ملف الأسبوع

التَنمّر ينتقلُ إلى الإنترنت و يَلحَقُ بالأطفالِ إلى منازلهم

التنمر هو سلوك عدواني يمارسه الطالب في المدرسة تجاه طالب آخر بشكل متعمد و متكرر . يسعى المعلمون وأولياء الأمور ليستطيعوا معرفة ما إذا كان الطفل يتعرض للتنمر في مدرسته و يحاولون إيجاد الحلول المناسبة للتغلب على هذه المشكلة وحلها.

“اذهبي و انتحري …” ، “أنتِ لا قيمة لكِ”.. تلك هي الرسائل اليومية التي كانت تصل من أشخاصٍ مجهولين إلى كونتري اكسفور داندو لكنها رفضت أخبار أي أحد عنها. تعرَضت كونتري للتنمر منذ أن كان عمرها خمس سنوات، بدأ ذلك أولاً عندما كانت في ملعب المدرسة لينتقل بعده إلى الغرفة الصفية ثم وصل الأمر إلى مواقع التواصل الاجتماعي. و بسبب الطريقة التي تنظر فيها وبسبب تصرفاتها كان الطلاب الآخرون يزعجونها بشكل دائم ، و يحاولون إبعادها وفصلها عن المدرسة.وفي عمر الثانية عشر علم والداها أنها تتعرض للتنمر، و بسبب أن معظم المنتمرين كانو مجهولو الهوية لم تستطع إدارة المدرسة فعل  أي شيئ. أصاب كونري اكتئابٌ شديد والشيئ الوحيد الذي خفف من اكتئابها هو ذهابها الى مرشد نفسي .

من بين جميع أشكال التنمر يستحوذ التنمر عبر الانترنت على أكبر قدرٍ من الاهتمام في هذه الأيام. لذا تم اطلاق حملة “كن الافضل” من قبل  سيدة أمريكا الأولى ميلانيا ترامب لمحاربة التنمر الذي يواجهه الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتهدف الحملة تعليم الأطفال أهمية الصحة النفسية والإجتماعية. توفر المنصات الإلكترونية عبر الإنترنت طرقًا أكثر إبداعًا لإضطهاد الضحايا خارج ساعات الدوام المدرسي، و تختلف أشكال التنمر عبر الإنترنت بدءًا من التهديدات الشخصية إلى التعليقات العامة القاسية انتهاءًا بنشر المواد الجنسية بشكل علني. وقد يدعو المتنمرون الضحية إلى محادثة خاصة أو جماعية بهدف الإستهزاءِ به والإساءةِ له .

إن التقارير الواردة عن المراهقين الذين يتعرضون للتنمر عبر الإنترنت وحالات الانتحار بشكل طبيعي سببت حالة من  الذعر بين الأباء . إلا أن الواقع يشير إلى أن التنمر الإلكتروني -أو استمرار المضايقات المؤذية – هو موضوع غير متفشٍ كما تذكر عناوين الصحف الشعبية ، و تختلف تقديرات انتشار هذا الموضوع بحسب التعريف المُستَخدَم . فقد وجدت دراسةٌ أن نسبة الأطفال الذين أفادوا بأنهم تعرّضوا للمضايقات عبر الإنترنت أكثر من مرة واحدة في الأسبوع هو 0.7٪ في اليابان وأن 27٪ من الأطفال الأمريكيين تعرضوا للتنمر عبر الإنترنت؛ و 17٪ من المراهقين البريطانيين.

غالبًا ما يحصل التنمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي يقضي فيها المراهقين معظم وقتهم مثل فيسبوك، أنستقرام، واتس آب وسناب شات. وفي كوريا يقضي معظم المراهقين وقتهم على “كاكاوتولك” وهو أكثر تطبيقات المراسلة شيوعًا، تم اقراح حلٍ على نطاق واسع وهو منع المراهقين من هذه المواقع ولكنه حل غير فعال لأنهم قد يميلون إلى استخدام مواقع اخرى. يستخدم فيسبوك وأنستقرام الذكاء الاصطناعي لتحديد اللغات المسيئة، وتحتوي معظم مواقع التواصل الاجتماعي على تعليمات حول كيفية الإبلاغ عن المواد المزعجة وحظر المستخدمين المزعجين. وقد أعلن فيسبوك هذا الأسبوع عن طرقٍ جديدةٍ للمستخدمين لتجنب المواد المسيئة أو الهجومية أو المؤذية. و سيكون المستخدمون قادرين على حذف أو إخفاء مجموعة من التعليقات في وقت واحد. وسيكون من السهل الإبلاغ عن التنمر كشخص مجهول، أو الإبلاغ نيابةً عن أشخاصٍ آخرين  كانوا هم ضحايا تنمر أقرانهم.

تحتوي المدارس في جميع أنحاء العالم على طرق مختلفة للتعامل مع التنمر، من بينها منع الهواتف المحمولة أو استخدام برامج لحجب مواقع التواصل الاجتماعي في المدارس. حيث أصدرت إيطاليا قانونًا يكافح التنمّر الالكتروني في العام الماضي يُطالبُ المدارس بتعيين موظفٍ مسؤولٍ عن حل مشاكل كهذه.

لكن الحد من التنمر الالكتروني من خلال القوانين غالبًا ما يكون صعبًا. لذا قدمت مقاطعة نوفا سكوتيا الكندية مشروع قانون لمكافحة التنمر الالكتروني بعد انتحار عدد كبير من المراهقين. لكن هذا القانون تم إبطاله في وقت لاحق من قبل المحاكم لانتهاكه حرية التعبير.

يتفق العديد من الباحثين على أن الحل لتصدي  التنمر الإلكتروني تكمن في تثقيف الأطفال والكبار على المهارات الرقمية. فحوالي ثلث مستخدمي الإنترنت تحت سن ال 18 سنة غالباً ما يجدون صعوبة في إخبار والديهم  انهم يتعرضون للتنمر أو أنهم يواجهوون مشكلة على الانترنت لذا ومن خلال حملة “كن الافضل” نشرت  ميلانيا ترامب مواضيع تقترح فيها أن يناقش الآباء مع أولادهم حياتهم على الإنترنت، والتي غالباً لا يعرفون عنها شيئاً . لهذا يجب علينا دائمًا  إخبار وتذكير أطفالنا بأن تصرفاتهم عبر الإنترنت قد يكون مدعاةً لأمور لا تحمد عقباها.