فضاء

النجوم المغناطيسية: أكثر النجوم خطورة في الكون

يمكن اعتبار الكون بأسره تقريباً كمكان مخيف وعدائي، وذلك بصرف النظر عن بعض الكواكب التي يرجح أن تكون غير مؤذية والتي تقع في الزاويا المنعزلة من مجرة درب التبانة.

في حين أن الأرض تستغرق حوالي 80 عاماً لقتلك، فإن هناك أماكن أخرى في الكون تقع على الطرف الآخر تماماً من الطيف، أماكن من شأنها أن تقتلك في جزء من جزء من الثانية، وليس هناك ما هو أكثر فتكاً من النجوم المتفجرة والبقايا التي تتركها وراءها، أي النجوم النيوترونية.

كما تعلمون، تتشكل النجوم النيوترونية عندما تنفجر نجوم أكثر ضخامة من شمسنا لتتحول إلى سوبرنوفا، وعندما تموت هذه النجوم، لا يعود لديها ضغط الضوء الذي يندفع إلى الخارج لمواجهة الجاذبية الكبيرة التي تسحبها إلى الداخل.

تكون هذه القوة الداخلية الهائلة قوية للغاية بحيث تستطيع التغلب على القوة الطاردة التي تحافظ على الذرات من الانهيار، لذلك يتم دفع البروتونات والإلكترونات إلى المساحة ذاتها، مما يدفعها لتصبح نيوترونات، وبهذا يصبح كل شيء مؤلف فقط من النيوترونات، وذلك بغض النظر إن كانت تلك النجوم تحتوي على الهيدروجين والهليوم والكربون والحديد قبل هذا.

عندما تتشكل النجوم النيوترونية لأول مرة تكون نجوماً نابضة، وذلك عندما يتم ضغط النجم السابق بأكمله إلى حزمة صغيرة جداً، كما أنه وتبعاً لقانون انحفاظ الزخم الزاوي، فإن النجم يبدأ بالدوران بسرعات هائلة قد تصل أحياناً إلى مئات الدورات في الثانية.

ولكن عندما تتشكل النجوم النيوترونية، فإن واحداً من كل عشرة منها يفعل شيئاً غريباً حقاً، وهذا الشيء يحوله إلى أحد أكثر الأشياء الغامضة والمرعبة في الكون، حيث يصبح نجماً مغناطيسياً، ولكن ما هي هذه النجوم؟

كما أشرنا سابقاً، فإن النجوم المغناطيسية هي نجوم نيوترونية تشكلت من النجوم المتفجرة، ولكن شيئاً ما غير عادي يحدث أثناء تشكلها، ويجعلها تدوّر المجال المغناطيسي من حولها إلى مستويات شديدةً جداً، وفي الواقع، لا يعلم علماء الفلك بالضبط ماذا يحدث ليجعلها قوية جداً إلى هذه الدرجة.

تشير إحدى النظريات إلى أنه إذا استطعنا إيصال سرعة الدوران ودرجة الحرارة والمجال المغناطيسي للنجم النيوتروني إلى مستويات معينة، فإن هذا سيطلق آلية دينامو تعمل على تضخيم المجال المغناطيسي لآلاف الأضعاف، ولكن الاكتشافات الحديثة قدمت لنا أدلة جديدة عن الكيفية التي تشكلت فيها هذه النجوم، حيث اكتشف علماء الفلك وجود نجم مغناطيسي على المسار المؤدي إلى خارج درب التبانة، ولقد رأى الباحثون نجوماً مثل هذه النجوم، واكتشفوا بأنه يتم لفظها عندما ينفجر أحد النجوم في نظام ثنائي ليتحول إلى سوبر نوفا، أي بعبارة أخرى، فإن هذا النجم المغناطيسي كان في الأصل جزءاً من نظام ثنائي النجوم.

عندما كان هذان النجمان معاً، كانا يدوران حول بعضهما على مسافة أقرب من المسافة التي تفصل الأرض عن الشمس، وعند هذه المسافة، يمكن للنجمين تبادل المواد فيما بينهما.

عادة، يبدأ النجم الأكبر بالموت أولاً، ناقلاً بذلك بعضاً من مواده إلى النجم الأصغر، وهذه الزيادة في بنية كتلة النجم الأصغر تجعله يدور بسرعة تصل إلى نقطة تجعله ينمو ليصبح أكبر حجماً، ويقذف المواد مرة أخرى إلى النجم الأول.

عند هذه النقطة، ينفجر النجم الذي كان أصغر حجماً في البداية ليتحول إلى سوبر نوفا أولاً، قاذفاً بذلك النجم الآخر إلى مسار خارج النظام، ويتبعه النجم الثاني بعد ذلك، ولكن بدلاً من تشكيل نجم نيوتروني عادي، كل هذه التفاعلات الثنائية تحوله إلى نجم مغناطيسي، وبهذا يكون قد تم حل اللغز.

إن قوة المجال المغناطيسي التي تحيط بالنجم المغناطيسي تفوق الخيال، فإذا ما قمنا بإنشاء مقارنة بسيطة، سنجد بأن المجال المغناطيسي للب الكرة الارضية يساوي حوالي 25 غاوس، وهنا على السطح، تكون قوة المجال المغناطيسي أقل من نصف غاوس، أما قوة المجال المغناطيسي للمغناطيسات العادية فهي حوالي 100 غاوس، ولكن إذا ما نظرنا إلى النجم النيوتروني العادي سنجد بأنه يمتلك مجال المغناطيسي يساوي تريليون غاوس، وبالنظر إلى أن قوة المجال المغناطيسي للنجم المغناطيسي أكبر بــ1000 مرة من النجم النيوتروني، فإن هذا سيجعل قوة المجال المغناطيسي للنجم المغناطيسي تساوي كوادريليون غاوس.

وهنا يأتي السؤال الأهم، ماذا يحدث إن اقترب إنسان من نجم مغناطيسي؟ حسناً، ما سيحدث هو أن الحقل المغناطيسي القوي للنجم المغناطيسي سيعبث بإلكترونات جسم ذلك الإنسان على بعد نحو 1000 كيلومتر من النجم، وهذا سيجعله يتمزق حرفياً على المستوى الذري، وحتى الذرات نفسها ستتشوه ولا تعود صالحة للاستعمال لدعم الحياة فيه.

ولكن إن حدث ذلك، فإن ذلك الشخص لن يلاحظ لأنه يكون قد مات بالفعل نتيجة الإشعاع الكثيف الصادر عن النجم المغناطيسي، وجميع الجزيئات القاتلة التي تدور حوله وتكون محاصرة في مجاله المغناطيسي.

إحدى أروع جوانب النجوم المغناطيسية هي الطريقة التي يمكن أن تصاب بها بالزلازل النجمية، وهي زلازل، ولكن على المستوى النجمي، حيث أنه عندما تتشكل النجوم النيوترونية، فإنها يمكن أن تمتلك قشرة قاتلة من الخارج، تحيط بالمواد المتدهورة والتي تموت ببطء في الداخل، وهذه القشرة من النيوترونات يمكن أن تتصدع، بذات الطريقة التي تتصدع فيها الصفائح التكتونية على الأرض، ولكن مع حدوث هذا، فإن النجم المغناطيسي يطلق انفجاراً من الإشعاع  يمكن رؤيته بوضوح عبر درب التبانة.

في الواقع، فإن أقوى زلزال نجمي تم تسجيله عبر التاريخ جاء من قبل نجم مغناطيسي يسمى (SGR 1806-20)، وهو نجم يقع على بعد حوالي 50000 سنة ضوئية عنا، وخلال تلك الحادثة، أطلق الزلزال النجمي خلال عشر ثانية طاقة تزيد عن الطاقة التي تصدرها الشمس خلال 100,000 سنة، وهذه الطاقة لم تكن صادة حتى عن سوبر نوفا، بل عن  مجرد شق على سطح نجم مغناطيسي.

بالمختصر، يمكن القول بأن النجوم المغناطيسية مروّعة، ويمكن أن توفر لنا لمحة عن الوجه الآخر للكون الآمن الذي نعيش فيه، ولحسن الحظ، فهي بعيدة جداً عنا، ولن يكون علينا أن نقلق حتى من احتمال اقترابها إلينا.