بيئة ومناخ

القطب الجنوبي: أكبر صحراء في العالم!

ما الذي يتبادر إلى ذهنك عندما تسمع كلمة الصحراء؟ على الأغلب ستبدأ بتخيل الشمس والرمال ومكان يندر فيه هطول الأمطار، قد تتخيل أيضاً وجود بعض الصبار مثلاً، أو النسور والهضاب والعقارب، أو ربما الإبل والواحات، ولكن في الحقيقة، يمكن للصحاري أن تأتي في جميع الأشكال والأحجام، وتختلف اختلافاً كبيراً من جزء لآخر من العالم.

مثل جميع أنواع المناخات التي تسيطر على الأرض، فإن جميع الصحاري تشترك ببعض الخصائص الأساسية، وهي تتضمن كون المنطقة جرداء وجافة وغير معدة لاستضافة الحياة عليها، لهذا السبب، قد يتفاجأ البعض إذا ما علم بأن أكبر صحراء في العالم تقع في الواقع في القارة القطبية الجنوبية.

تعريف

بشكل أساسي، تعتبر الصحراء ببساطة منطقة جافة جداً لأنها لا تتلقى ما يكفي من الماء، ولتعتبر المنطقة بأنها صحراء، يجب أن لا يكون معدل هطول الأمطار السنوي فيها يتجاوز 250 ملليمتر، وهذا الهطول يمكن أن يتخذ شكل مطر أو ثلج أو ضباب – بمعنى آخر أي شكل من أشكال المياه التي تنتقل ضمن الغلاف الجوي للأرض.

يمكن أيضاً أن يتم وصف الصحارى بأنها المناطق التي يكون فيها معدل فقدان المياه عن طريق التبخر أكبر من معدل الحصول عليه عن طريق هطول الأمطار، وهذا ينطبق بالتأكيد على المناطق التي تتعرض لـ”التصحر”، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة (أي تغير المناخ) إلى جفاف قيعان الأنهار، وتغير أنماط هطول الأمطار، وموت الغطاء النباتي.

غالباً ما تكون الصحارى واحدة من أكثر الأماكن الحرارة وقساوة على الأرض، كما هو الحال في الصحراء الكبرى في أفريقيا وصحراء غوبي في شمال الصين ومنغوليا، ووادي الموت في كاليفورنيا، ولكنها يمكن أيضاً أن تكون باردة، وتكون الرياح تعصف فيها دون أن يكون هناك أي تساقط للثلوج أو القليل منها فقط – كما هو الحال في القطبين الجنوبي والشمالي.

خلاصة القول، الحرارة المرتفعة للمنطقة لا تحدد ما إذا كانت تلك المنطقة صحراء أم لا، ففي الواقع، يمكن أن نكون أكثر دقة إذا ما قلنا بأن الصحارى تتميز بعدم وجود الرطوبة، أو وجود رطوبة منخفضة جداً فيها، وسيطرة درجات الحرارة القاسية، والجدير بالذكر هنا أن الصحارى تشكل ثلث سطح الأرض، لكن معظمها يوجد في المناطق القطبية.

القطب الجنوبي

من حيث الحجم الكبير، فإن صحراء القطب الجنوبي هي أكبر صحراء على الأرض، حيث تصل مجمل مساحتها إلى 13.8 مليون كيلومتر مربع، كما أن القارة القطبية الجنوبية هي أبرد قارة وأكثرها عزلة وعصفاً على وجه الأرض، وتعتبر صحراء لأن هطول الأمطار السنوي فيها يمكن أن يكون أقل من 51 ملم في المناطق الداخلية.

تغطي المنطقة صفيحة جليدية دائمة تحتوي على 90% من المياه العذبة على الأرض، وهناك 2% فقط من القارة لا يغطيها الجليد، وهي الأرض التي تمتد على طول السواحل، حيث تتجمع جميع أنواع الحياة التي تقيم على تلك القارة (أي طيور البطريق والفقمة وأنواع مختلفة من الطيور)، والجدير بالذكر أن متوسط سماكة الجليد الذي يغطي الـ98% الأخرى من القارة القطبية الجنوبية يبلغ  1.6 كم.

لا يوجد على تلك القارة سكان بشريون دائمون، ولكن في قد تجد في أي وقت حوالي الـ1000 إلى 5,000 باحثاً يسكنون في المحطات البحثية المنتشرة في جميع أنحاء القارة – وأكبر المحطات البحثية في القارة هي ماكموردو، التي تقع على طرف جزيرة روس، وبالإضافة إلى الأنواع المحدودة من الثدييات التي تعيش على تلك القارة، فلا يوجد سوى بعض أنواع العث والطحالب والنباتات التي تكيفت مع البرد والتي تستطيع البقاء على قيد الحياة هناك.

على الرغم من أن هطول الأمطار قليل جداً في القطب الجنوبي، إلّا أن المنطقة تواجه عواصف واسعة النطاق، وبشكل مماثل للعواصف الرملية في الصحراء، فإن الرياح العاتية تلتقط الثلوج وتحولها إلى عواصف ثلجية، ويمكن لسرعة هذه العواصف أن تصل إلى 320 كيلومتراً في الساعة (200 ميلاً في الساعة) وهي واحدة من الأسباب التي تجعل هذه القارة باردةً جداً.

في الواقع، تم تسجيل أكثر درجة حرارة انخفاضاً في القارة من قبل المحطة السوفياتية فوستوك التي توجد على هضبة القطب الجنوبي، فباستخدام القياسات الأرضية، وصلت درجة الحرارة إلى مستوى تاريخي يعادل -89.2 درجة مئوية (-129 درجة فهرنهايت) في 21 تموز/ يوليو من عام 1983، وقد أظهرت تحليلات بيانات الأقمار الصناعية بأن درجة الحرارة قد تكون قد وصلت في القارة القطبية الجنوبية في 10 آب/ أغسطس 2010إلى نحو -93.2 درجة مئوية (-135.8° فهرنهايت)، ولكن هذه القراءات غير مؤكدة.

صحارى أخرى

من المثير للاهتمام أن ثاني أكبر صحراء في العالم هي أيضاً من المناطق الباردة المعروفة، وهي صحراء القطب الشمالي، حيث تقع هذه الصحراء فوق دائرة العرض 75 شمالاً في القطب الشمالي، وتغطي مساحة إجمالية قدرها حوالي 13.7 مليون كيلومتر مربع (5290000 ميل مربع)، والمعدل الإجمالي لهطول الأمطار فيها أقل من 250 ميليمتراً، وهذا الهطول يكون في الغالب في شكل ثلوج.

يبلغ متوسط درجة الحرارة في صحراء القطب الشمالي -20 درجة مئوية، وتصل إلى ما دون -50 درجة مئوية في فصل الشتاء، ولكن ربما يكون الجانب الأكثر إثارة للاهتمام من صحراء القطب الشمالي هو أنماطها الشمسية الساطعة، فخلال أشهر الصيف، لا تغيب الشمس لمدة 60 يوماً، ويتبع هذا فصل شتاء طويل تعيش في المنطقة بالظلام الدامس.

ثالث أكبر صحراء في العالم هي صحراء معروفة على نطاق أكبر، وهي الصحراء الكبرى، حيث يصل حجمها الإجمالي إلى 9.4 مليون كيلومتر مربع، ويتراوح متوسط هطول الأمطار السنوية فيها من منخفض جداً (على الحدود الشمالية والجنوبية من الصحراء) إلى ما يقرب العدم في المناطق المركزية منها والجزء الشرقي، وبالمجمل، فإن معظم مناطق الصحراء الكبرى تتلقى أقل من 200 ملم (0.79 بوصة) من الأمطار.

ومع ذلك، وفي الطرف الشمالي من الصحراء، تؤدي أنظمة الضغط المنخفض القادمة من البحر الأبيض المتوسط إلى سقوط أمطار سنوية تتراوح ما بين 100-250 ملم، كما يتلقى الطرف الجنوبي من الصحراء – الذي يمتد من السواحل الموريتانية إلى السودان وإريتريا – نفس كمية الأمطار من الجنوب، أما معدل هطول الأمطار السنوي في الجزء المتوسط من الصحراء، والذي يعتبر قاحلاً للغاية، فهو أقل من 1 ملم.

تعتبر درجات الحرارة أيضاً قاسية جداً في الصحراء، حيث أنها يمكن أن ترتفع لتصل إلى أكثر من 50 درجة مئوية، ولكن المثير للاهتمام، بأن هذه ليست أسخن صحراء على كوكب، حيث سجلت أعلى درجة حرارة على الأرض، والتي وصلت إلى 70.7 درجة مئوية (159 درجة فهرنهايت)، في صحراء لوط الإيرانية، وكانت هذه القياسات جزءاً من استطلاع درجات الحرارة العالمية الذي أجراه العلماء في مرصد الأرض التابع لناسا خلال الصيف من عامي 2003-2009.

باختصار، ليست الصحارى مجرد كثبان رملية وأماكن قد تلتقي فيها بالبدو والبربر، أو مكاناً عليك عبوره للوصول إلى وادي نابا، فهي توجد في كل قارة من قارات العالم، ويمكن أن تكون بشكل صحراء رملية أو صحراء جليدية، ولكن في نهاية المطاف، فإن السمة المميزة لها جميعاً هي عدم وجود الرطوبة بشكل واضح.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير