العلماء يكتشفون طريقة لصنع الجرافين من شجر الشاي

نسمع هذه الأيام كثيراً عن الجرافين وعن إمكانياته العظيمة، لدرجة دفعت البعض إلى تسميته بـ”المادة المعجزة”، فهو أقوى وأصلب مادة تم اكتشافها حتى الآن، أقوى من الفولاذ والألماس، ولديه القدرة على تصفية الوقود من الهواء، لكن، بالرغم من إمكانية تصنيعه من أي مصدر كربوني، فإن المشكلة التي كانت تواجه الباحثين هي إيجاد طريقة لجعل تصنيعه في كميات أرخص وأسرع.

الباحثون في جامعة جيمس كوك الأسترالية نجحوا أخيراً في إيجاد طريقة جديدة لاستخراج هذه المادة المعجزة من نبات شجرة الشاي، وهي نفس الشجرة التي تنتج الزيت الطبي الأساسي المستخدم في علاج حب الشباب ولدغات الحشرات، وهذه الطريقة هي الأسرع والأرخص والأسهل على الإطلاق حتى الآن.

وقد استطاع الباحثون بالاستعانة بهذه الطريقة تصنيع كمية كبيرة من الجرافين الخالي من العيوب تقريباً في غضون بضع ثوان إلى دقائق معدودة، متغلبين على الطرق الحالية جميعها، والتي تستغرق عادة عدة ساعات.

أهم شئ في هذه الطريقة أنها لا تحتاج أي محفزات أو مصادر  كيميائية سمية أو غير قابلة للتجدد، كما إنها تعمل في درجات حرارة منخفضة نسبياً، وقد قال الباحث الرئيسي في هذه الدراسة موهان جاكوب أن بحثهم قد وصل إلى تصنيع ذي جودة عالية، وجرافين ذي طبقات قليلة، من مصدر صديق للبيئة، واجتماع مزايا السرعة مع الجودة والكميات الكبيرة والحرارة المنخفضة، تجعل هذا العمل ذات أهمية عظيمة.

الفريق الذي ضم باحثين من سنغافورة واليابان والولايات المتحدة، قام بصنع صحائف الجرافين بأخذ مستخرج شجرة الشاي المتبخر ووضعه في مجال بلازمي عبر أنبوبة مسخنة، فقامت هذه العملية بتحويل البخار إلى صفيحة الجرافين بشكل فوري.

الباحثون استخدموا صفيحة الجرافين الناتجة في عمل ما يشبه (السندوتش)، بحيث وضعوا مادة شبه موصلة بين الجرافين وبين الألومونيوم، ليصنعوا نسخة أولية من أداة متقدمة للذاكرة تسمى “ميمريستور”، وإيجاد هذه الطريقة الرخيصة والسريعة كلف العلماء عدة عقود من البحث، لأن هذه النسخة تعمل مثل الذاكرة البشرية في تذكرها للمعلومات الذي يعتمد على أساس مستواها من المقاومة الكهربية، لذلك فهي تحتفظ بالمعلومات حتى لو انقطعت الكهرباء عن النظام بعكس (الرام).

الاستخدام الأهم من ذلك، هو عندما كشف جاكوب وفريقه أن صفيحة الجرافين التي طوروها كانت ذات خاصية فوبيا الماء، وهي ميزة اساسية لتطوير أجهزة تزرع في جسد الإنسان أو أجهزة إلكترونية قابلة للارتداء، لأنها ستكون مقاومة للماء، ما سيجعلك قادراً على الاستحمام أو الغوص بها دون مشاكل، ويقوم الباحثون الآن بالبحث عن سبل لتحسين منتجهم لأجل هذا النوع من الاستخدام، وقد قال جاكوب أن الفريق يركز الآن على الاستفادة المثلى من خصائص هذه المادة ودمجها في مختلف تطبيقات الأجهزة الإلكترونية، وقد قام بنشر بحثه هذا في دورية Nano Letters.

لنأمل أن هذه الطريقة الجديدة سوف تعطينا ميزة تكرار التصنيع على نطاق واسع، لأننا جميعاً متحمسين حتى يبدأ الجرافين بتقديم  بعض من وعوده الكبيرة، ويوماً ما قد تجد إحدى هذه المادة في خلاط مطبخك بكل بساطة !

شارك
نشر المقال:
محمد حمزة