التصنيفات: تقنية

المستقبل الخفي للتقنيات القابلة للإرتداء

قد يبدو لك مصطلح “التقنيات القابلة للإرتداء” غبياً عندما تفكر فيه، فإذا اعتبرانا أن نظارات (جوجل) وساعة (أبل)، والجوارب الذكية التي تتبع تدريباتك كتقنيات قابلة للإرتداء، لأننا يمكننا ارتداؤها، أفلا يجب عندها أن نعتبر أن سيارة تسلا من موديل إس، والأي فون، وشاشة مايكروسوفت التفاعلية (Microsoft Surface Hub) كأجهزة كمبيوتر فقط لمجرد أنها تمتلك شاشات ومتصفحات؟ إذا كانت التقنيات القابلة للإرتداء هي الأشياء التي يمكن أن تلبس، أفلا يجب اعتبار سماعات الواقع الإفتراضي من التقنيات القابلة للإرتداء أيضاً؟ وإذا وضعت الهاتف في حافظة على حزامك، هل يصبح من التقنيات القابلة للإرتداء؟ لسنوات، لم يكن لدينا مصطلح نعبر من خلاله عن العالم المستقبلي الذي سيصبح فيه كل ما نرتديه مرتبط ومتصل بأجهزة أخرى بطريقة ما، ولكننا الآن لم نعد بحاجة إلى مثل هذا المصطلح.

في العام الماضي، أثبتت الشركات من كل القطاعات الصناعية تقريباً بأن “التقنيات القابلة للإرتداء” ليست فئة مجدولة، بل هي كل شيء، ابتداءً بإطلاق (رالف لورين) لقميص (PoloTech) قبل بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، إلى عملاق الألماس (سواروفسكي) الذي حول سوار (Misfit Shine) التقني إلى إكسسوار أنيق يمكن إرتداؤه طيلة أيام الأسبوع، وقيام (كارل لاغرفيلد) بطباعة خط ملابس شانيل بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، ومن هنا نلاحظ بأن الأزياء والتكنولوجيا كانا مترافقان طيلة عام 2015، حتى أنه أصبح بالإمكان شراء ساعة (أبل) الذكية من محلات الأزياء الراقية، كما قامت ساعات (Tag Heuer) للرجال بإدخال نظام أندرويد وير لتكون الشركة المنافسة لساعات آبل في مجال الساعات الذكية، وهذه الأشياء لم يتم ابتكارها هباءً، فهي خطوة في طريق التطور، وجزء في السعي لأتمتتة كل شيء، كما وقد حققت التقنيات القابلة للإرتداء مستوى رائع من الأناقة في عام 2015 على عكس ما اعتدناه سابقاً.

وجدت شركة التحليل (IDC) أنه قد تم شحن ما يقرب من ثلاثة أضعاف التقنيات القابلة للإرتداء في الربع الثالث من عام 2015 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014، ولأن أجهزة تتبع اللياقة البدنية والساعات الذكية بدأت تشكل الهدايا الأكثر إنتشاراً في العالم بأسره، فمن المتوقع أن ينمو هذا العدد في الربع القادم، وبناءً عليه سيصل المقدار إلى أكثر من ثلاثة أضعاف في السنوات القليلة المقبلة.

في الوقت الراهن، ماتزال الشركات التكنولوجية الكبيرة –مثل فيتبيت، وأبل وموتورولا وXIAOMI)) وسامسونج وما شابههم- تهيمن على سوق المبيعات، وهذا الجزء من السوق سوف يستمر في النمو، وخاصة مع دخول شركات التأمين إلى هذا المجال، حيث أنها بدأت بتحفيز الأشخاص على استخدام أجهزة تتبع اللياقة البدنية، ومع تطور المتتبعات وحيازتها لقدرة أكبر على تتبع البيانات وتقديم توصيات شخصية بطريقة أفضل، سوف نحصل على المزيد الفائدة من هذه الأجهزة.

جميع هذه الشركات التكنولوجية أنفقت عدداً لا يستهان به من السنوات لابتكار إصدارات أجمل من الأجهزة التي توضع على المعصم، فربما أصبح بإمكانك الآن التعرف على سوار (فيتبيت) بمجرد النظر إليه، وبالتأكيد يمكنك ملاحظة المربع الأسود لساعات آبل بمجرد أن ترتفع الأكمام كاشفة عنها للحظة، إنها تصبح أجمل، ولكنها مع ذلك لا تزال تحتفظ بمظهرها التكنولوجي الصارخ.

إذا كانت قد تسنت لك الفرصة لحضور أسبوع الموضة، فيمكنك عندها أن تكوّن فكرة مبدأية عما يمكن أن نراه في المستقبل القريب العاجل، فمن الملاحظ من خلال أسبوع الموضة بأن التكنولوجيا بدأت تتلاشى وتختفي داخل ثنايا الملابس، التي لم تعد تقتصر على كونها مجرد أقمشة، كما أن هذا المعرض أفسح لنا فرصة التعرف على التقنيات الجديدة القابلة للإرتداء، التي أصبحت عبارة عن مجوهرات تمتلك ضمنها تقنيات عالية الأداء، كما رأينا شركات مثل (Ringly) و(Misfit) وهي تبدأ في محاولة اكتشاف الكيفية التي يمكن من خلالها جعل الأجهزة تعمل حتى عندما لا تحتوي على شاشات، وكيف يمكن اختصار كل التكنولوجيات في ضوء (LED) وامض واحد، وهذا كله يعود في جزء كبير إلى رقاقة (Curie ) الصغيرة من إنتل، والتي تمكن المصممين من تضمينها بشكل يكاد يكون غير مرئياً ضمن مجموعة واسعة من الأجهزة، حيث أصبح من السهل الآن إدخال جهاز تتبع للياقة بدنية وجهاز بلوتوث إلى كل شيء تقريباً.

تبعاً لـ(ريك يانغ)، وهو شريك في شركة (New Enterprise Associates)، فإن 2016 ستكون سنة “التقنيات المخفية القابلة للإرتداء”، حيث أن شركات اللياقة والأزياء بدأت تدمج أجهزة الاستشعار والتتبع بطريقة لا يمكن لمعظم الأشخاص ملاحظتها أبداً، فابتداءً بساعات (Activite) من شركة(Withings)  إلى خط ساعات (Q) من شركة (Fossil)، يحاول المصممون دمج ميزات رائعة ووظائف جديدة ضمن أشياء سترغب في ارتدائها حتى ولو لم يمكن بإمكانها أن تخبرك ما إذا كنت قد نمت جيداً في الليلة الماضية أم لا.

إن التقنيات القابلة للإرتداء التي رأيناها حتى الآن هي مجرد خطوة أولى من ثلاث خطوات، فالخطوة الأولى تتمثل بظهورها كأجهزة تكنولوجية عادية، رغم أن المصممين القائمين على كل من نظارات (جوجل) وساعة (أبل) و(فيتبيت) يسعون باستمرار لتحسينها، ولكن هذه التقنيات جميعاً لا تزال تبدو وكأنها أجهزة، بعد ذلك، ستصبح هذه التقنيات تبدو على نحو أفضل، فشركات التقنيات القابلة للإرتداء الأكثر أهمية في الوقت الحالي هي تلك التي تقوم بتصنيع أشياء يمكن ارتداؤها بالفعل بدون أن تظهر وكأنها آلات بشكل صارخ، مثل (فوسيل) و(سواروفسكي)، وكان عام 2015 هو بداية هذا التحول من التكنولوجيا العصرية إلى الأزياء التكنولوجية.

والخطوة الثالثة هي عندما تصبح التكنولوجيا جزءً من كل شيء، ومشروع (Jacquard) من جوجل هو مثال على ذلك، فالمصممون يعملون لنسج تكنولوجيا الاستشعار التي تعمل باللمس ضمن القماش، والجدير بالذكر هنا أن النسخة المطورة من هذا القماش، والتي سيكون اسمها (Yarn 2.0)، ستضع أجهزة الاستشعار ضمن الأحذية، بحيث يقوم القميص بتتبع معدل ضربات قلبك، وتخبرك الجوارب بأن قدماك أصبحتا بحاجة للغسل.

بعد ذلك بوقت ليس بطويل، قد يصبح لديك وشم أو رقاقة تحديد هوية بالترددات الرادوية (RFID) مدموجة في ذراعك يمكنها تأدية كل مهام التتبع والاستشعار وأكثر من ذلم، ولكن التفكير بهذا الأمر لا يزال مبكراً، فحتى الآن، ومما قد تعلمناه في عام 2015، أكثر التقنيات القابلة للإرتداء إثارة لا تبدو مثل أجهزة الكمبيوتر، بل إنها لا تبدو مثل أي شيء على الإطلاق، إنها تبدو تماماً كأي لباس طبيعي يمكن أن ترتديه في كل يوم، وهذا هو مستقبل التقنيات القابلة للإرتداء.