التصنيفات: فضاء

دلائل جديدة على وجود حياة على المريخ

قد لا تكون فكرة الحياة على سطح المريخ بعيدة المنال، على الرغم من مرور عام من إعلان ناسا أن مركبتها المتجولة (Curiosity) لم تجد أي دليل على وجود غاز الميثان على سطح المريخ، إلّا أن هذا التصريح لم يحطم آمال العلماء بإمكانية إيجاد كائنات يعيشون هناك الآن، حيث سجلت المركبة (Curiosity) مؤخراً موجة من غاز الميثان استمرت منذ فترة شهرين على الأقل.

كان العلماء يتوقعون منذ زمن بعيد أنه يمكن العثور على كمية ضئيلة من غاز الميثان على كوكب المريخ، حيث أن الغبار الكوني المتساقط على هذا الكوكب يحتوي على مركبات عضوية، وهذه المركبات لا بد أن تتفكك بفعل الأشعة فوق البنفسجية التي تنتج عن الشمس، مما يؤدي إلى إنتاج غاز الميثان، ومنذ ذلك الحين، والعلماء يقومون بإعادة إجراء قياساتهم مراراً وتكراراً، وقبل عقد من الزمن، ذكرت ثلاث فرق من العلماء أنهم استطاعوا عبر استخدام الملاحظات من الأرض، وباستخدام المعلومات القادمة مسبار مارس إكسبريس التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، اكتشاف وجود آثار لغاز الميثان بنسبة لا تتجاوز 0.7 جزء من المليار في الغلاف الجوي للمريخ، وهو نصف ما كان متوقعاً سابقاً، ومن ثم بدأ غاز الميثان بالاختفاء بعد ذلك بعامين، وهذا أشار إلى أن هنالك شيئاً ما كان يؤدي إلى تشكيل غاز الميثان على سطح المريخ، وهناك شيء آخر يدمره بسرعة، لذلك قرر العديد من علماء المريخ أن الحل الأبسط لسر الميثان هو أن القياسات التي حصلوا عليها كانت خاطئة، وهذه النتيجة عززها غياب أي ملاحظات لغاز الميثان آتية من قبل فريق (Curiosity).

في تشرين الثاني من عام 2013، وبعد فترة شهرين تقريباً من إعلان العلماء عن عدم اكتشافهم لوجود غاز الميثان على كوكب المريخ، أظهرت القياسات التي قام بها (Curiosity) وجود مستويات عالية من غاز الميثان تصل إلى 10 أضعاف ما كان متوقعاً مسبقاً، وبحسب (كريستوفر وبستر) من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، والمؤلف الرئيسي لورقة البحث، أن اللحظة التي اكتشف فيها العلماء هذه القياسات كانت لحظة مذهلة للجميع، وبقيت مستويات غاز الميثان عالية على الأقل حتى نهاية شهر كانون الثاني، إلّا أنها انخفضت في وقت لاحق من السنة، إلى أقل من جزء واحد في المليار، ومن ثم عادت القياسات لتصبح عالية في شهر تموز أيضاً، ولكنها عادت وانخفضت إلى أقل من النصف بعد فترة أسبوع تقريباً، لذلك ومع وجود هامش للخطأ، أصبح من غير الواضح ما يجري تماماً، وإضافةً إلى ذلك لم يعد (Curiosity) ليسجل أي قياسات من غاز الميثان بين تموز وشباط عام 2013.

ولكن مؤخراً وبعد اكتشاف المركبة (Curiosity) لموجة من غاز الميثان استطاع العلماء الوصول لبعض الفرضيات، فبحسب (مايكل .ج موما) من مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في جرينبيلت بولاية ماريلاند، أن البيانات الجديدة التي توصل إليها (Curiosity) مؤخراً، كانت “سارّة” بعد كل تلك السنوات الطويلة من الشكوك، حيث أنها ربما تكشف الحقيقة المذهلة التي تقبع خلف الإفراج عن غاز الميثان، بشكل متقطع، ومن ثم تدميره بسرعة.

في الوقت الحالي، يشير العلماء إلى فرضية تقول بأن غاز الميثان الذي تم إيجاده على المريخ هو نتاج النفايات التي تصدر عن بعض الميكروبات التي تعيش هناك، حيث أنه تبعاً لـ (جون ب. جروتزينجر)، وهو عالم في مشروع البعثة، فإن هذه الفرضية هي واحدة من عدد قليل من الفرضيات التي تمكن الباحثون من اقتراحها، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء المضي قدماً بهذا المشروع.

هناك أيضاً فرضية أخرى يفترضها العلماء حول تواجد غاز الميثان مختلفة عن فرضية الميكروبات، وتقول هذه الفرضية بأنه يمكن أن يتكون غاز الميثان من خلال عملية جيولوجية تعرف باسم (تحول الصخور إلى صخر سربنتينيتي) وهي عملية تحوّل الصخور ذات الأصل الرسوبي، إلى صخور تتكون أساساً من معدن السربنتين ومعادن التلك والكلوريت، وهذا التحول يتطلب توافر الحرارة والماء السائل، وذلك بالإضافة إلى كونه نتاج لحياة لأحد أشكال الميكروبات المعروفة باسم (المكورة الميثانية)، والتي تطلق غاز الميثان كأحد نواتج نفاياتها، وهذا الافتراض أيضاً يدعم وجود حياة على سطح المريخ، كون تشكل الميثان الناتج عن عوامل جيولوجية يتطلب وجود نظم مائية، والنظم المائية هي إحدى علامات وجود الحياة على المريخ.

إن اكتشاف وجود غاز الميثان على سطح الكواكب الأحمر يعتبر من الاكتشافات المهمة للغاية، وذلك لأن الغازات بطبيعتها لا يمكن أن توجد لفترة طويلة، حيث أن الحسابات تشير إلى أن أشعة الشمس والتفاعلات الكيميائية التي تجري في الغلاف الجوي للمريخ تحطم الجزيئات الغازية التي توجد فيه خلال بضع مئات من السنين، لذلك فإن اكتشاف تواجد غاز الميثان بهذه الفترة يعني أنه قد تشكل خلال الآونة الأخيرة.

بالإضافة إلى ما تقدم فقد أفاد العلماء أيضاً بأنه للمرة الأولى، كانوا قادرين على تأكيد وجود جزيئات عضوية ذات أساس كربوني في عينة من الصخور، وعلى الرغم من أن هذه المادة العضوية ليست بالضرورة علامة مباشرة على وجود الحياة على سطح المريخ، سواءً في الماضي أو في الحاضر، إلّا أنها تقوي من الفرضية التي تشير إلى إمكانية امتلاك المريخ للمقومات اللازمة للحياة فيما مضى أو حتى في الوقت الحالي، حيث ظهرت هذه الجزيئات العضوية في أحجار الطين الملقب بـ (الكمبرلاند) والتي عثر عليها (Curiosity) أثناء أعمال الحفر في أيار من عام 2013، وعندما جرى تحليلها ضمن مختبر كيميائي صغير موجود ضمن المركبة (Curiosity)، تم اكتشاف وجود كميات كبيرة من جزيء (الكلوروبنزن) العضوي، وكانت تركيزات (الكلوروبنزن) في صخور (الكمبرلاند) أعلى بكثير من الصخور الأخرى التي تم فحصها، وقد أمضى العلماء أشهراً عديدة لتحليل ومعرفة فيما إذا كانت تلك المركبات العضوية قد جاءت من أحجار (الكمبرلاند) أو هي مجرد تلوث جلبه معه (Curiosity) من كوكب الأرض، وبجميع الأحوال فما يزال العلماء غير متأكدين فيما إذا كانت أحجار (الكمبرلاند) هي التي تحتوي على (الكلوروبنزن)، والذي لا يعتبر من المركبات التي توجد بشكل طبيعي في الأرض، أو إذا ما كان (الكلوروبنزن) عبارة عن منتج نهائي لتفاعلات كيميائية تتضمن جزيئات عضوية أخرى توجد في الصخور عندما يتم تسخينها.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير