أشارت دراسة جديدة تم نشرها في مجلة (The New England Journal of Medicine) بأن دواء النياسين، وهو دواء شعبي متداول كثيراً للوقاية من أمراض القلب والشرايين، قد لا يكون سليماً وفعّالاً في الأوجه المستخدم لها، حيث كشفت هذه الدراسة أنه على الرغم من أن الفيتامين (B) الذي يحتويه العقار، يعمل على خفض مستويات الشحوم الثلاثية ومستويات الكولسترول الضار (LDL) ، ويرفع من مستويات الكولسترول الصحي (HDL) ، إلّا أنه لا يعطي الفوائد التي يتوقعها الأطباء أو المرضى، كما كشفت الدراسة عن وجود أضرار بالغة قد تنتج عن تناوله، ولذلك فهنالك ثلاثة أشياء لا بد من معرفتها عن هذا الدواء.
أولاً: الدراسات الحديثة فشلت في إثبات أن النياسين يخفض من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية
بينت الدراسة بأن الأشخاص الذين يتناولون النياسين كان لديهم تقريباً ذات معدلات الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية ، مقارنةً مع الأشخاص الذين استعملوا حبوب وهمية (بلاسيبو).
قامت المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة الأميريكية برعاية دراسة تتضمن اختبار مدى فعالية التعرض المستمر للنياسين،كما قامت شركة ميرك للأدوية بتمويل دراسة دولية، تتضمن اختبار مدى فعالية التعرض المستمر للنياسين عند مزجه مع اللاروبيبرانت، وهو مادة مصممة للتخفيف من الآثار المؤلمة التي يسببها النياسين، وبالنتيجة فإن كلا الدراستين لم تتمكنا من اثبات أن النياسين يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، لدرجة أنه تم ايقاف الدراسة الأميريكية قبل الوقت المحدد لها بعد أن تبين أن الاستمرار بالدراسة كان عقيماً.
ثانياً: النياسين يسبب العديد من الآثار الجانبية التي يمكن أن يكون بعضها خطيراً
يمكن أن يسبب النياسين في الكثير من الأحيان أثاراً جانبية مزعجة، ومن الصعب تحملها، مثل الإحمرار والحكة، وهذا ما دفع شركة ميرك للأدوية لمزج النياسين مع مادة ثانية على أمل التوصل للتخفيف من هذه الآثار.
أما المثير للقلق في هذه الدراسة، هو أن النياسين قد يسبب أعراضاً جانبية خطيرة للغاية، حيث بينت الدراسة الدولية أن استخدام دواء النياسين قد أدى إلى زيادة المشاكل الجهاز الهضمية، مثل الإسهال والقرحة بنسبة 28%، وزيادة مشاكل الجهاز العضلي الهيكلي، مثل تلف العضلات والنقرس بنسبة 26%، إضافة إلى تسببه بالطفح الجلدي، والتقرحات الجلدية وغيرها من المشاكل الخطيرة المتعلقة بالجلد بنسبة 67%، وزيادة الالتهابات بنسبة 22%، وتسببه بالنزيف المعوي أو أنواع أخرى من النزيف بنسبة 38%، وبالإضافة إلى ذلك فإن المرضى الذين استعملوا النياسين لفترة طويلة نسبياً كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري.
ولعل أكبر دليل على خطورة الآثار الجانبية التي يتسبب بها هذا الدواء، هي أن ثلث المرضى الذين تم اختيارهم لتجربة النياسين بعد التأكد من إمكانية تحملهم لهذا الدواء، انسحبوا من الدراسة لأنهم لم يعودوا يستطيعون تحمل أعراضه الجانبية.
ثالثاً: لا يزال بعض الخبراء يزعمون بأن الدراسة الأخيرة لا تقدم أدلة كافية لوقف استخدام النياسين
بالرغم من عدم وجود دراسة كاملة ونهائية، إلّا أن هذه الدراسة قد تكون لها آثار تجارية كارثية، الأمر الذي دفع المستفيدين للدفاع عن هذا الدواء باستماتة، لكن المشكلة المطروحة حالياً، هي عدم امكانية القيام بالمزيد من التجارب في ظل الأخطار التي يسببها هذا الدواء، فضلاً عن أن الآثار الجانبية الخطيرة للنياسين، يجب أن تمنع الكثير من الأشخاص من استعمال هذا العقار، حتى لو كان مفيداً.
خلاصة القول:
يجب على الاشخاص الذين يستعملون دواء النياسين مراجعة طبيبهم، للتأكد من سلامة متابعتهم لتناول هذا الدواء، حيث أن العديد من المرضى قد يختارون تجنب استخدام هذا الدواء الذي لا يقدم فائدة واضحة ويسبب الكثير من الآثار الجانبية الخطيرة الموثّقة.