التصنيفات: فضاء

هذا ما يمكن أن يفعله السفر للمريخ بأدمغتنا

سوف يتعامل رواد الفضاء الذين من المقرر لهم الذهاب إلى المريخ مستقبلاً مع الكثير من الأشياء التي تتجاوز مشكلة تخطي المسافة الفضائية الشاسعة التي تفصل الأرض عن الكوكب الأحمر – والتي تصل تقريباً إلى 140 مليون ميل-، فوفقاً لدراسة تم نشرها مؤخراً في مجلة (Physiology and Behavior)، تم خلالها إجراء تجربة تهدف إلى محاكاة الرحلة إلى المريخ، فإن قضاء 18 شهراً من العزلة يمكن أن تسبب للمشاركين مستويات عالية من التوتر وانخفاض النشاط الدماغي.

في عام 2010، شارك ستة رجال بشكل طوعي في تجربة تتضمن العيش في موطن صغير منعزل يقع خارج موسكو في روسيا لأطول فترة زمنية، استمرت لسنة ونصف، تم خلالها إجراء التجارب، وكان هدف هذه الدراسة التي دعيت “Mars500″، هو إتاحة فرصة أفضل للباحثين لفهم ما يمكن أن يحدث لأجسام الأشخاص وعقولهم نتيجة لقضائهم فترات طويلة من العزلة، وقد كانوا مهتمين بصفة خاصة بالناحية الدماغية، حيث أشار الباحثون بأن تأثير الحبس الطويل الأمد على الدماغ البشري لم ينل سوى الجزء اليسير من البحث.

استناداً إلى دراسات سابقة تم إجراؤها على مدى أقصر بكثير، يشتبه الباحثون بأن ممارسة التمارين الرياضية يساعد على مواجهة التوتر والملل الناتج عن العزلة.

كجزء من الدراسة، كان المشاركون يقومون كل 60 يوماً بأخذ قياسات لكهربائية موجات الدماغ لتسجيل نشاط أدمغتهم، وكانوا يقدمون أيضاً عينات من اللعاب لفحص مستويات الكورتيزول – هرمون الإجهاد- لديهم، كما كان المشاركين يقومون بممارسة التمارين الرياضية على أجهزة خاصة لمدة 30 دقيقة، قبل وبعد أخذ الرسم الدماغي لهم.

على الرغم من أن التجربة قد تم إجراؤها قبل بضع سنوات، إلّا أن البيانات بدأت بالظهور على مدى العامين الماضيين، فمن خلال هذه الدراسة، وجد الباحثون أنه خلال فترة الدراسة، كان النشاط الدماغي الذي يظهر بشكل موجات ألفا وبيتا للمشاركين أقل بكثير من المعتاد، مما يدل على مستويات الاسترخاء والوعي، والوظائف المنطقية على التوالي، كما وقد وجد الباحثون بأن مستويات الكورتيزول كانت عالية لدى المشاركين طول فترة العزلة تقريباً، ولكنهم لاحظوا أيضاً بأن الموجات الدماغية لدى المشاركين زادت بعد ممارسة التمارين الرياضية، وفي المقابل انخفاضت مستويات الكورتيزول لديهم، ومن خلال ذلك، خلص الباحثون أنه على الرغم من التوتر والملل الذي تعرض له المتطوعون، فإن ممارسة الرياضة بإنتظام كان بإمكانها مساعدتهم على تخطي تلك المرحلة.

بالرغم من ذلك، فإن ممارسة الرياضة لا يمكن أن تحل مكان أسلوب الحياة النشط والغير رتيب، إلّا أن المثير للاهتمام، كان أن المشاركين لم يعانوا من أي نوع من الآثار الجانبية على المدى الطويل، وعادت وظائف الدماغ ومستويات الكورتيزول لديهم إلى معدلاتها الطبيعية خلال وقت قصير من انتهاء مدة الاحتجاز، وعلى الرغم من أن الإجهاد يمكن أن يكون له العديد من الآثار الطويلة الأمد على الجسم والعقل، ولكن يبدو بأن مدة 18 شهراً لم تكن طويلة بما يكفي لإحداث أي ضرر دائم.

تقدم هذه الدراسة أخباراً سارة لعشرات رواد الفضاء الطامحين لاستعمار المريخ، ولكنها تعني أيضاً بأن رحلتهم ستكون مملة جداً، وأنه سيكون عليهم محاربة آثار العزلة بممارسة التمارين

الرياضية، حتى لو لم يكونوا يرغبون بذلك، وبالنسبة للأشخاص الذين يخططون للبعثات، فإن هذا يعني أيضاً بأنه لا بد من تخصيص بعض من مساحة السفينة المحدودة لوضع المعدات الرياضية التي يمكن أن تشكل علاجاً يحمي الطاقم من الإصابة بالجنون تماماً، وعلى الرغم من أن هذه التجربة لم تكن سهلة على المشاركين، إلّا أن نتائجها ستساعد رواد الفضاء في المستقبل للحفاظ على صحتهم العقلية والجسدية بأفضل حالاتها.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير