التصنيفات: فضاء

كيف تمت مشاهدة مذنب لوفجوي الشهير بالعين المجردة

يعتبر (تيري لوفجوي) أحد صيادي المذنبات النشيطين، فقد استطاع عالم الفلك الهاوي الذي يعيش في أستراليا، اكتشاف العديد من المذنبات الجديدة منذ عام 2007، وربما قد اكتسب هذه الشهرة لكونه أول من اكتشف الجسم الجليدي المعروف باسم (C 2011 / W3) والملقب بمذنب عيد الميلاد الكبير في عام 2011، حيث مرّ هذا المذنب بالقرب من الشمس في أواخر شهر أيلول من تلك السنة، ليصبح بريقه يماثل بريق كوكب الزهرة تقريباً، مقدماً بذلك عرضاً مذهلاً لمراقبي السماء في نصف الكرة الجنوبي.

مؤخراً بدأ (لوفجوي) بالبحث مرة ثانية عن المذنبات، وهذا ما أدى لإيجاده لأحدث اكتشافه، والذي عرف رسمياً باسم (C / 2014-Q2)، وقد تم بالفعل تلقيبه باسم “مذنب العام الجديد”.

إن بريق مذنب العام الجديد يزداد كلما تحرك أكثر نحو الشمس، وذلك لأن زيادة الحرارة تسبب تبخر الثلوج التي يحملها وإطلاق الغازات والغبار، مما يؤدي إلى تشكيله لرأس ضبابي رائع وذيل خافت ومتشعب، وعلى الرغم من أن توقعات علماء الفلك كانت تشير إلى أن توهج مذنب (لوفجوي) لن يصل للدرجة التي يمكن معها رؤيته بالعين المجردة، إلّا أن المفاجأة كانت في عطلة الأعياد، عندما بدأ توهج المذنب يتضاعف بسرعة كبيرة، حتى أصبح من السهل رؤيته باستخدام المناظير المكبرة حتى من المدن، رغم وجود التلوث الضوئي في المدن الكبيرة الذي يمنع رؤية النجوم المضيئة بصورة واضحة في السماء، أما في الأماكن الريفية حيث تكون السماء واضحة ومظلمة جداً بالعادة، فاستطاع المشاهد رؤية مذنب (لوفجوي) دون أي وسائل بصرية مساعدة، حيث ظهر هذا المذنب بشكل كرة زغب خضراء اللون، وتموضع أسفل حزام كوكبة أوريون، وكان لون المذنب مائلاً إلى الاخضرار لأنه يطلق غاز السيانوجين ونوع من غاز الكربون، اللذان يتألقان عند تعرضهما لأشعة الشمس.

اكتشف (لوفجوي) مذنب (C / 2014 Q2) في شهر آب الماضي، ومنذ ذلك الحين وعلماء الفلك في جميع أنحاء العالم تتبعوا جميع تحركاته، كما استطاع (جاريث وليامز) من مركز هارفارد سميثونيان للفيزياء الفلكية أن يجد صورة محفوظة تم التقاطها للمذنب قبل اكتشافه، وقام باستخدامها للمساعدة في تتبع مداره في ذلك الوقت، حيث صحت جميع توقعاته التي تشير إلى وصول المذنب إلى أقرب نقطة من الشمس في 18 كانون الثاني من هذا العام، حيث كان يبعد عن الشمس حوالي 120 مليون ميل، ووصول المذنب إلى أقرب نقطة إلى الأرض في 7 كانون الثاني، حيث كان يبعد عن الأرض 43 مليون ميل.

في تعليق ساخر شهير للفلكي (ديفيد ليفي)، أشار بأن المذنبات تشبه القطط في كثير من النواحي، فهي تمتلك ذيولاً، وتفعل بالضبط ما تريده، وقد كان هذا التشبيه بمثابة إشارة إلى مدى صعوبة التنبؤ بما يمكن للمذنب أن يفعله عند اقترابه من الشمس، فتبعاً لـ (ليفي) وصل المذنب إلى أقصى درجات إشعاعه في منتصف شهر كانون الثاني، وعمل هذا على اقتصاص شكل القمر ليصبح هلالياً، مما جعل المذنب أسهل للرؤية، وتبعاً لموقع (سكاي & تليسكوب)، فإن المراقبين في نصف الكرة الشمالي استطاعوا مشاهدة المذنب وهو يمر من خلال كوكبة برج الثور وبرج الحمل، ويتجنب جنوب شرق كتلة نجمة الثريا.

يتحرك المذنب على مدار ممتد بيضاوي الشكل، مما يعني أنه يتجه بعيداً في أعماق المجموعة الشمسية ونادراً ما سيزور منطقتنا، كما ويشير مساره أن مرّ من هنا من قبل، حيث قد يكون آخر مرور له بالقرب من الشمس قد حدث قبل نحو 11,200 عام، ولكن أثناء ابتعاد المذنب عن الأرض في شهر شباط، ستقوم قوة جاذبية الأجرام الأخرى التي ستمر بجانبه باستنزاف بعضاً من طاقة مداره، مما سيؤدي بالنتيجة لتقصير هذا المدار، علماً أننا لن نستطيع رؤية هذا المذنب مجدداً  قبل 8,000 سنة أخرى على الأقل، وهذا تبعاً لتوقعات علماء الفلك، وخلال هذه المدة يأمل (تيري لوفجوي) أن يجد المزيد من المذنبات العجيبة.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير