التصنيفات: الصحة الجيدة

العلماء يساعدون امرأة كي تشعر بالألم لأول مرة في حياتها !

نحن نعرف أن وظيفة الأطباء، هي تقليل الشعور بالألم، لكنها المرة الأولى التي نسمع فيها، عن أطباء “نجحوا في جعل شخص يشعر بالألم”، لكن ما لن تصدقه، أن هذا كان صعباً لدرجة أن أحداً لم ينجح فيه إلا مؤخراً.

فقد نجح الباحثون في إيجاد دواء يعالج الأشخاص الذين ولدوا بعيب خلقي يمنعهم من الشعور بالألم، وهي حالة نادرة، تسبب عدم قدرة الشخص جسدياً على الإحساس بالألم، وذلك عندما اكتشفوا دور قنوات أيونية عصبية معينة للإحساس بالألم، والتي تحرك الصوديوم من عصب حسي إلى آخر، وهو الاكتشاف الذي سمح لهذه المريضة ذات الـ39 عاماً بالإحساس بالألم لأول مرة في حياتها !

قناة الصوديوم الأيونية التي أرشدت إلى هذا الاكتشاف، كانت القناة المسماة بـNav1.7، والتي توجد في معظم الناس في نوعين من الخلايا العصبية الموجودة في الحبل الشوكي، كما يعتبر الجين SCN9A هو المسئول عن تكوينها، هذه القنوات مسئولة عن استلام إشارات الألم الجسدي وتوصيل هذا التحذيرات  إلى المخ في الأشخاص الطبيعيين.

في بعض الحالات النادرة، يوجد أناس يولدون دون هذه القنوات، ما يعني أن أجسادهم لن تكون قادرة على توصيل حالات الألم الجسدي للمخ، هذا يبدو بالنسبة لك جميلاً جداً في البداية، لكنك لن تشعر بهذا عندما تعرف أنهم قد يدوسون على الزجاج، أو تشب في أيديهم النار، وهم يبتسمون في وجهك، وأن الشخص قد يكتشف فجأة أن إصبع قدمه قد اختفى في مكان لا يعرفه ! لهذا يأتون بالكثير من التشوهات، قد تؤدي للموت، فالأطباء لديهم تقارير عن أطفال رضع بهذه الحالة، قاموا بمضغ أصابع أقدامهم وأيديهم حتى نزفت، أو أطفال قاموا بعض أطراف ألسنتهم دون أن يعرفوا بذلك، وتتدهور حالات العدوى وكسور العظام إلى حالات خطيرة بسبب عدم شعورهم بالحاجة للعلاج.

أن تكون لديك مثل هذه الحالة، هي مصيبة حقيقية، لكن هذا الاكتشاف لن ينفع فاقدي الألم فقط كما تعتقد، بل أيضاً أصحاب الآلام المزمنة والمبرحة، بسبب فهم الطريقة التي تقف خلف ذلك، فقد ظل العلماء لسنين عديدة يبحثون في مركبات تستطيع أن توقف فعل هذه القنوات الأيونية الموجودة في الخلايا العصبية والمسئولة عن الألم، لتقليد حالات فقد الألم في الأشخاص الذين يعانون منه بلا أمل، لكن الحقيقة إن كل هذا المجهود قد “ذهب مع الريح”، لأن شركات الأدوية لم تتوصل آنذاك إلى أي شئ.

لكن جون وود، الأستاذ في جامعة لندن وفريقه قرروا أن “يجففوا المنبع” كما قالوا، ليجربوا هندسة الجين المسئول عن القنوات الأيونية Nav1.7 المسئولة عن الألم، في أجنة فئران ليس لديها هذه الحالة، أي إنهم حولوا فئراناً عادية إلى فئران فاقدة للألم، لكي يفهموا الحالة أكثر، ويحاولوا صنع دواء يتغلب عليها، وكان كما توقعوا، لم تستجب الفئران للألم، ولم تبد أي ردة فعل عندما عرضوا ذيلها لحرارة ساخنة أو باردة جداً.

الفريق وجد من خلال دراسته على الفئران الفاقدة للألم خلقياً، أن أجسامها أنتجت لوحدها كميات من المواد قاتلة الألم تسمى “الببتيدات الأفيونية”، أضخم بكثير من المستوى العادي، لذلك، فكر العلماء أن نفس الأمر قد يكون في مرضى فقد الألم الخلقي، وأن خلاياهم تنتج قاتلات الألم الأفيونية بشكل كبير جداً يمنعهم من الإحساس بالألم، وهذا كان أول الخيط.

اتجه تفكير العلماء فوراً إلى “النالوكسون”، وهو دواء يستخدم لمكافحة تأثير الأفيون في المدمنين الذين يحاولون التعافي، لأنه يقوم بإيقاف مستقبلات الأفيون في الجسم، ووجدوا أن الفئران عادت للإحساس بالألم بعد أن أعطوها هذا الدواء لأول مرة، وهو ما طبقوه في المريضة التي قضت أربعين سنة من حياتها لا تعرف ما يعنية “الألم”، إذ إنها صرخت عندما وضعوا الليزر الحارق على أصابعها !

وقد علق الأستاذ وود قائلاً: “لابد أنها كانت تجربة ممتعة لها”.

الدواء لا يمكن أن يطبق بعد كعلاج رسمي لحالات فقد الألم الخلقي قبل أن تختبر نتائجه طويلة المدى، لكن العلماء أضافوا إنهم يفكرون في اختبار الأفيون كحل عكسي للألم المزمن، فقد قالوا إن الفئران التي أخذت حاصرات القناة الأيونية العصبية المسئولة عن الألم مع الأدوية الأفيونية، توقفت عن الشعور بأي ألم، مثل الفئران التي كان لديها فقد خلقي للألم تقريباً، وبهذا، فإنهم يفكرون بجدية في استخدام الأفيون، والدواء الحاصر لمستقبلات الأفيون “النالوكسون”، في علاج مشاكل علاج الألم على الجهتين، وهذا حقاً، قد يغير حياة المرضى تماماً.