية التخزين عبر حفر البيانات على الزجاج باستخدام ليزر قادر على عمل مسح لرقاقة الذاكرة الزجاجية في خمس أبعاد (5D)، وتصل كمية البيانات التي تستطيع ضمها إلى 360 تيرابايت للرقاقة الواحدة، كما إنها تقاوم الظروف ويصعب تدميرها، فهي قادرة على الاستقرار الحراري الذي يصل لاحتمال 1832 فهرنهايت ( 1000 درجة سلزيوس)، أما بظروف الغرفة العادية، فهي تستطيع نظرياً أن تنجو إلى الأبد.

بعبارة أخرى، فإن هذه الذاكرة الزجاجية النانوية تستطيع أن تخزن بيانات ما يصل إلى 14 مليار سنة، يمكن للجميع أن يطمئن الآن على الإرث الموسيقي والأفلام والكتب الخاصة بالبشر، إنها في مكان آمن، وفي أصغر حيز ممكن، وهو الشئ الذي دفع الأستاذ بيتر كازانسكي العامل في المركز للقول بأنه من المثير التفكير بأنهم صنعوا تكنولوجيا لحفظ الملفات والمعلومات وتخزينها في مساحة للأجيال القادمة، مضيفاً إن هذه التكنولوحيا تستطيع حماية آخر دليل على حضارتنا، كل ما تعلمناه لن يندثر في النسيان.

من الجمهور الذي سيتسابق للحصول عليها؟

الفريق المصنّع لهذه الذاكرة الزجاجية يعتقد إنه سيكون مفيداً للمنظمات التي لديها ملفات كبيرة عليها الاحتفاظ بها، هذا يتضمن المتاحف والمكتبات، والأرشيف الوطني، وقد تم مسح بعض الملفات بواسطة هذه التكنولوجيا الجديدة لتخزينها، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكتاب البصريات لإسحق نيوتن، و “الماجنا كارتا” أو الوثيقة العظمى الإنجليزية، بالإضافة إلى إنجيل الملك جيمس.

كيف تعمل ذاكرة السوبرمان؟

جذور هذه التكنولوجيا بدأت من العام 2013، حين تمكن العلماء من تسجيل 300 كيلوبايت من نسخة رقمية من ملف كتابي على شريحة ذاكرة من الكوارتز، بشكل خماسي الأبعاد، الأبعاد الخمسة هي: الطول، العرض، الارتفاع، وكيف يتم توجيه الهدف، بالإضافة إلى الموقع.

المؤرخون تمكنوا بفضل هذه التكنولوجيا الجديدة من تسجيل ملفات ضخمة باستخدام الليزر الذي ينتج نبضات ضوء قصيرة جداً ومركزة، بعد المسح تتم كتابة الملف في ثلاث طبقات من النقاط النانوية المفصولة بمسافة مساوية لواحد في المليون من المتر، ويمكن للتركيب النانوي أن يغير الطريقة التي يعبر بها الضوء خلال الزجاج، عبر إحداث حالة من استقطاب الضوء مشابهة للطريقة التي يتغير بها ضوء الشمس في نظارات الشمس المستقطبة.

ماذا بعد ؟

العمل على هذه الذاكرة الزجاجية لم ينته بعد، فقد قال أحد أعضاء الفريق أن هدفهم القادم هو زيادة سرعة الكتابة بالإضافة إلى تطوير محرّك (drive) لا يحتاج إلى ميكروسكوب لقراءة الذاكرة، مضيفاً أنهم يعملون على تكنولوجيا مشابهة لتلك التي تستخدم في قراءة الأقراص التقليدية CD والـDVD، مع إدخال بُعدين إضافيين، لتصبح قارئة خماسية الأبعاد. هذه التكنولوجيا لن تحفظ كل ما يهمك فحسب في ذاكرة داخل راحة اليد، بل ما يهم البشرية كلها.