تقنية

الأنتقال لـ الطاقة المتجددة خيار السودان الأفضل

الطاقة المتجددة خيار السودان ولكن لماذا؟ طالبت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إنهاء استخدام الوقود الأحفوري نهائياً بحلول عام 2100 وأن يعتمد العالم على مصادر منخفضة الكربون لأنتاج الكهرباء بحلول عام 2050 .
وفي 2015 اجتمعت 196 دولة في باريس ووقعت على أتفاقية باريس للمناخ ،التي كان من أهم بنودها :
الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى1.5 درجة مئوية، مع المراجعة الدورية لهذه الأهداف كل خمس سنين وتقليص انبعاثات غازات الدفيئة من 40 – 70 %وخفضها إلى نسبة 26 – 28% حتى عام 2050 والزام الدول الغنية على تقديم المساعدة للدول النامية ومساعدتها على تحقيق أهداف الأتفاقية.

للوصول لهذه الأهداف كان لابد من إتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الوقود الأحفوري والتخلي عنه قبل أن يتخلى هو عنا ويجب دائماً ان نضع في اعتبارنا أن الوقود الأحفوري (مصدر غير متجدد) ولا يمكن الاعتماد عليه للأبد، لذا كان لابد من الانتقال لمصادر اخري للطاقة – مصادر نظيفة ومتجددة وأستخدمها آمن لنا ولكوكبنا هذه المصادر هي مصادر الطاقة المتجددة ومع أن العالم فعلاً بدأ في الاعتماد على هذه المصادر إلا أنه يجب التقدم أكثر ففي تقرير للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ايرينا) فأننا نحتاج لزيادة الطاقة المتجددة ستة أضعاف على الأقل للإيفاء بأهداف اتفاقية باريس للمناخ

أخيراً أستجاب العالم لخطر تغير المناخ وبدأ في التفكير والتوجه لحلول بديلة تمدنا بحاجتنا من الطاقة وتضمن لنا لكوكبنا الاستقرار البيئي . تخيلوا أننا يمكننا الحصول على الطاقة ولكن دون أي نوع من إطلاق الغازات الضارة ولا أرتفاع درجات الحرارة ولا تلوث هواء ولا ماء ولا محيطات

كل فرد يمكن أن ينتج كمية الطاقة التي يريدها ويديرها كيفما يشاء

ما هي الطاقة المتجددة وما هي مصادرها؟

تنقسم مصادر الطاقة إلي مصادر طبيعية وغير طبيعية

الطاقة المتجددة هي الطاقة المستمدة من موارد طبيعية متجددة وغير قابلة للنفاذ ، بالإضافة إلى أنها صديقة للبيئة ولا تطلق غازات مضرة ولا تسبب اي نوع من أنواع التلوث ومتوفرة في كل العالم وليست متمركزة في اماكن ومناطق محددة مثل الطاقة التقليدية (الوقود الأحفوري) لهذا إذا تم الأعتماد عليها سنرى حينئذ انخفاض كبير في انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون الذي يلعب دور كبير في تغير المناخ
الأنتقال للطاقة المتجددة يعنى الأنتقال لحياة أفضل لنا وللأجيال القادمة يعني الحفاظ علي الكوكب الذي نعيش فيه والحفاظ على حياة الملايين من الأشخاص اللذين يعانون من تغير المناخ والحفاظ على الطبيعة والمحيطات والنباتات والحيوانات وكل شي
من أين تأتى هذه الطاقة وأين نجدها ؟
لا داعي للبحث كثيراً عن مصادر الطاقة المتجددة فهي موجودة حولنا في كل مكان حول العالم ونراها يومياً (الشمس- المياه – الرياح) وهي مصادر طبيعية وآمنة
مع زيادة تهديدات تغير المناخ التي صارت تشكل خطر كبير على الجميع بدأ العالم يوجه انظاره نحو الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ،وفي 2015 جاء ما يقارب من نصف الطاقة المتجددة في العالم من الشمس والرياح .
بعض الدول سبقت وتقدمت كثيراً وصارت تحتل صدارة الدول المنتجة للطاقة الشمسية ،ويوماً بعد يوم أعتمادها على الطاقة التقليدية يقل وإنبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون تنخفض وبعضها تأخر كثيراً ،فهل كان السودان من الدول التي سبقت أم تأخرت وهل تتوفر بالسودان مصادر طاقة متجددة ؟
بالرغم من أنه جاء في المرتبة العاشرة ضمن أفضل الدول الأفريقية التي لديها أكبر قدرة لإنتاج الطاقة المتجددة في تقرير للوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلا أن السودان تأخر كثيراً في استغلال هذه المصادر
يتمتع السودان بمصادر عديدة ومتنوعة من الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية وطاقة حرارة باطن الأرض وطاقة الكتلة الحيوية ،ولكننا مع الأسف لم نستفد جيداً من هذه المصادر المتنوعة والمتوفرة ولم يتم استغلالها على النحو الأمثل وفي الوقت الأمثل وإلا لكان السودان في صدارة الدول المنتجة للطاقة المتجددة

الطاقة الشمسية

يتم فيها تسخير ضوء وحرارة الشمس لتوليد الكهرباء عن طريق الخلايا الكهروضوئية (الشمسية) وتكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة
ويمكن تركيب الخلايا الشمسية على اسطح المباني أو الأرض ولا تحتاج إلى مساحات شاسعة وتمكن الأفراد من الحصول على الكهرباء من مصادرهم الخاصة .
السودان من أكثر الدول الغنية بالطاقة الشمسية والشمس من أكثر مصادر الطاقة المتجددة وفرة في السودان ففترة سطوع الشمس لا تقل عن عشر ساعات يومياً ومتوسط الإشعاع شمسي يتراوح بين 5.8 و 7.2 كيلو واط/ساعة للمتر المربع في اليوم ،ومع هذا لا يوجد مشاريع طاقة شمسية كبيرة بالسودان إلى الآن ولكن هناك مشروع إقامة اكبر مزرعة للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية 400 ميغاوات كحد أدني ولكنه لم يري النور بعد
مع هذه الوفرة في الطاقة الشمسية من الممكن إنتاج كهرباء لكل مناطق السودان.

طاقة الرياح

طاقة الرياح ايضاً نظيفة ومتجددة مثل الطاقة الشمسية
وأستخدم الناس منذ الآف السنين طواحين الرياح لطحن الحبوب وضخ المياه واليوم يتم توليد الكهرباء عن طريق تحويل الطاقة الحركية للرياح لطاقة كهربائية بواسطة توربينات الرياح
ويختلف حجم وطول التوربين حسب الغرض مثلاً اذا كان الغرض توليد طاقة للمنازل فيكون حجم التوربين صغير ولا يأخذ مساحة كبيرة أما إذا كان الغرض توليد طاقة لمشاريع ضخمة فيتم وضع مئات التوربينات الهوائية في مساحات ضخمة وتعرف بالمزارع الهوائية أو مزارع الرياح ،وكلما زاد طول التوربين كلما زادت قدرته على توليد الكهرباء لزيادة سرعة الرياح في الأعلى وطاقة الرياح يمكن استخدامها في أو البحر يمكن وضع مزارع الرياح في البحر ولكنها أعلى تكلفة من مزارع الرياح في البر مع أن الرياح في البحر اقوى وبالتالي تكون قدرتها الإنتاجية أفضل واليوم ثلاثة دول تنتج 80% من طاقة الرياح في العالم وهي الولايات المتحدة والصين وألمانيا.

في السودان هناك إمكانية لإنتاج طاقة الرياح خاصة المناطق الشمالية والوسط والشرقية لأنها ذات السرعات الأكبر للرياح فمتوسط سرعات الرياح السنوي في السودان يتراوح بين 4.2 م/ث و8.1م/ث
كذلك للأسف لم تستغل حتى الان ولكن هناك مشروع إنشاء أول محطة لإنتاج الطاقة من الرياح بقدرة إنتاجية 1400 ميغاواط

الطاقة الكهرومائية

يتم استغلال الطاقة المائية لتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة الكامنة في المياه المتدفقة .. هناك قوة نشعر بها إذا وقفت تحت شلال أو على شاطئ فأنك تشعر بقوة تدفق أو حركة الماء هذه الطاقة يتم استغلالها لإنتاج الكهرباء
السودان يتمتع بموارد مائية هائلة فنهر النيل يعد من أطول الأنهار في العالم وقدرت المواقع المناسبة لتشغيل توربين مائي على طول نهر النيل ب450 موقع.

طاقة حرارة باطن الأرض – الطاقة الحرارية الأرضية /الجوفية

هذا المصدر يعتمد على المياه الساخنة الموجودة في جوف الأرض حيث يتم حفر ابار من 1-5 كيلومتر داخل الأرض لضخ البخار أو المياه الساخنة إلى السطح لتوليد الطاقة الكهربائية وكلما ازداد العمق كلما زادت درجة الحرارة .
وحسب الدراسات فأن السودان توجد به مناطق ملائمة لاستغلال طاقة حرارة باطن الأرض منها جبل مرة وجبال البحر الأحمر الذي تصل درجة حرارة الطاقة الجوفية فيه إلى اكثر من 100 درجة مئوية وصحراء بيوضة

طاقة الكتلة الحيوية

مصادر الكتلة الحيوية ممكن أن تكون زراعية أو حيوانية وهي مواد عضوية (خشب –أسمدة- قصب السكر – غاز الميثان الذي ينتج عن المخلفات العضوية) يتم الحصول منها على الطاقة ولكنها شبيهة بالوقود الأحفوري
السودان يتمتع بتنوع موارد الطاقة الحيوية ولكن اصدرت العديد من الاجراءات التي تمنع استخدامها بسبب الغازات التي تطلقها .
مع كل هذا التنوع في مصادر الطاقة قرر السودان أن يخطو الخطوة الأولى فبعد أن تم حصر ومقدار مصادر الطاقة المتجددة تم وضع خطة مستقبلية لإنتاج الطاقة حتي عام 2031 تشتمل مشاريع طاقة رياح لإنتاج طاقة كهربائية بطاقة كلية قدرها 1000 ميغاواط ومشاريع طاقة شمسية لإنتاج طاقة كهربائية باستخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة بطاقة كلية قدرها 600 ميغاواط ومشاريع طاقة شمسية باستخدام الخلايا الضوئية بطاقة كلية قدرها 165 ميغاواط ومشروع لإنتاج 100 ميغاواط من طاقة حرارة باطن الأرض ومشاريع لاستغلال المساقط المائية الصغيرة بطاقة كلية قدرها 63 ميغاواط إذا تم تنفيذ هذه المشاريع فعلا بحلول 2031 سيكون السودان قادرا على تلبية الطلب على الكهرباء في المستقبل الذي سيبلغ 8.397.88 ميغاواط

ما هي التحديات التي تقف أمام الأنتقال للطاقة المتجددة

قبل سنوات ربما كانت التكلفة العالية أهم عائق يقف امام الحكومات لكن الآن لا أعتقد ذلك!
فقد أدت عدة عوامل إلى انخفاض الأسعار بشكل كبير، وحسب عدنان أمين (مدير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة) انخفضت أسعار الألوح الشمسية الكهروضوئية بنسبة 80% وأسعار توربينات الرياح انخفضت إلى الثلث ومن المتوقع أن يستمر انخفاض التكاليف بنسبة 35% لطاقة الرياح البحرية وطاقة الرياح البرية بنسبة 25% مع انخفاض تكاليف توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية المركزة بنسبة 43% بحلول 2025– بحلول عام 2020 ستصبح تكلفة الطاقة المتجددة أقل من تكلفة الوقود الأحفوري.

هذا يعني إنتاج المزيد من الطاقة للمزيد من الأشخاص وبتكلفة أقل من السابق
قد تكون التكلفة أهم عامل يساعد – يقدم – يأخر هذا التحول والسودان أحدى الدول التي تأخرت بسبب التكاليف العالية لهذه المشاريع أما الأن مع انخفاض التكاليف ليست هناك سبب يمنع من استخدام الطاقة المتجددة ونحن أكثر حوجه لهذه المشاريع ففي بلد تبلغ مساحته 1.882.000 كيلو متر مربع هناك مناطق كثيرة جداً لا تصلها كهرباء ولا ماء قد تساعد الطاقة المتجددة على وصول الكهرباء والماء لهذه المناطق وتحقيق التنمية المستدامة.

أما التحدي الثاني بخصوص توفر الطاقة عندما نحتاجها في نظام الطاقة المتجددة مثلاً الألواح الشمسية تولد الكهرباء في حالة سطوع الشمس وتوربينات الرياح لا تعمل إلا عندما تهب الرياح

إذن كيف نضمن أن الطاقة متاحة عندما نحتاجها؟

يساعد تخزين الطاقة في حل هذه المشكلة وتوجد عدة طرق لتخزين الطاقة منها الجاذبية والبطاريات وضغط الهواء والهيدروجين ، ولكن في المستقبل ومع زيادة الأعتماد على الطاقة المتجددة لا بد من تطوير تقنيات تخزين الطاقة أكثر كي نمهد طريق التحول للطاقة المتجددة وإزالة كل العقبات التي تحول دون ذلك وذلك ليس صعباً مع تطور البحث العلمي والتكنولوجيا ففي السويد طور علماء طريقة لتخزين الطاقة الشمسية في سوائل ويمكن الاحتفاظ بها لوقت طويل حسب (مجلة إنيرجي آند إنفايرنومينتال ساينس) وهذه الطريقة ممكن ان تكون أسهل وأقل تكلفة من استخدام البطاريات ذات التكلفة المرتفعة.

هناك طرق أخري تساعد أو تساهم في توفر الطاقة المتجددة في أى وقت مثل الأعتماد على تقارير الطقس يصبح لدى مشغلي النظام قدرة أفضل علي التنبؤ بموعد اعتمادهم علي المحطات الشمسية أو الطواحين الهوائية وأيضاً إنتاج وتوزيع الطاقة على مساحات جغرافية واسعة ممكن أن يجنبنا تقلبات المناخ المحلية في المساحات الصغيرة أو المحدودة .
بالتغلب على هذه التحديات يستطيع السودان الأنتقال والتحول بالتدريج للطاقة المتجددة ; ولكن من جهة أخري لابد أن يسرع بهذا التحول لعدة أسباب .
ففي تقرير للمركز الدولي لرصد النزوح فأن السودان واحد من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ ،وقد يتحول إلى دولة
غير مأهولة بالسكان بسبب التغيرات المناخية.

قال عالم المناخ جوس ليلفيد في معهد ماكس بلانك إن عدد من المنازل سيدفن بسبب العواصف الترابية وستتسبب في تآكل التربة الخصبة الصالحة للزراعة بالإضافة لدرجات الحرارة المرتفعة مع عدم انتظام هطول الأمطار ستكون أجزاء كبيرة منه غير صالحة للزراعة في بلد 70% من سكان الريف فيه يعتمدون على الزراعة التقليدية والمطرية و80% من سكان الحضر يعتمدون على مياه الأمطار ومن المتوقع أن يعاني اكثر من 3.2 مليون شخص من نقص المياه . في هذه الحالة التحول الطاقة المتجددة ليس خيار بل حل لابد منة إذا أردنا مكافحة هذه التغيرات أو التصدي لها.

 

ما هي المسافة التي تقطعها للحصول على مياه نظيفة؟

قد يكون هذا السؤال غريب للبعض ! الذين لديهم ماء متوفر للشرب والغسل. والاستحمام في أي وقت ..فقط المسافة من الغرفة المطبخ أو للحمام ..ولكن هذا ليس حال الجميع
في كثير من مناطق السودان يضطر البعض “في الغالب الأطفال والنساء” قطع أميال وساعات للحصول على ماء ؛ وهل يكون نظيف وصالح للاستعمال؟ في معظم الأحيان لا يكون كذلك للأسف
وما زال السودان يعاني من العجز في أنتاج الكهرباء بنسبة 40%.وما زالت كثير من المناطق دون كهرباء حتى الآن بالإضافة لمشاكل المياه .قد يتساءل البعض ما علاقة الطاقة بالمياه فالاعتقاد السائد عند الكثير من الأشخاص أن الطاقة مهمة لإنتاج الكهرباء أو النقل أو التدفئة ولكننا نحتاج الطاقة أيضاً للحصول على المياه وبدون المياه لا يمكننا إنتاج الطاقة .
مثلاً في جنوب السودان أنشأت وكالة ألمانية حوض مياه يعمل بالطاقة الشمسية لتوفير الماء ل15 ألف شخص كانوا يقطعون مسافات بعيدة للحصول على المياه وهذا حال الكثير في عدد من مناطق السودان أما الآن فالحصول على الماء أصبح أسهل

وحسب موقع الجزيرة الاخباري فقد ساعد مشروع للطاقة الشمسية الأطباء والعاملين بمستشفى جوبا التنقل ليلاً في المستشفى بعد أن كانوا يواجهون مشكلة عدم انتظام التيار الكهربائي ولكن الأن أصبح الوضع أفضل ، تقول ممرضة : بعض الأحيان تكون لدينا حالات ولادة ومع الظلام يصبح الأمر صعباً للغاية – وتقول ممرضة أخرى : كنا احيانا نستعمل ضوء الهاتف لمواصلة العمل ولكننا الأن نملك الضوء ويمكن العمل بشكل جيد
بفضل هذين المشروعين في جنوب السودان أستطاع 15 ألف شخص الحصول على ماء نظيف دون قطع أميال لجلب الماء من أماكن بعيدة وتمكن أطباء وممرضين من مزاولة عملهم بشكل أفضل هنا الطاقة المتجددة بفضلها تم توفير ماء نظيف ومساعدة أطباء ليعملوا في وضع أفضل ماذا تفعل مشاريع الوقود الأحفوري للماء تلوث الماء بمعادن ثقيلة وسامة وتسبب الأمراض للأشخاص.