تقنية

الآلات تقتحم السينما .. شاهد أول “تريلر” فيلم رعب في العالم يُخرجه الذكاء الاصطناعي

ابن المخرج الشهير ريدلي سكوت الذي عرف في عالمنا العربي بإخراجه لفيلم “مملكة الجنة”، فاجأ العالم عندما كشف عن أول “تريلر” أو إعلان لفيلم، تم إخراجه كلياً بواسطة الذكاء الاصطناعي، الإعلان جيد وتم نشره للتسويق لفيلم الرعب “مورجان”، الشئ المثير أن تريلر الفيلم الذي يتحدث عن توحش الذكاء الاصطناعي، أخرجته آلة من جنسه، الشئ الأكثر إثارة، أن الأمر بدا وكأنها تعاطفت مع الآلة، ولم تظهرها متوحشة كما يجب !

الآلات تجلس على كرسي الإخراج .. لأول مرة

القصة بدأت عندما قررت “شركة أفلام فوكس”، أن تستخدم كمبيوترات شركة IBM الخارقة “واطسون” في صنع “تريلر” فيلم الرعب والتشويق الذي أخرجه “ريدلي سكوت”، وأن تشارك في الأبحاث الدائرة عليه، الفيلم يعد مزيجاً من الفيلم الذي عد تحفة فنية العام الماضي “إكس ماكينا” Ex Machina، مع قصة فرانكشتاين، وقد قرروا ذلك مستلهمين من فيلمه الذي يدور حول إنسان هجين مسخ تم دمجه مع الآلات بكتنولوجيا النانو، لهذا، بدا لائقاً أن تقوم آلة بعمل تريلر فيلم الرعب الذي يتحدث عن آلة كذلك !

قمنا مؤخراً برؤية المحاولة الفاشلة التي قام بها مشروع “Impossible Things “، عندما حاول تطوير نظام ذكاء اصطناعي، قد يمكنه كتابة فيلم رعب، لكن النتائج لم تكن عظيمة، كما إن “التريلر” الأوّلي، كان عبارة عن اكليشيهات محفوظة في أفلام الرعب، أما بالنسبة لفريق باحثي شركة IBM، فقد اتبعوا نهجاً أكثر تطوراً وشمولية، عندما قاموا بتدريب النظام الآلي “واطسون”، وذلك بتفكيك 100 تريلر فيلم رعب، إلى مشاهد منفصلة، ثم جعل النظام يقوم بتحليل كل تسلسل من خلال ثلاثة منظورات مختلفة.

في البداية قام “واطسون” بعمل تحليل بصري وعنونة كل مشهد في الفيلم بالحالة الشعورية التي تعبر عنه، ما إن كانت حزناً أم فرحاً أم رعباً، ثم قام بدراسة صوتيات كل مشهد بدقة مرة ثانية، لكي يقوم بتأكيد الحالة الشعورية التي يعبر عنها المشهد، واستطاع أخيراً أن يفكك مكونات كل مشهد، كي يطور الإحساس بالأماكن أو باللقطات الخاصة، مثل الإضاءة والتأطير، لينجح أخيراً في تكوين “تريلر” فيلم رعب، لوحده. بمجرد أن اطلع واطسون على الاستراتيجيات العامة التي تستخدم في تريلر أفلام الرعب، تركه الباحثون يشاهد الفيلم بشكل كامل من البداية إلى النهاية، مما نتج عن تحديده لعشر لحظات رئيسية، كون منها فكرة الـ”تريلر” الخاص به، وهنا جاء المحرر البشري كي يبني النسخة النهائية المكونة من 6 دقائق مختارة من الفيلم. النسخة النهائية ممتعة فعلاً، مع إنها ليست بحركية النسخة البشرية، يكفيك المقطع الصوتي في الخلفية بالصوت الطفولي والغريب، لئلا تنساه أبداً.

كيف رأى واطسون في إعلانه .. ما لا يراه البشر؟

كان هناك انتقاد وجه إلى الكثر من “تريلر” أفلام هوليود بأنها “تحرق الأحداث”، وتقول الكثير عن القصة، لكن “تريلر” هذا الكمبيوتر، يركز على الحالة الشعورية والجو المحيط، أكثر من مجرد قول القصة مرة ثانية، أما بالنسبة للنقطة الأخرى التي استهوت الباحثين، فهي أن الكمبيوتر ركز على لحظات لم يكن الصانع البشري لينتبه إليها غالباً، هذا يعني أننا بصدد أفلام من زاوية حكاية جديدة، وفرصة للتركيز على مشاهد لم يكن “تريلر” الأفلام التقليدي ليصل إليه.

الشئ الأكثر سخرية على الإطلاق، هو مشاهدة الدرجة التي قام بها  “واطسون”، بتهوين الحقيقة الوحشية للكائن الهجين ما بين البشر والآلات، بالتالي فإن الفيلم الذي يتحدث عن آلة ذكاء اصطناعي توحشت وبدأت تقتل البشر، عندما تم توكيل “التريلر” الخاص به إلى آلة ذكاء اصطناعي، فإنها خففت من وطأة ذلك، كأنها تحمي صديقة لها مثلاً.

لماذا نلجأ للآلات في إخراج إعلانات الأفلام؟

بغض النظر عن كون الأمر ممتعاً، إلا إن مشروع “تريلر” يخرجه الذكاء الاصطناعي، يوفر بديلاً سريعاً للعملية المكلفة والتي تستغرق وقتاً طويلاً عادة، ما لا تعرفه هو أن هذه الدقائق المعدودة تستغرق أسابيعاً عادة، أما هذا “التريلر” فقد استغرق 24 ساعة فقط، بداية من مشاهدة “واطسون” للفيلم وتحليله وبناء إعلان له، ونهاية بالمحرر البشري الذي أشرف على النسخة النهائية.

صنع “تريلر” جيد لفيلم، هو عملية توازن بين الفن والتجارية، التجربة في النهاية تثبت لنا مدى أهمية وجود اللمسة الإنسانية، حتى في الـ”تريلر” الذي يعتبره الكثير منا مجرد إعلان نتخلص منه فيما بعد، ومع ذلك، سيكون من المثير أن نشاهد النسخة الإعلانية الخاصة بـ”واطسون” من أفلام خيال علمي تتحدث عن الذكاء الاصطناعي، إنه يتركنا نفكر الآن: كيف سيقوم بعمل “تريلر” لفيلم Terminator، هل سيتعاطف فيها مع الآلة الشريرة؟ ماذا عن الأفلام الأخرى؟

يمكنك من هنا أن تشاهد الإعلان الرسمي والبشري للفيلم وتقارنه بالآلة وتقرر الذي أثار انتباهك أكثر: