التصنيفات: الصناعة والإبتكار

سيارة رياضية “مطبوعة” ستهز عالم صناعة السيارات

خطى عالم السيارات في السنوات الأخيرة، خطوات هائلة باتجاه صناعة سيارات أكثر نظافة وحفاظاً على البيئة، ولكن وفقاً لشركة (Divergent Microfactories)، لا تزال رحلة الوصول إلى السيارة النظيفة بالكامل طويلة، والمشكلة، كما تراها الشركة، تتمثل بأنه في الوقت الذي أصبحت فيه محركات السيارات أكثر حفاظاً على البيئة، بفضل استخدام مصادر الطاقة البديلة، مثل البطاريات وخلايا الوقود، أصبحت عملية تصنيع السيارات أكثر إضراراً بالبيئة من أي وقت مضى، وفي خضم محاولاتها لطرح حلول جديدة لهذه المشكلة التي صورتها، وصلت الشركة إلى حل سيارة الشفرة أو (Blade)، وهي أول سيارة رياضية مصنعة بالطابعة ثلاثية الأبعاد في العالم.

شركة (Divergent Microfactories) التي يقع مقرها في كاليفورنيا، تأسست على يد (كيفن زينجر)، الذي أسس أيضاً شركة كودا للسيارات، ومع شركة كودا، كان (زينجر) يركز على موضوع جعل الطرقات أكثر صداقة للبيئة، من خلال التشجيع على استخدام السيارات الكهربائية، ولكن مشروع سيارة كودا الكهربائية فشل، وتقدمت الشركة بطلب لإعلان الإفلاس في عام 2013، لذا حول (زينجر) تركيزه بعد ذلك، بعيداً عن تنظيف الطرقات، وصب اهتمامه نحو عملية تصنيع السيارات، بحيث أصبح يعمل على التأسيس لعملية تصنيع سيارات أنظف وأكثر كفاءة، من خلال نماذج سيارات مطبوعة عن طريقة الطابعة ثلاثية الأبعاد.

أشار (زينجر) في كلمة ألقاها في مؤتمر (أورايلي) الشهر الماضي، إلى أن النسبة الأكبر من مجموع انبعاثات السيارات، تأتي من المواد والطاقة اللازمة لتصنيعها، ويخلص (زينجر) للقول، بأن الطريقة التي نصنع بها السيارات هي في الواقع مشكلة أكبر بكثير من الطريقة التي يمكننا من خلالها تزويد سياراتنا بالوقود.

بدأ (زينجر) بصياغة مفهوم أبسط، وأقل مركزية، لصناعة السيارات، يقوم على أساس تصميم مفاصل هيكل للسيارة من الألمنيوم، مطبوعة بطريقة ثلاثية الأبعاد، يطلق عليها اسم عقدة، يتم تصنيع العقدة عن تذويب مسحوق الألمنيوم إلى الشكل المرغوب، باستخدام نظام طباعة قائم على الليزر، والعقد الفردية تعمل على إمساك أنابيب ألياف الكربون الهيكلية معاً، مشكّلة بذلك هيكل معياري يشبه نوعاً ما الهياكل التي يتم تصنيعها من عدة الأطفال (الميكانو) ولكن بحجم كبير.

تقول الشركة المصنعة، أن الهيكل الجديد القائم على نظام العقدة يقل وزنه بـ90% عن هيكل السيارة المتوسطة، ويتطلب انتاجه مواد وطاقة أقل بكثير من الطاقة التي يستلزمها تصنيع السيارات العادية.

ترى شركة (Divergent) أن العقد ثلاثية الأبعاد، هي مشابهة لمشروع آردوينو (Arduinos)، الذي فتح الباب على مصراعيه أمام الابتكار في مجال الالكترونيات، وذلك عن طريق تضمين التعقيد التكنولوجي ضمن واجهة يسهل التعامل معها، كون استخدام العقد ثلاثية الأبعاد، يقلل بشكل كبير مقدار المساحة والوقت والاستثمارات اللازمة لتصنيع السيارات، وبمجرد طباعتها، تسمح العقد ببناء هيكل السيارة في غضون دقائق فقط ضمن مساحة تصنيع صغيرة وبسيطة، وبذلك لن تبقى صناعة السيارات مقتصرة على الشركات العالمية ذات الموارد الكبرى.

خطط شركة (Divergent) تأتي في الوقت الذي بدأت فيه الطباعة ثلاثية الأبعاد بالتسلل إلى عالم صناعة السيارات، ففي العام الماضي، شركة (Local Motors) قامت بطباعة ما وصفته بأنه أول سيارة مطبوعة بطريقة ثلاثية الأبعاد في العالم، تدعى سيارة (Strati)، وفي ذلك الوقت، أوضحت شركة (Local Motors) أنه في حين أن السيارة القديمة المطبوعة بطريقة ثلاثية الأبعاد التي تدعى (Urbee)، تقتصر القطع المطبوعة فيها على الألواح المطبوعة وقطع الغيار، فإن كامل الهيكل غير الميكانيكي لسيارة (Strati) مطبوع بطريقة ثلاثية الأبعاد، وفي غضون أقل من عام، شهدت صناعة السيارات قفزة نوعية أيضاً من خلال طباعة سيارة (Shelby Cobra) الألمانية، وهي سيارات نصف كهربائية شمسية.

هذه السيارات ثلاثية الأبعاد التي ذكرناها سابقاً، جميعها سيارات صغيرة إلى حد ما، ولكن شركة (Divergent) مصممة على تصنيع سيارة بمواصفات أعلى وأكبر، بشكل تسمح فيه لسيارتها (Blade) باستحقاق لقب أول سيارة رياضية مطبوعة بطريقة ثلاثية الأبعاد في العالم، قوة السيارة تصل إلى 700 حصان، وتعتمد نظام ثنائي الوقود (البنزين والغاز المضغوط)، وتتمتع بمحرك توربو 4 سليندر، كما تزعم الشركة أن سيارتها قادرة على الوصول من سرعة 0 إلى 60 ميل في الساعة (96.5 كلم / ساعة) خلال ثانيتين فقط، وعلى الرغم من أن جميع هذه الميزات لن نستطيع التأكد منها حتى تجربة السيارة على أرض الواقع، إلا أننا لا يمكننا إنكار بأن سيارة (Blade) ترتقي بأداء السيارات المطبوعة بطريقة ثلاثية الأبعاد إلى مجالات جديدة كلياً.

هيكل سيارة (Blade) يزن فقط 46 كلغ، والسيارة بأكملها، أي الهيكل مع الجسم المركب فوقها ومحرك الـ700 حصان، يُقال أنها ستزن حوالي 635 كلغ، وهذا ما يجعل نسبة القوة إلى الوزن هي 1.1، وعلى الرغم بأننا لسنا متفائلين تماماً بأن هذه الأرقام سوف تخرج إلى أرض الواقع كما تم الإعلان عنها، ولكننا متأكدين بأن هذه المواصفات تبدو رائعة على الأقل ضمن حملة الشركة الإعلامية.

طموحات شركة (Divergent) تتجاوز مجرد صناعة سيارة (Blade)، فهي تأمل بأن تعمل على تخفيض المواد اللازمة لصناعة السيارت، ونشر مبادئ الصناعة الجديدة، من خلال وضع تقنيتها في طباعة السيارات ثلاثية الأبعاد في أيدي الشركات الصغيرة المبتدئة، وهذا سوف يسمح لهذه الشركات بتجنب حواجز التكلفة الباهظة التي تتميز بها صناعة السيارات التقليدية، وذلك عن طريق ابتكار مركبات جديدة مصنعة في مصانعها المصغرة، حيث تشير تقديرات شركة (Divergent) بأن تكلفة بناء مصنع سيارات تقليدي تصل إلى 1 مليار دولار أمريكي، ولكن هذه التكلفة لا تتجاوز الـ20 مليون دولار في المصانع الجديدة المصغرة، والتي ستكون قادرة على تصنيع حوالي 10.000 سيارة كل سنة.

تقول شركة (Divergent) أن هيكل النظام البيئي القائم على العقدة، يمكن بسهولة أن يتم استخدامه لتصنيع الشاحنات الصغيرة بذات سهولة تصنيع سيارات الكوبيه الرياضية، وبذلك لن يصعب علينا تخيل فرضية قيام الشركات الناشئة باستخدام طريقة العقدة المبسطة لتصميم المركبات من جميع الأحجام والأشكال المختلفة.

يشير (زينجر) بأن شركته استطاعت إيجاد وسيلة لصناعة سيارات واعدة، قادرة على تحقيق تخفيض جذري في استخدام الموارد، وقادرة على تقليص التلوث الناجم عن عملية التصنيع، فضلاً عن أن الشركة تعد بوضع صناعة السيارات الباهظة تقليدياً في متناول يد فرق المبدعين الصغيرة، وكما أثبتت سيارة (Blade)، فإن هذه الصناعة على الرغم من أنها غير مكلفة، إلا أن انخفاض تكلفتها لا يأتي على حساب التضحية بالشكل أو بالمضمون.

قبل أن نثق بالتحولات المذهلة التي ستقدمها شركة (Divergent) لصناعة السيارات، يجب على الشركة أن تتحقق من القيام ببعض الأعمال الممهدة لهذه القفزة النوعية، حيث سيكون عليها إثبات أن أساليب تصنيعها تلبي معايير السلامة الصارمة الموضوعة للسيارات، كما أنها بحاجة أيضاً إلى إثبات أن مفهومها حول المصانع المصغرة قادر على انتاج السيارات بكفاءة وبثمن بخس كما تدعي، وفضلاً عما تقدم، وبالنظر إلى أن الحملة الدعائية للشركة، لم تأتِ على ذكر جدول زمني أو سعر لسيارة (Blade)، فإن جميع ما ذكر آنفاً يبقى ضمن تصنيف “الأفكار الجريئة”، التي نأمل أن نسمع المزيد عنها في المستقبل.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير