التصنيفات: فضاء

تعرفوا على بلوتو كما أصبحنا نعرفه اليوم

كانت اللحظة التي تحول فيها بلوتو من بقعة غامض على حافة النظام الشمسي إلى عالم غريب يمتلك مناظراً طبيعية خلابة في 15 تموز 2015، لحظة تم تسجيلها من قبل المؤرخين.

عندما مرت مركبة ناسا الفضائية (New Horizons) بالقرب من بلوتو في اليوم السابق لهذا التاريخ، أصبحت أول بعثة تزور هذا الجسم الفضائي، وبعد يوم، بدأ المسبار بإرسال المعلومات إلى الأرض، ومنذ ذلك الحين، بدأ العلماء في الفريق بإصدار الصور المذهلة الواحدة تلو الآخرى، والتي تكشف عن السهول الواسعة والملساء، والجبال الجليدية الشاهقة والضباب الأزرق المغري من الهيدروكربونات.

في تقرير نشر في مجلة (Science)، قدم الباحثون الصورة الأكثر تفصيلاً التي تم أخذها لبلوتو حتى الآن، وقد استمدوا تلك الصورة من البيانات اللاسلكية القادمة إليهم من المسبار الذي يبعد عنهم مسافة أكثر من 4.5 مليار ميل.

تبعاً لـ(جون سبنسر)، وهو عضو في الفريق العلمي في معهد الأبحاث الجنوب الغربي في بولدر بولاية كولورادو، فإن دقة الصور التي كانت تصل إلى الباحثين سابقاً كانت لا تزيد عن ثلاثة بكسل، أما الصور الجديدة فهي تمتلك دقة تصل إلى آلاف البكسلات، لذلك يمكن القول بأن هذه هي المرة الأولى التي كان فيها العلماء قادرين على رؤية المناظر الطبيعية لبلوتو وتاريخه الجيولوجي المذهل كما لم يسبق لهم وأن رأوه سابقاً، حيث أن سطحه متميز جداً عن أي سطح كوكب آخر.

لحسن الحظ، استطاعت مركبة (New Horizons) التقاط صورة لما يعتقد بأنه أحد أبرز سمات سطح بلوتو، فالمنطقة الساطعة والمستوية التي تدعى “سبوتنيك بلانيوم” (Sputnik Planum)، هي عبارة عن سهل من النيتروجين المجمد الذي يغطي مئات الأميال، وما دفع العلماء للاعتقاد بأن المنطقة لا تعود إلى أكثر من 100 مليون سنة، هو عدم امتلاكها لأي حفر، فمن الناحية الشرقية، توجد أنهار جليدية نيتروجينية تصب في سهل، أما من الناحية الغربية، فيوجد ما يبدو بأنه جبال جليدية مائية متكدسة في هيئة كومة جبلية وعرة.

بحسب (سبنسر) فإن أفضل نظرية أوجدها الباحثون حتى الآن، تشير إلى أن هذه الجبال هي عبارة عن جبال جليدية مائية نتجت عن تفتت القشرة السطحية للكوكب، والتي يعتقد بأنها كانت مؤلفة من المياه الجليدية في الغالب، حيث استطاعت هذه الأجزاء بطريقة ما التجمع والتزاحم حول بعضها مكونة هذه الجبال، وتجمد النيتروجين الذي يوجد على سطح بلوتو ليشكل وسادة ناعمة وطرية، يمكن للجليد المائي أن يطفو فوقها.

في أعماق قلب بلوتو، ينتج التحلل الإشعاعي قدراً من الحرارة التي تدفئ جسم الكوكب قليلاً، وعلى الرغم من أن درجات الحرارة السطحية تختلف من مكان إلى آخر، إلّا أنها نادراً ما ترتفع فوق درجة -230C.

من خلال الصور، يمكن أن نلاحظ بأن الجهة الشرقية من “سبوتنيك بلانوم” تشكل تلال مرتفعة تشبه الشفرات يبلغ ارتفاعها  بضع مئات من الأمتار، ويعتقد الباحثون بأن الرياح القوية التي كانت تسود الكوكب عندما كان أصغر سناً، وغلافه الجوي الذي كان أسمك مما هو علية الآن، هما من شكلا هذه التضاريس.

يعتقد أيضاً بأن يكون الغلاف الجوي لبلوتو أرق بـ100,000 مرة من ذلك الذي تمتلكه الأرض، ولكن بعد مرور مركبة (New Horizons) حول الكوكب، والتقاطها لبعض الصور من ناحية الشمس، تبين بأنه يمتلك لغلاف ضبابي أزرق يدور حوله، وبحسب (سبنسر) فإن الهيدروكربونات المجمدة التي توجد في الغلاف الجوي هي ما أنتج هذا الغطاء الذي يرتفع لمسافة 100 ميل فوق سطح بلوتو، وأضاف بأن سماء بلوتو ستبدو زرقاء لشخص يقف على سطحه وينظر نحو الشمس.

إلى جانب الملامح الغريبة التي استطاعت مركبة (New Horizons) التقاطها لسطح الكوكب وغلافه الجوي، استطاعت المركبة أيضاً أخذ قياسات أكثر دقة مما تم أخذه في أي وقت مضى للكوكب، ومن خلال ذلك تبين بأن قطره يساوي 1475 ميلاً، أي أصغر مما كان يعتقد سابقاً، وهذا يعني بأن كثافة بلوتو يجب أن تكون أكبر، وهذه الكثافة تساوي تقريباً كثافة قمره شارون، فتماماً مثلما أدى اصطدام كوني لإزالة بعض المواد من الأرض لتشكيل القمر، فقد يكون شارون أيضاً قد تشكل بطريقة مماثلة.

من المتوقع أن ينتظر علماء البعثة مدة عام كامل من الآن قبل الحصول على جميع البيانات من المسبار الذي يحلق بقرب بلوتو، فحتى الآن، لم يتم الحصول سوى على نصف المعلومات الرائعة عن بلوتو.

نهاية، تجدر الإشارة إلى أن (New Horizons ) في طريقه الآن لملاقاة جسم فضائي آخر يدعى (2014MU69) في حزام كويبر في 2019، وهو جرم يقع خارج مدار نبتون.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير