التصنيفات: الصناعة والإبتكار

المسلمون وهندسة السيارات

عندما ذكرت لأحدهم رغبتي في كتابة موضوع عن ” المسلمين والسيارات ” ضحك وقال : المسلمون والبطيخ !!!، واذكر أني ذكرت اسم الجزري أمام احدهم فقال : “ماذا يبيع هذا الرجل ؟ هل يبيع الخضار ؟؟!”.


المسلمون والهندسة !!

ترعرع طلاب العلم في بلاد الإسلام قديماً في بيئة ترفع من قيمة الهندسة وتُجلّ شأنها، وقد وصفها إبن خلدون قائلاً : “…وكان شيوخنا – رحمهم الله – يقولون: “ممارسة علم الهندسة للفكر بمثابة الصابون للثوب الذي يغسل منه الأقذار وينفيه من الأدران”، وفي تلك الأجواء كان لا بد وان يبرع أولئك الطلاب في مجال الهندسة عامة ً ، ولما كان الإسلام ينهى عن السخرة وكرّم العبيد، فمنع إرهاقهم بما لا يطيقون من العمل، فضلاً عن تحريم إرهاق الحيوانات وتحميلها فوق طاقاتها.. كان لا بد من الاعتناء بقاعدة ”الحصول على الفعل الكبير من الجهد اليسير” التي هي من القواعد المتينة لـ علم الحيل النافعة ، وهو ما يعرف اليوم بـ هندسة الماكينات أو Mechanical engineering.
أبرع المهندسين المسلمين
في هذا العلم ، ظهرت الكثير من الأسماء المميزة ، بنو موسى بن شاكر وهم أول فريق علمي في العالم ، ثابت بن قرة وهو أعظم هندسي عربي على الإطلاق ، احمد بن خلف المرادي الذي لم يعرف اسمه إلا حديثاً وله اكتشافات في مجال الطواحين والمضخات كما له ساعة شمسية عجيبة ، عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الذي اخترع البندول وبذلك فقد سبق جاليلو ، تقي الدين الدمشقي الذي عاش في القرن السادس عشر ميلادي وهو واحد من المسلمين العرب الذين أحاطوا بكل العلوم، وبديع الزمان الجزري (Al-Jazari ) الذي عاش في القرن الثاني عشر والثالث عشر ميلادي .. ولا شك أن هؤلاء جميعا ً لهم الفضل على علم هندسة السيارات الذي هو أحد فروع هندسة الماكينات !!
اختراعات .. ساهمت في صناعة السيارة !!
ونعود أخيراً لسؤالنا : ماذا قدم المسلمون لـ هندسة السيارات ؟؟ فنقول : لم يخترع المسلمون أي سيارة ، إلا أنني سأقف عند اكتشافات بديع الزمان الجزري في مجال ” الميكانيكا ” والتي شملت 60 اختراعاً نذكر منها عامود المرافق أو ما يُسمى بـCrankshaft الذي هو أهم ركن في أي محرك وبدونه ما كان المحرك ليصبح محركاً ، كذلك عامود الحدبات Camshaft، وهو من أهم الأجزاء في عملية دخول وخروج الغازات من غرفة الاحتراق في المحرك ومضخة الماء المكبسية (Water Pumps ) وتقنية تزويد المياه (Water supply system ) التي لا غنى عنها في عملية التبريد في المحرك وتقنية الموازنة الاستاتيكية للعجلات في المركبات التي كانت مستخدمة حتى عهد قريب جدا، واستخدام التروس (Segmental gear ) في الآلات الميكانيكية ، ولا بد أن نذكر اختراعه لأول إنسان آلي ذاتيّ الحركة في التاريخ والذي كان بديلاً عن العبد الذي يساعد الأمراء في الوضوء . وبذلك استحق لقب : أبو علم الروبوتيكا .
ختاما ً ، هذه التقنيات لم تُستخدم في السيارات آنذاك، إلا أنها استخدمت في الزراعة ، العمارة ، الترفيه ، والدين أيضاً، وكان ذلك في قمة الروعة والتحضر العلمي في ذلك الوقت ، ولمّا تدهورت الحال وآلت أحوال المسلمين لما آلت إليه اليوم جعل الغرب يستفيد من تَرِكة المسلمين العلمية .. وجعل يتقدم ويتقدم حتى وصل للسيارة والتي ما كان ليحلم بها في هذا العصر لولا ما قدمه المسلمون من علوم.

شارك
نشر المقال:
عمر عاصي
الوسوم: مقال