علم النفس

المختلون عقلياً يمكنهم الإحساس بالخوف، ولكنهم لا يولونه الاهتمام

الاختلال العقلي هو اضطراب في الشخصية معادي للمجتمع، وعادة ما يتم وصف المصابين به بـ”عدم الخوف”، بالإضافة إلى القسوة، السلوك المتهور، الخداع، ويعتقد الكثيرون بأن السفاحين عادة ما يكونون مختلين عقلياً.

ولكن دراسة جديدة نشرت في مجلة (Psychological Bulletin) تشير إلى أن المختلين عقلياً يمكنهم، في الواقع، الإحساس بالخوف، حيث قام باحثون من هولندا بإجراء مراجعات شاملة للبيانات النظرية والتجريبية للدماغ والسلوك المتعلق بالخوف والمرض العقلي، ووجدوا بأن الأفراد المصابين بالأمراض العقلية يشعرون بالخوف بالفعل، ولكنهم يواجهون صعوبة في الكشف والاستجابة للتهديدات.

من أجل الحصول على فهم أفضل للدور الذي يلعبه الخوف في الاختلال العقلي، قام الباحثون أولاً بمراجعة دراسات سابقة لفهم المصدر الذي جاءت منه فكرة عدم الخوف، وقد أشارت البيانات السابقة، بما في ذلك إحدى الدراسات التي تعود لعام 1806، بأن الأشخاص الذين يعانون من الاختلال العقلي كانوا يعتبرون بأنهم “سطحيو العواطف”، الأمر الذي جعل واضعي الدراسة يستنتجون بأن هؤلاء الأشخاص يفتقرون أيضاً للإحساس بالخوف، ولكن هذا لم يأتِ بشكل صريح في البحث، بل في الواقع، ووفقاً للدراسة، لم يكن هناك سوى نظرية واحدة تربط بين غياب الخوف والمرض العقلي.

تبعاً لـ(سيلكو هوبينبرورز)، وهو أحد معدي الدراسة، فإن فكرة أن المرضى النفسيين لا يشعرون بالخوف أصبحت راسخة الجذور في الكيفية لقد أصبحنا نرى بها الاختلال العقلي، وإذا ما حاولنا إيجاد تفسير للخيارات المحفوفة بالمخاطر التي يتخذها هؤلاء الأفراد والأشخاص الذين يتعرضون للأذى منهم نتيجة لذلك، فإن فكرة أنهم لا يشعرون بالخوف تصبح منطقية تماماً كتفسير لهذا، كما أن هذه الفكرة تمت تغذيتها من خلال الأفلام والكتب التي تميل لتصوير الأفراد المختلين عقلياً بأنهم أشخاض عديمو العاطفة.

ولكن الباحثين لا يوافقون على ذلك، فمن خلال تحليل مفهوم الخوف على أساس المعرفة الحالية لكيفية عمل الدماغ، وجد )هوبينبرورز( وفريقه بأن الدلائل تميل أكثر لصالح فكرة أن هناك عجز في القدرة على الكشف والاستجابة للتهديدات، وليس قلة الإحساس بالخوف.

قدم (هوبينبرورز) مثالاً على ذلك، حيث اعتبر أن هناك مختل عقلياً يسير في زقاق مظلم في الليل، لكنه لا يدرك احتمالات الخطر، ولكن عندما تواجه مع سارق، بدأ يلاحظ وجود التهديد ويشعر بالخوف، وبالتالي لجأ إلى الرد بعنف، وقد يكون ذلك راجعاً أيضاً إلى أنه يرى التهديد وهو قادم، ولم ينتبه سوى في نهاية الطريق إلى أن ما فعله يمكن أن يكون خطيراً.

بحسب (إنتي برازيل)، وهو أستاذ في جامعة رادبود ومن الباحثين الذين شاركوا أيضاً في الدراسة، فإن الأفراد المختلين عقلياً يعكسون مقداراً كبيراً من الأذى تجاه الآخرين، ويشير إلى أن ليس هناك حالياً أي علاجات متاحة يمكن أن تكون فعالة حقاً، ونتيجة لذلك، يمكن للعبء المالي أن يكون ضخماً، حيث يضيف (برازيل) بأن الولايات المتحدة تنفق ما يزيد عن 460 مليار دولار للتعامل مع المرض العقلي، وفي هولندا، فإن الإقامة في مرافق للعلاج تكالف حوالي 160,000 يورو سنوياً للفرد الواحد.

هذا ما يجعل هذه الدراسة مهمة جداً، فمع هذا الفهم الجديد يمكننا أن نحاول تطوير برامج علاجية أفضل والحد من مخاطر رد الجريمة، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تقليل الأضرار المالية، والوصول إلى مجتمع أكثر أماناً.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير