فضاء

متى ستحول الشمس كوكبنا لمكان غير قابل للحياة؟

منذ أن تشكلت شمسنا لأول مرة قبل حوالي 4.5 مليار سنة، تشكلت الأرض بشكلها الأولي في النظام الشمسي الداخلي، وأدى تصادم مبكر إلى خلق القمر الذي نعرفه اليوم، كما أن مزيجاً من الظروف الأولية أدت إلى ظهور المحيطات المبكرة والغلاف الجوي، ولأكثر من أربعة مليارات سنة، كانت الشمس تشرق بشكل مستمر لتجعل الحياة تترسخ وتزدهر في عالمنا، ولكن هذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد! فهل سيؤدي وصول الشمس لمرحلة تلاشي الطاقة إلى زوالنا؟

في البداية دعونا نظرح بعض الأسئلة الهامة، هل الطاقة النووية الشمسية هي طاقة متناقصة أم مستقرة؟ وكم من الوقت يمكننا البقاء على كوكب الأرض إذا كان الوقود النووي للشمس آخذ في التناقص؟

بفرض عدم حدوث كوارث ناجمة عن الأرض نفسها (مثل انفجار أحد البراكين العملاقة أو تسمم المحيط الحيوي) أو كوارث كونية (كحدوث اصطدام نيزكي كبير، أو وصول أحد انفجارات أشعة غاما إلينا، أو ظهور نجم سوبرنوفا على مسافة قريبة منا)، فإن الشمس ستؤدي في نهاية المطاف إلى تدمير جميع أشكال الحياة على الأرض.

إن النجوم التي تشبه شمسنا تعمل بطاقة الإندماج النووي، وذلك من خلال دمج أخف العناصر وزناً وأكثرها وفرة في الكون (الهيدروجين) بثاني أخف العناصر وأكثرها وفرة (الهليوم)، عن طريق سلسلة من التفاعلات، وهذه السلسلة من التفاعلات التي تمد الشمس بمعظم قوتها تتضمن:

  • اندماج بروتونين معاً، لتشكيل الديوتيريوم، وبوزيترون (الذي يفنى من خلال الإلكترون، وينتج فوتونات عالية الطاقة)، ونيوترينون وطاقة حرة.
  • اندماج الدوتيرون مع بروتون إضافي، لإنتاج الهليوم 3، وفوتون ذو طاقة عالية وطاقة حرة.
  • اندماج نواتي هليوم 3 معاً، وإنتاج هليوم-4، واثنين من البروتونات الحرة والمزيد من الطاقة الحرة.

هذا هو المصدر الذي تأتي منه معظم الطاقة الشمسية، وعلى اعتبار أن الشمس هائلة وضخمة، وهي تتكون مما يصل مجموعه إلى حول 1057 جزيء، فإن الطاقة التي تطلقها في الثانية تكون هائلة جداً، ولكن على الرغم من أن هذا الرقم قد يبدو كبيراً جداً، فإن المقدار الإجمالي للوقود الذي تمتلكه الشمس محدود، وبعد مرورو وقت معين، ستكون شمسنا قد استهلكت كامل وقودها، والمشكلة الأكثر إلحاحاً هي أن الشمس لا تقوم بأكملها بإجراء عملية إندماج الهيدروجين، حيث أن مركزها فقط من يقوم بذلك، لأن درجات الحرارة هناك تكون أعلى، فأقرب بروتون متفاعل عن سطح الشمس يبعد حوالي نصف المسافة عن مركزها، حيث تتجاوز درجة الحرارة الـ4 ملايين كلفين، لذلك، لا تتفاعل سوى البروتونات التي توجد في الجزء الداخلي من الشمس حيث تصل الحرارة إلى 10 ملايين كلفين، وبهذا يمكن القول بأن 99% من طاقة الشمس تُنتج هناك.

ما يعنيه هذا هو أن الأجزاء الأعمق من الشمس ستفقد وقودها بشكل أسرع مع مرور الوقت، وسيصل تحويلها للهيدروجين إلى هيليوم إلى نهايته، وقد تتوقع بأن هذا يعني بأن الشمس ستخفت على مر الزمن، مع بدء انتهاء الوقود الذي يشعل نيرانها، ولكن من دون حدوث هذه التفاعلات في القسم الداخلي من الشمس، فإن المركز يبدأ بالانكماش، وهذا الانكماش الجاذبي يؤدي إلى إطلاق المزيد من الطاقة، مما يسبب ارتفاع درجة الحرارة الداخلية للشمس، وعندما يحدث ذلك، يبدأ الاندماج بالحدوث بمعدلات أسرع ويمتد على مساحة أكبر من باطن الشمس، وبعبارة أخرى، فمع مرور الوقت، سيزيد انتاج الشمس من الطاقة، وهذا ما كان يحدث لأكثر من أربعة مليارات سنة!

من المرجح أن إنتاج شمسنا للطاقة عندما كانت ما تزال حديثة الولادة، كان يشكل فقط حوالي 75-80% من انتاجها من الطاقة اليوم، وبفضل النباتات والحيوانات والمحيطات وخصائص الغلاف الجوي لكوكبنا، كان بمقدورنا التكيف مع تلك الزيادة المطردة في درجات الحرارة على مدى تاريخ نظامنا الشمسي وحتى الآن، ولكن هذا التأقلم سيكون له حدود، فعند نقطة ما، سيزداد لمعان الشمس كثيراً لدرجة أن الأرض، وعلى بعد المسافة الحالية التي تفصلها عن الشمس، ستسخن بما فيه الكفاية لدرجة أن المحيطات ستبدأ بالغليان، وعندما يحدث هذا، فإن ذات تأثير الاحتباس الحراري الذي حصل على كوكب الزهرة – حيث تشكلت طبقة سميكة من الغيوم غطت الكوكب بأكمله – سيحدث على الأرض أيضاً، وستزول جميع أشكال الحياة على سطح الأرض من الوجود.

من الممكن أن تستمر بعض أشكال الحياة في الوجود عالياً في السحب، ومن الممكن أن تصل البشرية لحل يمكّنها من البقاء (إذا كانت ما تزال موجودة في الأصل) في ظل تلك الظروف، ولكن هذا سيحدث قبل وقت طويل من نفاذ الوقود الهدروجيني من لب الشمس.

نفاد الهيدروجين من اللب.بجميع الأحوال، ستمر شمسنا بالخطوات التالية بعد ما يقرب من 5 إلى 7 مليار سنة:

  • نفاد الهيدروجين من اللب.
  • التحول إلى نجم شبه عملاق مشرق جداً، والبدء بحرق الهيدروجين الذي يوجد في القشرة حول المركز.
  • البدء بدمج الهليوم في اللب عندما تصل درجة الحرارة إلى عتبة حرجة.
  • التحول لتصبح عملاقاً أحمر حقيقي
  • وفي النهاية الموت، قذف قشرتها الخارجية لتصبح سديماً كوكبياً مع انكماش لبها لتتحول إلى قزم أبيض.

ولكن بعد حوالي مليار أو ملياري سنة فقط (على أكبر تقدير)، فإن الشمس ستكون ساخنة بما يكفي لتجعل المحيطات تبدأ في الغليان، وفي تلك المرحلة، سيكون علينا إيجاد مكان جديد لنعيش عليه، لأن سطح الأرض سيكون قد تحول إلى مكان غير صالح للسكن، وفي النهاية، سيكون هذا هو النوع الوحيد من ظواهر الاحتباس الحراري الذي لا يمكن تفاديه، حيث ستصبح الشمس أكثر سخونة بكثير قبل أن تؤدي في النهاية إلى تجمد كامل نظامنا الشمسي، وحالياً، نحن في أكثر مرحلة تعتبر فيها الأرض مكاناً قابلاً للسكن، لذلك من الأفضل أن نحقق أكبر استفادة ممكنة من الوقت المتبقي لدينا!

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير