التصنيفات: فضاء

الكشف عن أول دليل على وجود المادة المظلمة

بعد أن تم وضع الفرضية الأولى قبل أكثر من 70 عاماً، وبعد عقود طويلة من البحث، يعتقد العلماء أنهم استطاعوا رصد ما يمكن أن يكون أول دليل على وجود المادة المظلمة التي كانت دائماً بعيدة المنال، وذلك بعد إلتقاطهم لإشارات غير متوقعة من مجموعة مجرات كوكبة حامل رأس الغول (Perseus) ومن مجرة المرأة المسلسلة (Andromeda).

ينبعث من جميع الذرات أنماط واضحة من الضوء تسمى الأطياف، وهي ما يوفر لعلماء الفيزياء الفلكية إمكانية تحديد المادة التي تكون الكواكب والنجوم مصنوعة منها على مسافات بعيدة، ولكن عندما قام الباحثون بدراسة الأطياف الصادرة عن كتلة كوكبة (Perseus) ومجرة (Andromeda)، وجدوا ارتفاعات تموّجية في المخطط الطيفي توجد في أماكن  المفترض أن لا يوجد فيها شيء.

يعتقد العلماء في مختبر فيزياء الجسيمات وعلم الكونيات (LPPC) وفي المعهد السويسري الفيديرالي للتكنولوجيا في لوزان  (EPFL) في سويسرا وجامعة ليدن في هولندا، أن هذا التموج هو نتيجة لوجود جسيمات مادة مظلمة متحللة، تقوم باطلاق الفوتونات – جزيئات الضوء- وما دعم هذا الاعتقاد هو أن توزيع الإشارات داخل المجرة كان متوافقاً مع المواقع التي ينبغي أن يتواجد فيها أكبر تركيز للمادة المظلمة -من الناحية النظرية-.

يشير الدكتور (أليكسي بويارسكي)، من جامعة ليدن، أنه من المفترض أن تكون المادة المظلمة موجودة في كل مكان، وذلك على الرغم من أنه من الصعب جداً العثور عليها، لذلك فإن الجميع يبحث عنها، وهذا الاكتشاف قد يكون العلامة الأولى في طريق إيجادها، كما أن تأكيد هذا الاكتشاف قد يؤدي إلى بناء تلسكوبات جديدة مصممة خصيصاً لدراسة الإشارات القادمة من جسيمات المادة المظلمة، وبذلك سيكون الباحثون قادرين على تحديد الإتجاه الذي ينظرون إليه لتقفي أثر البُنى المظلمة في الفضاء، وسيكونوا كذلك قادرين على إعادة تشكيل فهمهم لكيفية تكّون الكون.

تبعاً للعلماء، فإنه لا بد من وجود المادة المظلمة لحساب حركة المجرات والنجوم والكواكب، حيث أنه هناك الكثير من الجاذبية في الكون، لذلك لا بد من وجود شيء إلى جانب المادة المرئية لخلق التوازن، كما أنه يعتقد أن المادة المرئية لا تشكل سوى 20% من المادة في الكون، أما الباقي فهو مادة مظلمة لا تتفاعل مع الضوء، ولذلك لا يمكن رؤيتها، وإضافةً إلى ذلك، فإنه بدون وجود المادة المظلمة في الكون، فإن جميع المعادلات الفيزيائية لا يمكن إتمامها أو برهانها، حيث أن العناصر التي يمكن رؤيتها ليست كافية لشرح دوران الأجسام وقوى الجاذبية الموجودة في الكون.

قام العلماء بتفحص آلاف البيانات التي تم تجميعها من تلسكوب (XMM –Newton) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وبعد أن قاموا بإقصاء جميع الإشارات القادمة من الجسيمات والذرات المعروفة، اكتشفوا وجود شذوذ في تلك المخططات مما أثار انتباههم، حيث ظهرت الإشارات في طيف الأشعة السينية بشكل إنبعاثات فوتونية ضعيفة (جسيم الضوء) لا يمكن أن يعزى إلى أي شكل معروف من المادة.

لاختبار صحة النظرية، قام العلماء بدراسة البيانات المأخوذة من مجرة درب التبانة، وبعد البحث تبين وجود ذات الإشارات في المناطق التي يجب أن توجد فيها المادة المظلمة للحفاظ على دوران المجرة، فتبعاً للدكتور (بويارسكي)، فإن توزيع إشارات داخل المجرة يتوافق تماماً مع ما كان الباحثون يتوقعونه من المادة المظلمة، حيث أن تركزها وكثافتها كان أكبر في المناطق المتوسطة وكانت تتواجد على الحواف ولكن بفاعلية ضعيفة.

أخيراً يُشير الفريق الذي قام بالدراسة بأنه سيتم نشر هذه النتائج في عدد الأسبوع القادم من مجلة Physical Review) Letters)، وإذا ما تأكدت، فإنها تُنذر بولادة عصر جديد في علم الفلك.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير