حروب غير تقليدية

حرب المياه … هل نجحت إسرائيل في سرقة المياه العربية؟

حرب المياه التي تخوضها إسرائيل محاولة السيطرة على منابع المياه في العالم العربي قديمة قدم التفكير في سرقة الأرض، وليست وليدة اللحظة، ولا أدل على هذا من كلمة ديفيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل عام 1955م.

“يخوض اليهود معركة مياه مع العرب، ويتوقف مصير إسرائيل على نتائج هذه المعركة، فإذا لم تنجح إسرائيل في هذه المعركة فإننا لن نستمر في فلسطين” ديفيد بن غوريون

تشكل المياه أولوية على رأس الدولة اليهودية حتى قبل نشأتها، ويزعم اليهود أن حدود دولتهم من النيل إلى الفرات وهو ما يتمثل في علمهم المزعوم بالخط الأزرق العلوي والسفلي.

في عام 1919م، كانت أهم القرارات الصادرة من المؤتمر الصهيوني العالمي بسويسرا كالتالي: “علينا تذكير عصبة الأمم بضرورة إدخال المياه اللازمة للري والكهرباء ضمن الحدود الإسرائيلية شاملة نهر الليطاني وثلوج جبل الشيخ”. 

 مطامع إسرائيل في المياه الفلسطينية

وبعد الاحتلال عام 1948م، أصدرت حكومة إسرائيل قرار تأميم المياه في أغسطس عام 1949م أي يحق للحكومة الإسرائيلية فقط حق التصرف في المياه باعتبارها ملكاً عاماً، كما عمدت الحكومة الصهيونية إلى إصدار مجموعة من القرارات العسكرية التي بموجبها أحكمت سيطرتها على المياه الفلسطينية من خلال عدة إجراءات، ومنها: 

  • فرض قيود على استغلال الفلسطينيين للمياه في الضفة.
  • تقييد حفر الآبار الزراعة في الضفة مع السماح لليهود بحفر العديد من الآبار في مستوطنات الضفة.
  • حفر سلسلة من الآبار على طول خط الهدنة مع قطاع غزة لاستنفاذ المياه العذبة وتقليل المياه الجوفية المنسابة إلى الخزان الجوفي في قطاع غزة.

وقد أدت هذه الإجراءات إلى زيادة نسبة الملوحة في المياه الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي للفلسطينيين.

أيضاً تستنفذ إسرائيل ما يقارب 562 مليون متر مكعب من مياه الضفة وغزة بشكل مباشر أي حوالي 86.5% من جملة المياه الفلسطينية الجوفية والسطحية، فيما يشكل الاستهلاك الفلسطيني أقل من 13.5% فقط.

 

مطامع إسرائيل في مياه العرب خارج حدودها

لم تتوقف أطماع إسرائيل في سرقة المياه على الحدود الفلسطينية فحسب، لكنها امتدت لتشمل الأراضي العربية المحيطة بها ومنها:

  • حاولت إسرائيل ضم منابع نهر الأردن ونهر الليطاني إليها من خلال امتياز حصلت عليه لصالح شركة روتنبرغ من الحكومة البريطانية؛ لاستغلال مياه نهر الأردن واليرموك لتوليد الكهرباء لمدة 70 عاماً ما أثر بالسلب على الأردن وحرمها الاستفادة من مياهها، لكنها فشلت بسبب الرفض السياسي الفرنسي في سوريا ولبنان آنذاك واشتعال الثورات الفلسطينية المتوالية.
  • تبنت مشروع خطة السنين السبع الذي يهدف إلى زيادة مواردها المائية من 820 مليون متر مكعب إلى 1730 مليون متر مكعب حتى عام 1960م.
  • أهم المشاريع على الإطلاق، مشروع تحويل مجرى نهر الأردن عام 1953م، إلا أن المشروع فشل بسبب شكوى سوريا في مجلس الأمن وتبعه إيقاف الولايات المتحدة مساعداته المالية لإسرائيل. وتوالت المشاريع…

 

مطامع إسرائيل في مياه لبنان

نظراً لتمتع لبنان بطبيعة جغرافية متميزة وثروة مائية كبيرة بالإضافة إلى جباله الشاهقة التي تتراكم عليها الثلوج ما يؤدي إلى تكاثف الغيوم وسقوط كميات كبيرة من الأمطار عليها؛ لذا كانت مياه لبنان مطمعاً أساسياً للصهاينة حتى قبل احتلال فلسطين.

حاولت إسرائيل السيطرة على مياه نهر الليطاني بشتى الطرق لري مساحات واسعة من الأراضي وجلب المهاجرين اليهود للمنطقة، بالرغم من أن نهر الليطاني من منبعه إلى مصبه يجري داخل الأراضي اللبنانية. 

لذا احتلت إسرائيل جنوب لبنان ليس بزعم الأمن كما أشيع، لكن للسيطرة على جزء من الأراضي والمياه اللبنانية وبالفعل تمكنت من ري 25 ألف هكتار من الأراضي المحتلة بعد احتلال الجنوب اللبناني.

مطامع إسرائيل في مياه نهر النيل

بالرغم من معاهدة السلام بين مصر والدولة اليهودية، إلا أن مطامع إسرائيل في مياه النيل ما زالت مستمرة. فقد تطلعت إسرائيل إلى جر مياه النيل عبر قناة تمر أسفل قناة السويس يحصل بها اليهود على 1% من مياه النيل التي في نظر إسرائيل لا تعني شيئاً لمصر. كما عرضت على الحكومة البريطانية التي احتلت مصر سابقاً تأجير شبه جزيرة سيناء لمدة 99 عاماً إلا أن الحكومة المصرية آنذاك رفضت العرض. 

الجدير بالذكر أن إسرائيل استغلت تقاربها من إثيوبيا وحرضت الأخيرة ضد مصر والسودان لرفع دعاوى دولية لإعادة توزيع مياه النيل وفق مبدأ عدالة التوزيع، كما أنشأت إسرائيل بحكم تقاربها مع إثيوبيا 3 سدود مائية على النيل الأزرق الذي يمد مصر بحوالي 75% من المياه بحجة توليد الكهرباء.

كانت ولا زالت مطامع الصهاينة واضحة وصريحة في المياه العربية ومحاولة سرقتها، لكن للأسف في كل مرة لا تجد لهذه التصريحات أي صدى على مستوى الدول العربية أو الجامعة العربية. 

 

المصدر: 

شارك
نشر المقال:
نورا جمال