التصنيفات: الصناعة والإبتكار

معالجة المياه الملوثة الحاوية على المشتقات النفطية

1- تمهيد:

تجمع كل المنظمات والمجتمعات التي تدافع عن نقاوة وصفاء البيئة من اجل توفير عناصر الحياة السليمة للبشر والخالية من مسببات وتكوين بؤر تلوث واسعة إن المصافي النفطية وخاصة الأنواع القديمة منها التي يُعمد إلى بنائها وإقامتها على مقربة من الأنهار وذلك للتخلص من المخلفات فيه من أكثر المصادر البرية تلويثا للبيئات البحرية نظراً لكثرة المواد الضارة وتنوعها والتي يتم إفرازها وتصريفها منها والتي تجد طريقها في نهاية المطاف إلى هذه البيئات مما يزيد من حجم مشكلة التلوث النفطي الناتج من هذه المصافي إن عملية تكرير البترول تتسم بتعقيدها ويرجع ذلك إلى أن النفط نفسه هو خليط معقد من عدد ضخم من المركبات الكيميائية ولتنوع المنتجات المطلوبة والتباين الكبير في خواصها الفيزيائية والكيميائية.

2- مصادر المشتقات النفطية في المياه:

يستخدم البخار على نطاق واسع في مصافي النفط وذلك في أجهزة الفصل وأجهزة إحداث الضغط المنخفض وأبراج التقطير وغيرها هذا البخار يكثف بعد ذلك ويفصل عن منتجات بترولية على هيئة مياه وتظل في هذه المياه نسبة معينة من المواد الهدروكربونية والكبريتية كما تستخدم أنواع مختلفة من المياه بكميات كبيرة جدا في مصافي النفط مثل مياه التبريد التي تستعمل في المكثفات والمبادلات الحرارية بالإضافة إلى مياه العمليات وهي عبارة عن مياه الأملاح التي تفصل الزيت الخام ونظرا لطول خطوط الأنابيب وتعدد الصمامات والوصلات يحدث تسرب لبعض المواد الهدروكربونية التي تصل إلى مياه التبريد فتلوثها ويزداد تركيز هذه الملوثات باستمرار دوران هذه المياه وإعادة استخدامها ولذلك فان المياه المنصرفة سواء كانت ناتجة عن تكثيف البخار أم من مياه التبريد أم من مياه العمليات تحتوي على نسب معينة من الملوثات التي يجب أن تعالج قبل دفعها إلى البحر كما أن بعض هذه المياه يتسم بارتفاع درجة حرارته وهو الأمر الذي يتسبب في حدوث تلوث.

تشكل المركبات الهدروكربونية النسبة العظمى من الملوثات الموجودة في مياه الصرف الناتجة عن الصناعات البترولية ، ويضاف لها بعض المركبات الأخرى منها : المركبات العضوية ( كحمض السلفونيك ) – والمركبات الكبريتية – وأملاح الصوديوم …..‏

ويحدث التلوث بالمواد البترولية بسبب المخلفات الناتجة عن الصناعات البترولية أو نتيجة الحوادث المؤدية إلى تدفق كميات من النفط ، ويمكن تجزئة مراحل الصناعات البترولية إلى :‏

أ- مرحلة الإنتاج : حيث تستخدم المياه في مرحلة إنتاج النفط بشكل واسع  كما أن البترول الخام يحوي على نسبة من المياه ، وتنفصل تلك المياه بالتبخر عن درجة حرارة (50 – 90) درجة مئوية وتحوي المياه الناتجة  على (0.5-2)غ/ل من المواد الهدروكربونية.

ب- نقل النفط : ينتج عن عملية نقل النفط بواسطة الناقلات كميات كبيرة من المياه الملوثة بالمركبات الهدروكربونية ، وتكون تلك المياه متواجدة داخل النفط المنقول ، وتنفصل عنه أثناء عملية النقل ، كما يتم تنظيف ناقلات النفط بعد تفريغها ويكون ماء التنظيف محملاً بالمواد المنظفة والمحلات العضوية.‏

ج – مياه صرف ناتجة عن مصافي النفط: تتكون مياه الصرف الناتجة عن مصافي النفط من أنواع مختلفة في حمولتها من المركبات البترولية وفي نوعية تلك المركبات

الشكل(1) المخطط العام لمعالجة مياه المصافي

3- مراحل معالجة المياه الملوثة بالمشتقات النفطية:

تعمل وحدة معالجة المياه الملوثة بالمشتقات النفطية على استرجاع الزيوت النفطية التي توجد في المياه على عدة أشكال.

  • زيوت حرّة غير مستحلبة.
  • زيوت مستحلبة ومستقرة وسط الماء.
  • مواد صلبة غير منحلة.

وإن مبادئ فصل واسترجاع هذه الزيوت تتوقف على طبيعة وجودها فالمواد الصلبة والزيوت الغير مستحلبة تفصل بالطرق الفيزيائية أما الزيوت المستحلبة فتفصل كيميائياً ً، وأخيراً يتم معالجة المستحلبات الصغيرة والمواد العضوية غير المنحلة والتي لم تعالج بالطرق السابقة بيولوجياً.

مراحل المعالجة لهذه المياه:

تمر المياه الملوثة أثناء معالجتها بثلاث مراحل تبعاً لطريقة المعالجة وهي:

  1. مرحلة المعالجة الفيزيائية.
  2. مرحلة المعالجة الكيميائية.
  3. مرحلة المعالجة البيولوجية.

يبين الشكل (2) المخطط العام :

B2 حوض الفصل البدائي B3 حوض السلدج السفلي
B4 حوض السلرب B5،6 A.P.J
B7 السلرب B9 التجانس والتلبيد
B11،13 التعويم B15 سلدج تعويم
B19،20 حوضي الترسيب B23 موزع السلدج والتعويم
B24 المياه الخارجة من الترسيب إلى النهر Z 5،6 خزانات سلرب
B18البيولوجي X خلاطات الحوض البيولوجي

الشكل (2)المخطط العام لمعالج المياه في مصفاة حمص

1-3- مرحلة المعالجة الفيزيائية:

يتم فيها فصل المواد الصلبة والزيوت الغير مستحلبة بالاعتماد على مبدأ الثقالة حيث تستخدم فواصل API ذات التصميم العائد لمعهد البترول الأمريكي والذي يعتمد تصميمها على مبدأ الفرق في الكثافة بين طوري الماء والزيوت سواءً الحرة أو الصلبة، فتطفو الزيوت الحرة على سطح الماء وتؤخذ بواسطة كاشط معين إلى حفرة خاصة بالزيوت لتعاد بعد ترقيدها إلى خطوط الإنتاج من جديد بينما تترسب المواد الصلبة في أسفل تلك الأحواض وتؤخذ عبر مآخذ خاصة على شكل حمأة أو سلدج إلى أماكن خاصة يتابع فيها معالجتها والتخلص منها.

الشكل (3)الشكل النموذجي لأحواض API

يبين الشكل (3) الحالة النموذجية المبسطة لأحواض API علماً أن هناك

بعض التعديلات التي يمكن إضافتها لهذا النموذج بقصد تحسين مردود عملية الفصل كأن تضاف بعض الحواجز والصفائح المعدنية إلى منطقة عبور المياه حيث تلتصق قطرات الزيت على هذه الصفائح وتتجمع عليها وتسمح بالتالي من ازدياد احتمالات تصادمها وتضخم حجمها الأمر الذي يساهم في تحسين مردود فصلها وتعويمها.

2-3- مرحلة المعالجة الكيميائية:

الزيوت المستحلبة لا يمكن فصلها فيزيائياً لذلك لا بد من اللجوء إلى طرق المعالجة الكيميائية والتي تسمح بإزالة حالة الاستحلاب والاستقرار الناشئة بين قطرات الزيت والوسط المائي المحيط بها المرحلة الثانية.

حيث تحضر المياه الخارجة من أحواض API بإضافة بعض المواد المخثرة مثل كبريتات الحديدي باعتبارها أقل تكلفة من المواد المخثرة الأخرى ولأنها في الحقيقة تقوم بوظيفتين هما:

  1. تشكل (بعد أكسدة شاردةFe+2 إلى Fe+3 بواسطة الأكسجين المنحل) مركب ماءات الحديد ذات القوام والسطح الجيلاتيني الذي يتمتع بقدرة ادمصاصية تساعد على امتزاز قطرات الزيت المستحلبة عل سطحها وذلك بمساعدة الهواء المنحل كما سنرى لاحقاً.
  2. إن إضافة كبريتات الحديدي تساعد في التخلص من غازH2S المنحل والمركبتانات التي قد ترد مع المياه الزيتية والتي لها أضرار بالغة على عمل المعالجة البيولوجية اللاحقة حيث أن وجود شاردة Fe+2 يشكل مع H2S راسب أسود هو عبارة عنFES .

بعد تشكيل المادة الادمصاصية الأولية 3(FE(OH يتم إضافة إحدى المركبات البوليميرية ذات الأوزان الجزيئية العالية والتي تحمل على سطحها شحنة كهربائية موجبة شديدو تقوم بتجميع جزيئات ماءات الحديد على سطحها مشكلة بذلك حجوماً وسطوحاً واسعة قادرة على العوم بمساعدة الهواء المنحل الذي سيحقن لاحقاً.

تستكمل مرحلة المعالجة الكيميائية بما يسمى بمرحلة التعويم Flotation وهي مرحلة هامة للغاية وحاسمة جداً في تحسين المواصفات النهائية للمياه المعالجة ويرمز لها اختصاراً بـ  Dissolved Air Flotation التعويم بالهواء المنحل.

ويعتمد مبدأ هذه الطريقة على تغيير كثافة المواد الصلبة المشكلة بإضافة المواد الكيميائية السابقة عن طريق انضمام فقاعات الهواء المحقونة بواسطة شبكة خاصة في أسفل الحوض إلى سطوح تلك المعلقات ومساهمته في اتساع سطوحها النسبية وبالتالي الإقلال من كثافتها الأمر الذي سيسمح بتعويمها.

أي أن ما يقصد بالتعويم في الحقيقة هو التيار الصاعد من المواد الادمصاصية التي ستسهم في امتزاز قطرات الزيت المستحلبة وفي نفس الوقت أيضاً التقاط المعلقات الطبيعية الصلبة التي ندعوها بعكورة المياه وتجميعها على سطح أحواض التعويم.

لتؤخذ بعدئذ بواسطة قاشط خاص وتجمع في حفرة خاصة كحمأة تدعى بحمأة التعويم، ويمكن توضيح آلية عمل هذه المرحلة من خلال الشكل رقم ” 4 ” .

ويقاس مردود هذه المرحلة بالعلاقة التالية:

    R : هو مردود العلمية %.

    IC : هو محتوى الزيوت في المياه الداخلة ويقاس بـ PPM.

    EC: هو محتوى الزيوت في المياه الخارجة.

وعموماً يجب ألا يقل مردود هذه المرحلة عن (70-80)%.

    الشكل (4) آلية عمل التعويم

1- المياه الزيتية الداخلة               2- المياه النظيفة الخارجة

3- الزيوت المفصولة                 4- الحماة المفصولة

5- الهواء المضغوط                  6- فقاعات الزيت والهواء العائمة

3-3- مرحلة المعالجة البيولوجية:

تدخل المياه الخارجة من مرحلة التعويم إلى أحواض المعالجة البيولوجية المزودة بخلاطات ميكانيكية تقوم بتأمين التهوية لهذه الأحواض وتزويدها بالأكسجين اللازم لعمليات الأكسدة حيث تعد هذه الطريقة من أكثر الطرق شيوعاً ونجاحاً في تحويل المواد العضوية سواءً كانت منحلة أو ذات حجوم دقيقة استحال فصلها بالمراحل السابقة إلى مواد غير منحلة وذلك من خلال أكسدتها بفعل الأحياء الدقيقة (البكتريا) التي تقوم بتحويلها عبر استقلاباتها الحيوية إلى ثاني أكسيد الكربون وإلى أحياء دقيقة جديدة تدعى بالمخثرات (الفلوك) البكتيرية القابلة للتوضع في أسفل أحواض الترقيد الملحقة بالمفاعلات البيولوجية والموضحة في المرحلة الثالثة في المخطط شكل رقم ” 5″.

إن العديد من الأحياء الدقيقة يمكن أن تتغذى على المواد العضوية المنحلة أو المعلقة وتفكيكها شريطة المحافظة على شروط حياتها المناسبة وبصورة خاصة احتياجاته من الأكسجين.

ويقاس محتوى المياه من المواد العضوية القابلة للتفكك بالبكتريا بما ندعوه الاحتياج الأكسجيني العضوي: (BOD) Biochemical Oxygen Demand.

وتمثل هذه المواصفة كمية الأكسجين التي تستهلكها البكتريا لتمثيل هذه المواد العضوية ويمكن تسميتها بالحمل العضوي للحوض البيولوجي فعندما يكون هذا الحمل منخفضاً نسبياً وفي حال توفرت مساحات كافية من الأرض تصمم في هذه الحالة الأحواض البيولوجية على نظام اللاغونات أو الحفر المفتوحة حيث تؤمن البكتريا فيها حاجتها من الأكسجين مباشرةً من الجو الطبيعي.

أما إذا كان الحمل العضوي مرتفعاً فلابد في هذه الحالة من إمداد تلك الأحواض بالأكسجين بالوسائل الميكانيكية التي تقوم بشكل دوري بتأمين التهوية المطلوبة لكامل الحوض.

    الشكل (5) دورة عمل الحماة المنشطة

1- المياه الداخلة    2- خلاط التهوية       3- حوض التهوية

4-حوض الترسيب    5- قاشط             6- الحماة المفصولة

7- الحماة الزائدة   8- المياه الخارجة      9- الحماة المدورة

10- مضخة حلزونية

4-  الفصل  بالأغشية (Membrane Separation):

إن استعمال الأغشية نصف النفوذة يعد نقلة حديثة نسبياً في تكنولوجيا تجديد وتنقية المياه، وفي حين أن مهندسي التصميم يجدون في استكمال وتطوير هذه التقنيات الجديدة معتمدين في نفس الوقت على الطبيعة التي تشتمل على أمثلة عديدة لفصل المحاليل المائية بواسطة الأغشية نصف النفوذة، ويحاولون تصنيع أجهزة فصل مماثلة لما يحدث في العديد من الأنظمة الطبيعية فالأغشية الطبيعية تستعمل بواسطة جذور الأشجار وأوعيتها الخشبية وبواسطة الأمعاء الدقيقة والكلى عند الحيوانات وذلك في عمليات نقل الأغذية إلى خلاياها وفي طرح الفضلات.

فعندما تستعمل الأغشية في تنقية المياه فإن المياه تعبر عبر هذه الأغشية نتيجة لقوة الاستخراج أو نتيجة لاشتراك قوى استخراج عديدة تجعل المياه تترك ورائها جزءاً من شوائبها الأصلية كمحاليل مركزة وإن نوع الأغشية وطريقة تطبيق قوى الاستخراج ومواصفات المياه المراد تنقيتها، جميع هذه العوامل تحدد نوع الشوائب التي يمكن فصلها ومردود التنقية أيضاً.

ففي الماضي كانت مشاكل انسداد وتخرب هذه الأغشية ومشكلة طرح مخلفات التنقية تجعل استخدام هذه الأغشية محدود بتكلفة عالية نسبياً ومقتصراً على بعض المواقع التي تتوفر فيها إمكانية الاستفادة تجارياً من المخلفات.

أما التطورات الحديثة فلقد جعلت من هذه الأغشية تكنولوجياً قابلة للتطبيقات بصورة واسعة ومكنت من إنتاج مياه فائقة النقاوة وفي فصل ملوحة المياه الضاربة للملوحة وكذلك في معالجة أنواع المياه الملوثة وللفصل بالأغشية تطبيقات عديدة من أهمها:

1-4- الترشيح الميكروني( Microfilration):

فهي أبسط عملية فصل تقوم بها الأغشية بوصفها تلعب دور الجدار والحاجز المائي حيث ترغم المياه على المرور عبره يفوق الضغط وذلك من خلال مساماته التي يمكن أن تتراوح بين(0.1-0.2)ميلي ميكرون .

وعندما تستخدم الأغشية كجهاز تحليلي لتحديد محتوى المواد الصلبة المعلقة TTS في عينة المياه يراعى أن تكون مساماته حوالي 0.45 ميلي ميكرون .

وتصنع الأغشية الصناعية من مواد مختلفة مثل البولي أميد أسيتات السيليلوز. إن عدد المسامات في واحدة السطح وشكلها يمكن أن تتنوع جداً وتؤثر على معدلات ومواصفات المياه الناتجة كما أن كيميائية الأغشية وبنيتها أيضاً من العوامل الهامة.

وخلال عملية الترشيح تلتقط المواد المعلقة على سطح الغشاء وإذا كانت هذه المعلقات من النوع الطيني أو يسهل ضغطها على سطح الغشاء تؤدي في هذه الحالة إلى انسداد مساماته بصورة أسرع بكثير من أية مواد ترشيح أخرى وتؤدي إلى انخفاض معدلات الترشيح إلى حدود كبيرة قد تؤدي إلى إيقاف عمل الغشاء واستبداله، ونادراً ما يمكن غسيل هذه الأغشية عكسياً.

إن الأغشية التي تستعمل بغرض الترشيح تكون قدرتها قليلة على فصل المواد الغروية والمنحلة ، وإن مردود فصل المواد الصلبة المعلقة إنما يعتمد بالدرجة الأولى على حجم وشكل المسامات وعلى نزوع العجينة التي تنشأ مع استمرار عملية الترشيح.

إن الترشيح الميكروني بالأغشية يختلف عن الترشيح بطريقة المناخل، فالأغشية يمكن أن تنتفخ وتتورم وتتغير وبالتالي مواصفاتها، كما يمكن أن تحدث بعض التفاعلات الكهروكيميائية بين هذه الأغشية وبعض المواد الغروية والمنحلة الخاصة ولذلك فإن المرشحات الميكرونية هذه يكون لها نوعين من معدلات الترشيح : اسمي ومطلق.

حيث يأخذ المعدل الاسمي بالاعتبار ترشيح المواد الصلبة المعلقة حتى الأصغر من المسامات وذلك نتيجة تأثير المواد المتجمعة على سطحه ولعبها دور المرشح الإضافي.

أما المعدل المطلق فيعني فصل المعلقات الأكبر من حجم المسامات بنسبة 100%. كما أن المعدل النسبي يحدد عادةً تجريبياً بالنسبة لكل عملية.

كما ويمتاز الترشيح الميكروني عن طرق الفصل الأخرى بالأغشية بأن نسبة المياه الناتجة هي 100%، هذا ولجعل هذه الطريقة من الترشيح بالأغشية طريقة عملية لابد من فصل غالبية المواد المعلقة باستخدام مرشحات خاصة Septum filters قبل أن تدخل المياه إلى الأغشية التي يجب أن تعد المرحلة الأخيرة في إنتاج المياه عالية النقاوة.

2-4- الترشيح الفائق( Ultra Filtration):

كلما صغر حجم المسامات في الأغشية وأصبحت أصغر بكثير من 0.1 ميلي ميكرون تطلب ذلك زيادة فرق الضغط اللازمة فيها للحصول على معدلات تدفق مقبولة أي كلما كان المطلوب استخدام أغشية بمسامات صغيرة وضغط عالي دعونا هذه الطريقة من الترشيح بالترشيح الفائق (UF) حيث يكون عادةً فرق الضغط المطلوب أعلى من 1.4 كغ/سم2  وإن الغرض من استعمال المسامات الأصغر هو فصل المواد الغروية والمواد العضوية المنحلة ذات الأوزان الجزئية العالية، ومن محاذير هذه الأغشية ذات المسامية الصغيرة أنها أكثر عرضة للانسداد من الأغشية الميكرونية.

كما أن بعض أنواعها يمكن أن يغسل عكسياً ويمكن أن تتخرب بالحرارة والضغط الزائدين ويلعب نوع وشكل غشاء (UF) دور أساسي على النتائج.

وللحصول على معدلات تدفق مناسبة يجب أن يتألف الغشاء من جلد أو طبقة جلدية رقيقة جداً تعلوها طبقة ذات سماكة أكبر وذات مسامية اكبر وندعو مثل هذا الغشاء بالغشاء المتباين حيث تكون سماكة الطبقة الجلدية أقل من  0.1 ميلي ميكرون بينما تبلغ سماكة الطبقة الثانية (25-50) ميلي ميكرون وعادةً يكون الجلد والطبقة التي تعلوه من نفس المواد ولكن يعالج سطح الجلد عند تلامسه مع الطبقة ببعض المعالجات الحرارية والميكانيكية والكيميائية لتعديل بعض مواصفاته.

بالإضافة إلى مشكلة احتمال انسداد هذا الغشاء فإن مشكلة الاستقطاب التي تنشأ بسبب التركيز هي أيضاً من المشاكل التي ستؤثر على معدلات التدفق  وهذه الظاهرة أو المشكلة تحدث عادةً عند طبقة الماء الملامسة لسطح الغشاء وتحدث نتيجة للزيادة الموضعية في تركيز المواد أو الشوائب المفصولة مما يؤدي إلى زيادة كثافة المحلول وكذلك لزوجته عند سطح الغشاء مما يؤدي إلى انخفاض معدل التدفق.

ولقد جرت محاولات عديدة لتطوير بعض التصاميم وجعلها تخفض من تأثير هذه المشكلة.

أنواع التصاميم التجارية لوحدات (RO) و (UF) :

توجد أربعة أنواع من التصاميم الأساسية لوحدات الترشيح الفائق (UF) والتناضح العكسي (RO) وهي :

    1. الأنبوبي (Large tube construction).
    2. التصميم ذو الصفيحة المستوية (Flate plate construction).

    عادةً يستخدم هذا النظام في تطبيق عملية فصل المواد الصلبة بالفلتر المكبسي أو بالضغط.

    1. التصميم ذو اللفائف اللولبية.
    2. التصميم ذو الأغشية المجوفة المصنوعة من الفيبر.

التناضح العكسي : Reverse Osmosis :

إن عملية النضح Osmosis هي العملية التي يمر فيها المذيب عبر الغشاء الفاصل بين محلولين ضعيف وقوي بحيث يكون اتجاه تدفق المذيب بالاتجاه الذي يخفف من تركيز المحلول الأقوى ويمكن ملاحظة ذلك من خلال ملاحظة زيادة الحجم في حجرة المحلول الأقوى وإذا زودت هذه الحجرة بأنابيب عمودية فإننا نلاحظ أن التدفق إلى الحجرة الأقوى يستمر حتى يصبح مستوى السائل في هذه الحجرة أعلى من مستواه في حجرة السائل الأضعف بمقدار يساوي الضغط الحلولي للسائل.

أما في التناضح أو الحلول العكسي (RO) فإنه تنشأ قوة استخراج نتيجة لفرق الضغط على جانبي الغشاء تؤدي هذه القوة إلى تدفق جزيئات الماء بعكس الاتجاه العادي أي من جهة المحلول الأقوى إلى الأضعف.

لذلك فإن الضغط الواجب تطبيقه في هذه الحالة يجب أن يكون في حده الأدنى أعلى من الضغط الحلولي للسائل ويعتمد أيضاً على فرق التركيز على جانبي الغشاء ويقدر هذا الضغط اللازم حوالي 21 كغ/سم2  أي  يضاف إليها حوالي 10 ليبرا/إنش2  كلما زاد تركيز الأملاح في المياه المراد معالجتها 1000 ملغ/ليتر .

ومن هنا يتضح أن غالبية التكلفة في تشغيل مثل هذه الوحدات تنصب على تأمين الضغط اللازم كطاقة ضخ والعامل الثاني المكلف هو لطرح المخلفات والذي تبلغ نسبته حوالي %25 من الكمية الداخلة.

ولجعل مثل هذه الوحدات أقل تكلفة فإنه يفضل استعمال وحدات (RO) من مرحلتين على التسلسل بحيث تمرر المخلفات الناتجة من المرحلة الأولى إلى مجموعة الفصل الثانية كما في الرسم الصندوقي الموضح في الشكل (7) التالي:


الشكل (7) استعمال وحدات RO على مرحلتين

ومن المهم جداً في تشغيل وحدات (RO) المحافظة على الضغط التصميمي لها أي على معدل انخفاض الضغط عبر الأغشية، وذلك لأن انخفاضه عن هذا الحد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج من جهة وإلى سوء مواصفات المياه الناتجة من جهة ثانية وكذلك إذا تم رفع قيمة الضغط المعاكس أي في جهة المنتج كأن يتم الإغلاق المتعمد على خط “المنتج”، فإن ذلك أيضاً يسيء إلى مواصفات المنتج ولذلك فإن المحافظة على الضغط عبر الأغشية يعد عامل حرج للحصول على الأداء الأمثل لهذه الأغشية.

وإن فروق الضغط عبر الأغشية إنما يتأثر بصورة أساسية بطبيعة الأغشية المستعملة حيث أن انتقال الماء عبر الأغشية ليس فقط عملية نفوذ عبر مسامات معينة بل عملية انتشار للجزيئات عبر الفراغات الموجودة في البنية الفراغية للجزيئات المشكلة للأغشية .

وإن هذه الفراغات في البوليميرات الزجاجية ” الغير بلورية ” تكون بوضع متحرك أو غير ثابت بينما تكون في المواد البلورية عبارة عن فراغات ضمن البنية المتشابكة وتكون ثابتة بصورة أساسية سواء بالعدد أو بالمكان أو الحجم.

هذا وتصنع الأغشية من بوليميرات زجاجية إلا أنها تحتوي في الغالب على بعض المناطق البلورية أو الأقل زجاجية وأكثر المواد المستعملة لصناعة الأغشية هي بوليميرات السيللوز أسيتات أو التري أسيتات أو البولي أميد .

إن تقادم الأغشية يمكن أن يؤدي إلى تراص سطح الغشاء وإلى تضييق التدفق ومثل هذه الظواهر قلما تشاهد تحت الضغط 200 ليبرا/إنش2  إلا أن حدودها قد تبلغ حتى %10 كخسارة في الإنتاج حتى ضغط 400 ليبرا/إنش2 وأكثر من %40 إذا استمر عمل هذه الأغشية لمدة عام بعد ملاحظة ظهور هذه المشاكل .

ولذلك يجب مراعاة مثل هذه الأمور أثناء تصميم مجموعات الأغشية ويمكن أيضاً أن ندعو عملية (RO) بالترشيح الفائق من ناحية علاقتها بعملية الترشيح بالضغط العالي إلا أنه يجب ألا نخلط بينها وبين عملية (UF) التي تتطلب تطبيق ضغوط أقل وأغشية مختلفة وذلك لأن عملية (UF) لا تستطيع فصل الجزيئات المنحلة ذات الأوزان الجزيئية الصغيرة والمتوسطة بينما عملية (RO) تستطيع فصل حتى المواد المتشردة ذات الأوزان الجزيئية الصغيرة .

إن عملية فصل الأملاح التي تقوم بها الأغشية إنما تعد صفة مرتبطة أو معبرة عن أن هذه الأغشية هي نصف نفوذة أي إن أحد الأغشية يمنع عبور شاردة معينة أكثر مما يمنعها غشاء آخر وإن قدرة غشاء ما على فصل شاردة معينة يمكن أن تتأثر بوجود شوارد أخرى في المياه المعالجة.

على العموم يمكن أن نقول أن الغشاء الأكثر قدرة على إمرار الماء من خلاله يكون أقل قدرة على احتجاز الأملاح وبالتالي يكون منتجه ملوثاً والعكس صحيح وذلك عند نفس معدلات انخفاض الضغط على الأغشية وإن هذه الصفات للأغشية تتغير بتغيير نوع البوليمير المصنوع منه وطرق صناعته ومعالجته .

شارك
نشر المقال:
رشيد الخولي
الوسوم: بحث