توفي (أحمد زويل)، الحائز على جائزة نوبل ووالد مجال كيمياء الفيمتو اليوم عن عمر يناهز الـ 70 عام.

كان (زويل) أول مصري وأول عربي يحصل على جائزة نوبل في مجال العلوم، ولكن عالمه خارج وداخل مجال العلم كان أكبر بكثير من مجرد الإنجاز الفريد الذي أدى إلى نيله لجائزة نوبل.

ولد (زويل) في 26 شباط/ فبراير في عام 1946 في بلدة مصرية صغيرة تدعى الدمنهور تبعد حوالي 60 كيلومتر عن الإسكندرية، وتقع على أحد أفرع نهر النيل الذي يأخذك على طول الطريق إلى بلدة الرشيد حيث تم اكتشاف حجر رشيد، لذلك كانت بلدته تقع بين اثنين من المدن الهامة – رشيد والإسكندرية.

كان (زويل) مفتوناً بحب المعرفة عندما كان طفلاً، وكان يقوده الفضول لاستكشاف العلم وسلوك المواد.

بعد أقل من عقدين من الزمن، وبإلهام من صور موبيريدج (وتقنية توفق الحركة التي قدمت دليلاً على أن أقدام الحصان أثناء العدو تكون جميعها مرتفعة عن الأرض في الوقت ذاته في لحظة ما)، بدأ (زويل) يتعمق فيما أصبح بعد ذلك مجال كيمياء الفينتو.

بحسب (زويل) فإن فكرة الإنتقال من تصوير لقطة كانت في بداية القرن الماضي لا تتجاوز سرعتها الـ 1000 جزء من الثانية، إلى سرعة تصل إلى المليون والمليار جزء من الثانية بحلول نهاية القرن الماضي كانت رائعة حقاً.

إذا كنت ترغب في زيادة معلوماتك المعرفية فإن الفيمتو ثانية تساوي جزء من المليار من الثانية، وهو ما يصعب فهمه نوعاً ما.

يضيف (زويل) بأن الفيمتوثانية بالنسبة للثانية الواحدة، هي كالثانية الواحدة بالنسبة للـ 32 مليون سنة.

مثل العديد من التطبيقات العلمية الموجودة حالياً، ما بدأ كتجربة مستحيلة أصبح لها تطبيقات عملية كبيرة، فبمجرد أن تمكن (زويل) وفريقه من تصوير حركة الذرات، أصبح التصميم الجزيئي والجراحة على المستوى الذري أمراً ممكناً، كما قد أدى مجال التحليل الطيفي رباعي الأبعاد إلى إحداث المزيد من التطورات.

كانت جائزة نوبل بالنسبة لـ(زويل) مجرد بداية، فقد كان (أحمد زويل) صوت المنطق الذكي في ما يسمى في كثير من الأحيان بـ”صراع الحضارات” بين الشرق والغرب، فكمواطن مصري وأمريكي، كان (زويل) يصف نفسه بأنه مصري، عربي، أفريقي، شرق أوسطي وأمريكي، وعندما سمع أن عبارة “صراع الحضارات” بدأت بالإنتشار، كان كثيراً ما يشير إلى أن التسامح والتفاهم هي القواعد التي يجب أن يتم اتباعها.

تبعاً لـ(زويل)ن فإن الفجوة الهائلة بين من يملكون ومن لا يملكون في العالم أدت إلى الكثير من الإحباط، لذلك نحن بحاجة إلى رؤية سياسية جديدة لحل التحديات الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، وهذا لا يعني أننا سوف نكون قادرين على حل كل المشاكل، ولكن علينا أن نظهر للعالم بأننا نهتم بالأمر، سياسياً واقتصادياً، والمفتاح، في رأيه، هو أن نتعلم كيفية بناء الجسور بين البشر، وبناء الجسور بين الثقافات وبناء الجسور بين الأمم.

عمل (أحمد زويل) خلال العقد الأخير من حياته، بما في ذلك السنوات التي قضاها منذ تشخيص مرضه بالسرطان، بلا كلل أو ملل من أجل إنشاء جامعة كبيرة للعلم في مصر، وعلى الرغم من أن الحرم الجامعي الرئيسي لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا ما يزال قيد الإنشاء الآن، إلّا أن معاهد التكنولوجيا والبحوث تعمل الآن بشكل كامل في حرم الشيخ زايد، كما أن مقر الجامعة الجديد يعمل بكامل طاقته في جاردن سيتي في القاهرة.

بفضل (أحمد زويل)، أصبحت مصر مرة أخرى متقدمة في مجال العلوم.

يشير (زويل) بأن تعلم العلوم يوفر التفكير العقلاني، فالعلم أيضا لغة عالمية، فقد يكون بإمكانك التحدث باللغة الإسبانية، أو التحدث بلجة تكساس، أو اللهجة المصرية، أو حتى تكلم العربية، قد يكون بإمكانك التحدث بأي لغة ولكنك لن تكون قادراً على التواصل مع الجميع بشكل فعال، لكن العلماء في ولاية تكساس والقاهرة وألمانيا ولوس انجلس يتكلمون جميعهم اللغة ذاتها.

في رأي الدكتور (أحمد زويل)، فإن القوة الرابطة للعلوم هي لفتها المشتركة التي تعطي التفكير العقلاني لجميع البلدان والثقافات والأديان وتكون في صالح الجميع.

سواء كنت في مصر، أو في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر في العالم، فإن وفاة هذا العالم الكبير هي خسارة لنا جميعاً.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير