الكمبيوتر يستطيع أن يكشف مشاعرك التي تخفيها عن البشر

عندما يصرخ فيك مديرك في العمل، وتنجح في أن تبدو متماسكاً دون أي ردة فعل، تشعر أنك فخور بنفسك، لأن أحداً لم يلتقط امتعاض وجهك الخفيف، أو الضحكة الساخرة في داخلك، لأنك جاهدت كثيراً كي تخفيها، لكن، ربما عليك أن تشعر بالقلق، الكمبيوتر يستطيع الآن أن يكشفك، مع هذا البرنامج الجديد.

كثير من الناس لا يستطيعون التقاط التعبيرات الدقيقة والخفية جداً على الوجوه، فهي تغيرات صغيرة جداً تكشف ما نشعر به في الحقيقة، ونجاهد لمحاولة إخفائها في المواقف، ربما نحاول إخفاء الحزن، أو الحب، أو الشماتة، أو السخرية، وبالتالي، فما على الذكاء الاصطناعي إلا أن يفهم ما تعنيه هذه التعبيرات والحركات الصغيرة، ليدرك حقيقة ما يجري في الداخل.

حتى إذا كان هناك أشخاص يستطيعون التقاط هذه التعبيرات الصغيرة جداً، فإنهم ليسوا دقيقين دائماً، ولهذا، ففي 2012، قال علماء من فنلندا أنهم جائوا بأول نظام يستخدم الكمبيوتر ليكشف التعبيرات الصغيرة على الوجوه، وقد قالوا في ورقتهم البحثية أنهم فكروا في الاتجاه للكمبيوتر، لأن دقة الإنسان في ملاحظة هذه الأمور لا تتعدى 47 بالمئة من المرات.

الشئ المثير أن الكمبيوتر الذي تحدثوا عنه ازداد مهارة مع الوقت، فقد قام شياوبي لي وفريق الباحثين  الفنلندي نفسه بمشاركة الخوارزمية التي تستخدمها آلتهم الجديدة للرؤية في ورقة أخرى أحدث، كما إنهم قالوا أن هذا الكمبيوتر أصبح أفضل في قراءة وجوه البشر من البشر أنفسهم.

ولكي يختبر الفريق كفاءة هذه الخوارزمية، فقد احتاجوا في البداية إلى قاعدة بيانات لكل ما تبدو عليه التعابير أو الاختلاجات الدقيقة في الوجه، ولكي يقوموا بتكوين قاعدة البيانات هذه، طلبوا من 20 مشاركاً متطوعاً في الدراسة مشاهدة فيديوهات صممت لاستثارة ردود أفعال عاطفية، لكنهم أخبروهم أن عليهم إذا أظهروا رد فعل، أنهم سيضطرون لملء استبيان طويل بخصوص ما أبدوه، ما شكل سبباً لكل أفراد المجموعة لإخفاء مشاعرهم بقدر إمكانهم لكي لا يفعلوا ذلك، وهو ما أراده الباحثون، واستطاعوا جمع 164 صورة لتعبيرات دقيقة مستخفية جداً، عبر كاميرا عالية السرعة.

بعد ذلك قام الباحثون بتعليم البرنامج الذي صنعوه أن يتعرف ويترجم هذه التعبيرات، ويستمد البرنامج قواه المميزة للرؤية بسبب قدرته على “تضخيم” التعبيرات الصغيرة، عبر عزل أجزاء الوجه التي تتحرك، ثم يقوم بتعديل لجعلها تتحرك أكثر، وهكذا، استطاع البرنامج تعلم أي المشاعر ترتبط بأي الحركات.

بعد ذلك قرر الفريق أن يختبر قدرات البرنامج بالنسبة لقدرات فريق من البشر، وجعلوا الاثنين يشاهدان فيديوهات لتعابير دقيقة، وقد تم الطلب من المشاركين بأن يعرفوا أي المشاعر ارتبطت بأي تعبير، وقد كان الفريق البشري دقيقاً بنسبة 72 بالمئة، أما الكمبيوتر فقد كانت أفضل دقة وصل إليها هي 82 بالمئة، أما المهمة الثانية التي طلبها الباحثون، فقد كانت أن يلتقط الفريقان أي تعبير دقيق على وجوه الأشخاص في فيديو أطول، وقد جعل الباحثون المهمة أسهل على البشر عندما سمحوا لهم بإعادة الفيديو عدة مرات، كما أنهم طلبوا عدد المرات التي لاحظوا فيها وليس توقيتها بالضبط، ومع إنهم شعروا بأن المهمة صعبة، فقد وصلت دقة البشر –حتى بعد التسهيلات- إلى 50 بالمئة، أما الكمبيوتر فقد حقق 42 بالمئة من الدقة، ويبدو إن كل هذا يعني أن علينا أن نصبح أكثر تماسكاً بكثير، كي نخفي مشاعرنا عن الكمبيوتر.

 

شارك
نشر المقال:
محمد حمزة