التصنيفات: بيئة ومناخ

أهمية إعادة تدوير الأجهزة الالكترونية

ابتداء من عام 2015، سيتم حظر 20 مليون شخصاً من سكان ولاية نيويورك، من رمي الالكترونيات بطريقة عشوائية، وهذا الحظر الذي سيشمل كامل الولاية سيلزم السكان بوضع أجهزتهم الالكترونية مثل شاشات التلفاز والطابعات ومشغلات الـMP3 في متاجر معينة أو في مواقع محددة ليتم إعادة تدويرها، وفي حال قام أحد الأشخاص بترك أي جهاز الكتروني على جانب الطريق ليتم إزالته من قبل عمال النظافة سيتم تغريمه بمبلغ 100 دولار.

تسعى ولاية نيويورك –مع 24 ولاية أخرى- إلى الحد من النفايات الالكترونية من خلال إصدار القانون الجديد، حيث يبلغ مقدار النفايات الإلكترونية التي يتم القائها في مقالب النفايات حوالي 50 مليون طن كل عام، وتعتبر النفايات الالكترونية خطيرة بشكل خاص، كون معظم الأنواع الأخرى من النفايات تتحلل تدريجياً، وتطلق غازات مثل غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ولكن هذه النفايات لا تدمر البيئة المحيطة بها بشكل كبير، ولكن بالنسبة للالكترونيات وعلى الرغم من أنها لا تشكل سوى 2% من مجمل النفايات الموجودة في مقالب القمامة، إلا أن سميّتها تشكّل 70% من مجموع السموم التي تنطلق من مقالب النفايات، كونه عندما تبدأ الالكترونيات بالتحلل، فإنها تطلق المعادن والمواد الكيميائية الموجودة بداخلها، بما في ذلك الرصاص، ومع مرور الوقت، فإن هذه المواد الكيميائية السامة تتسرب إلى المياه الجوفية القريبة، مما يهدد بحصول كوارث بيئية، لذا فإنه من الضروري احتواء الطاقة والمواد السامة الموجودة في الأجهزة الإلكترونية، وإننا في حال رمينا بهذه الأجهزة في سلة المهملات فإننا نساهم في تحطيم بيئتنا بطريقة كبيرة.

بناء عليه، فإن ادخال الأجهزة الالكترونية ضمن تشريع أو قانون خاص يخرجها من دائرة النفايات العادية، سيعمل على توفير عدة ملايين من أطنان النفايات الإلكترونية السامة التي يتم رميها كل عام في مكبات النفايات، ويبقى السؤال كيف يتم إعادة تدوير الإلكترونيات ؟

على الرغم من عدم وجود طريقة محددة وثابتة لإعادة تدوير النفايات الالكترونية، إلا أنه يlكن الاستئناس بالطريقة المحددة من قبل ولاية نيويورك بهذا الشأن، حيث تجري عملية إعادة التدوير على مراحل متتالية، تتضمن المرحلة الأولى فحص القطعة الالكترونية لمعرفة فيما إذا كان يمكن إصلاحها، فمن الممكن أن يتخلى الأشخاص أحياناً عن أجهزة الكترونية صالحة للعمل، أو قابلة للإصلاح بسهولة، حيث يعمل الفنيين الموجودين في مراكز إعادة التدوير على الإطلاع على حالة الأجهزة، وفي حال قابلية هذه القطع للإصلاح يمكن إعادة بيعها في السوق، وفي حال عدم إمكانية إصلاحها بشكل كامل يمكن إعادة استخدام قطع منها لتصليح قطع الكترونية أخرى.

أما بالنسبة للقطع الالكترونية التي لا يمكن إصلاحها أو الاستفادة منها، فيتم وضعها سوياً وتشحن في حاويات إلى مصانع إعادة التدوير، والتي تعمد إلى وضع هذه القطع ضمن آلة تقطيع قوية، تقوم بتقسيم القطع إلى أجزاء صغيرة، ومن بعدها يتم وضع هذه القطع على حزام ناقل، وفرزها باستخدام أشعة الليزر ، حيث يتم تحديد طبيعة هذه القطع وفرز كل قطعة حسب خصائصها، علماً أنه يمكن للبلدان الأقل تطوراً أن تستخدم المعاينة البصرية من قبل الفنيين لفرز القطع، وأخيراً يتم وضع القطع في صناديق، مقسمة في ثلاث مجموعات، الصناديق التي تتضمن قطعاً بلاستيكية، وصناديق القطع المعدنية، وصناديق شرائح الكومبيوتر، ومن ثم تباع هذه الصناديق في السوق العالمية.

في الحقيقة، فإن إعادة تدوير الالكترونيات يحصل في مرحلة البيع للسوق، حيث يتم استخدام المواد المباعة لانتاج المزيد من المواد التكنولوجية، فمثلاً يتم بيع الصناديق البلاستيكية إلى الشركات الصينية لاستخدامها في الالكترونيات وغيرها، أما الصناديق التي تحتوي على المعادن المستخرجة من المنتجات المعاد تدويرها، فيمكن أن يتم بيعها داخل السوق المحلية للبلاد، خاصة إذا ما كانت البلاد تحتوي على معامل كبيرة لإعادة تصنيع المعادن، علماً أن الكثير من القطع الالكترونية تحتوي على عناصر معدنية نادرة تم استخراجها من الأرض، لذا وفي حال القدرة على فصل هذه المعادن النادرة عن الأجهزة الإلكترونية المعاد تدويرها، فإن هذه العملية ستكون حتماً أفضل من إعادة استخراج المعادن النادرة من باطن الأرض.

على الرغم من أن أغلب المواد الالكترونية قابلة لإعادة التدوير بذات الطريقة السابقة، إلا أنه يوجد بعض الاستثناءات، فهناك بعض القطع التي تحتاج إلى فرز أولي قبل إرسالها لمصانع إعادة التدوير، حيث يعمل الفنيين على إزالة بعض القطع الغير قابلة للتحطيم، مثل خراطيش الطباعة أو البطاريات القابلة لإعادة الشحن كونها قد تنفجر في مرحلة التقطيع، وفي حال وصول إحدى شاشات الـCRT (شاشات أشعة أنبوب الكاثود) القديمة، فيجب على الفنيين تفكيك هذه الشاشات يدوياً، لأنها تحتوي على طبقة من الرصاص خلف زجاج الشاشة، والتي كانت تستخدم لحماية المستهلكين من شعاع الإلكترونات التي يولّده المدفع الالكتروني للشاشة، علماً أن كل شاشة يمكن أن يستخرج منها حوالي 8 أرطال (3.5 كغ) من الرصاص، وهذا الرصاص يمكن أن يتم إرساله إلى المصاهر ليتم إعادة استخدامه.

أخيراً، قد تكون السياسة التي اتبعتها نيويورك للتخلص من النفايات الالكترونية سياسة غير مثالية، ولكن يجب على الدول الأخرى أن تتبع هذه السياسة لمنع نزيف البيئة الناجم عن الأجهزة الالكترونية القديمة، ففي حال امتلاك الدولة لبنية تحتية ملائمة يمكن اتباع سياسات مغايرة، مثل اجبار المباني السكنية الكبيرة على وضع صناديق إعادة تدوير الالكترونيات في البناء ذاته، ويتم حينها تفريغ هذه الصناديق دورياً من قبل عمال النظافة، أو يمكن أن يتم تجهيز شاحنات كبيرة للمرور في الأحياء السكنية ضمن ساعات محددة من الأسبوع، ويقوم حينها السكان بوضع جميع مخلفاتهم الالكترونية في هذه الشاحنات الكبيرة والتي تتكفل بإيصالها إلى مصانع إعادة التدوير، وفي النهاية أياً كانت الطريقة التي سيجري استعمالها من قبل الدول، فإنه يجب على الحكومات التحرك لاتخاذ خطوة حقيقة وفعالة في هذا المجال، وأقله يجب المباشرة بنشر التوعية بين المستهلكين لخطورة نفايات الأجهزة الالكترونية، تمهيداً لاتخاذ خطوات حقيقية باتجاه الحل.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير