بالرغم من جميع التحسينات التي لا تصدق التي يتم إدخالها إلى تكنولوجيا الهواتف النقالة، تبقى هناك شكوى مستمرة تتصدر قائمة استطلاعات الرأي لدى جميع المستهلكين، وهي عمر البطارية، فوفقاً لاستطلاع قام به مركز البيانات الدولية (IDC)، تبين أنه من بين جميع المميزات التي يمكن للهواتف الذكية أن تمتلكها، كان عمر البطارية من أهم الاعتبارات لدى المستهلكين، ومن ثم تأتي سهولة الاستخدام، ونظام التشغيل، ودقة الكاميرا.
ولكن إن كان موضوع البطارية من الأشياء المهمة جداً بالنسبة لنا، فلماذا لا يركز المصنعون على ذلك؟ ولماذا لا يزال أغلبنا مضطراً لشحن هاتفه الذكي كل يوم؟
بالرغم من أن هناك الكثير من التحسينات التي يتم إدخالها باستمرار على بطاريات الليثيوم الأيونية التي تغذي هواتفنا الذكية، إلّا أن المعالجات والشاشات التي تحتاج لهذه البطاريات حتى توفر لها الطاقة تتحسن بسرعة أكبر بكثير، فعلى اعتبار أننا وصلنا إلى استخدام شاشات رباعية الدقة (QHD) ومعالجات ثمانية النواة، لا بد أن نكون بحاجة إلى المزيد من الطاقة للحفاظ على ذات المستوى من الاستخدام.
يوضح (إد بلومان)، أن الحقيقة المزعجة هي أنه قد يكون بإمكاننا الوصول إلى المزيد من المزايا ضمن الهواتف الذكية ولكن دائماً ما تقف مشكلة البطارية والطاقة كعائق أمام التطويرات، فمع ازدياد تطلعاتنا للحصول على المزيد من المميزات في أداء الهواتف النقالة، تزداد معاناة البطارية، كما أن الهواتف الذكية تصبح أيضاً أكثر عرضة لارتفاع درجة حرارتها، مما يؤثر بشكل سلبي أيضاً على البطاريات.
من ناحية أخرى، أصبح من الصعب جداً على المهندسين تخزين المزيد من الطاقة باستخدام التكنولوجيا الحالية، كما أن الوصول لابتكارات جديدة يتطلب إجراء تجارب مكلفة الثمن إضافة إلى أنها تستغرق وقتاً طويلاً أيضاً، وهناك مخاوف تتعلق بالسلامة فيما يخص موضوع البطاريات لأنها يمكن أن تنفجر حرفياً إذا ما تم تصنيعها بشكل خاطئ، ولذلك يجب أن يتم اختبار البطاريات على المدى الطويل، وإضافةً إلى ذلك، لا تكون النتائج المذهلة التي نحصل عليها في المختبرات دائماً قادرة على الوصول إلى مرحلة الإنتاج، حيث أنه يجب أن يتوفر توازن بين إنتاج البطاريات وقدرتها وطول عمرها وسرعة شحنها، وحتى إذا توصل أي اختراع لتغطية هذه المتطلبات كاملةً وتم اختباره ليصل إلى مرحلة الإنتاج، فإنه على الأغلب سيكون باهظ التكلفة مقارنة مع التقنيات القديمة التي يجري بالفعل تصنيعها وتصديرها إلى الأسواق.
لكن هذا لا يعني أن إدارات البحث والتطوير في جميع أنحاء العالم لا تعمل على إيجاد تقنيات جديدة للبطاريات، ولكن كل ما في الأمر هو أن هناك فجوة كبيرة بين الابتكارات في المختبرات والوصول إلى مرحلة الإنتاج، وفي المدى القصير من المحتمل أن نكون قادرين على قطع المزيد من الأميال للوصول إلى حلول تمتد أو تعزز من فعالية التكنولوجيا الحالية التي تعتمد على الليثيوم الأيوني.
بعض الأشخاص بدؤوا يعملون بالفعل على الالتفاف حول المشكلة، وذلك باستخدام أمور لإطالة عمر البطارية مثل الشواحن الخارجية، والبطاريات الإضافية، ولكن هناك سلبيات واضحة لهذه الأمور، فعلى سبيل المثال ليس هناك مهرب من إضافة بعض النفقات أو إضافة حجم زائد لدعم البطارية أو استخدام شاحن خارجي.
كما أن العديد من الشركات المصنعة تعمل الآن على تصنيع بطاريات مدمجة بالأجهزة، مما يجعل من الصعب تغييرها، وإن هدفهم من ذلك على ما يبدو جعل الجهاز يصبح أرق وذو قالب واحد، ويمكن أن يساعد هذا أيضاً على مقاومة الماء وجعل الهواتف تصبح أكثر تحملاً للصدمات.
قد تكون تقنية الشحن اللاسلكي إحدى الطرق المحتملة لحل مشكلة البطارية في الأجهزة الخلوية، ولكن هذه التقنية تواجه الكثير من العيوب، مثل عدم وجود اتفاقات توضح المعايير الصناعية لها، وعدم تسويقها بشكل كبير، واعتمادها على الاتصال بشكل أساسي، وإن هذه العوامل قد تشكل عائقاً أمام حل مشكلة البطاريات في الشكل الحالي للشحن اللاسلكي، ولكن بنفس الوقت هذه العوامل لا تخرجها نهائياً من معادلة الحل، فالابتكارات التي توصل إليها مصنعون مثل (Energous)، والتي تستخدم الترددات اللاسلكية وتقنية البلوتوث لشحن الأجهزة على بعد 15 أقدام من جهاز الإرسال، يمكن أن تغير قواعد اللعبة في هذا المجال، فإذا ما ثبت أن هذه التقنية تتيح حلاً حقيقياً وتم التأكد من أنها آمنة للاستعمال وحصلت على التسويق والدعم الصحيح، عندها يمكن للشحن اللاسلكي أن يكون الجواب المنتظر لهذه المشكلة.
تعتبر سرعة الشحن أيضاً من الأمور المهمة التي تؤثر على أداء البطاريات، ونحن نشهد بالفعل ظهور بعض الهواتف الذكية وأجهزة الشحن التي تسرع من عملية الشحن، فمثلاً يمكن لتقنية الشحن السريع (الكوالكوم 2.0) أن تسرع من شحن الهواتف الذكية بنسبة 75%، أي أن شحن حوالي 60% من طاقة البطارية لن يستغرق أكثر من نصف ساعة، وحالياً تأمل شركة (StoreDot) بالوصول إلى هدفها في تغذية بطارية الهواتف الذكية بهامش من الوقت لا يزيد عن 30 ثانية، ولكن هذه التكنولوجيا لم يتم بعد صقلها بالطريقة اللازمة.
هناك العديد من الأفكار الجديدة التي لا تتضمن حمل البطاريات والشواحن مثل تقنية (Ampy) التي تحول الطاقة الحركية الناتجة عن المشي وغيره من الأنشطة إلى بطارية خارجية معيارية يمكن أن تستخدم لدعم الهواتف الذكية، ومن هنا يمكن القول بأن الأشياء الداعمة للبطارية والتي يمكن ارتداؤها، يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في هذا المجال، كما أن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى إمكانية استخدام حرارة الجسم في توفير الطاقة اللازمة للبطاريات، كما يمكن أن نرى أيضاً الألواح الشمسية منسوجة ضمن ملابسنا، وذلك على الرغم من أن الأمثلة التي ظهرت حتى الآن عن هذه التقنية مثل سترة (هيلفيغر) ليست ملهمة إلى ذلك الحد، وهناك فكرة تتمثل بدمج شاحن بالطاقة الشمسية في شاشات الهواتف الذكية، ولكن هذه الأفكار كلها لم يتم مناقشتها بما يكفي، حيث أن معظمها يعتمد إلى حد كبير على مستوى نشاط الشخص الذي يحمل الهاتف أو موقعه.
بالكاد يمر شهر دون أن نسمع أخبار تتحدث عن بعض الابتكارات التكنولوجية التي من شأنها أن تحسن من التقنيات التي توجد حالياً لدينا، سواء أتمثل ذلك بالجيل المقبل من بطاريات الليثيوم التي أنتجتها جامعة ستانفورد والتي تضاعف عمر بطارية الهواتف الذكية بثلاث مرات، أو الوعود التي تتحدث عن إمكانيات استخدام الأقطاب السيليكونية، أو الأبحاث التي تجري على المواد النانوية لإطالة عمر بطاريات الليثيوم الأيونية، كما وقد نرى الكثير من الاختراعات القادمة التي تتضمن استخدام المادة العجيبة “الجرافين” في تصاميم تقنية جديدة لبطاريات الليثيوم الأيونية، أو قد يتم استخدامها كجزء من مكثفات هائلة القوة.
هناك احتمالات في كل مكان، ولكن لا يوجد إجابات يمكن الاعتماد عليها في مستقبل البطاريات، فجميع الوعود تبدو بعيدة المنال، والابتكار المقبل لا يزال على بعد سنوات وليس شهور، وما يمكننا أن نكون متأكدين منه هو أن برامج التحسين ستستمر، وأن الشركات المصنعة ستستمر في إيجاد وسائل للحد من استهلاك الطاقة وتحسينها.