العلماء يحصدون الكهرباء من الأشجار

قد يبدو لك غرس الأقطاب في جذوع الشجر لحصد الكهرباء أمراً جنونياً، لكن هذه الفكرة بقيت تثير اهتمام العلماء، لأنهم إذا نجحوا فعلاً فيها، فقد تستخدم الغابات ذات يوم شبكة خاصة بها من مجسات الاستشعار، نستطيع عبرها مراقبة صحة النظام البيئي أو تعطينا إنذاراً مبكراً عن أي حرائق في الغابات.

الأطفال الصغار يعرفون أن النبات يمكن أن يكون مصدراً للكهرباء، عبر تجربة بطارية البطاطس الشهيرة، وفي هذه الحالة فإن الطاقة تأتي من تفاعلات الأكسدة والاختزال التي تحدث في الأقطاب الموصلة، والتي تصنع من معدنين مختلفين، هما النحاس والزنك عادة.

كان العلماء يعتقدون أن هذا التفسير هو نفسه الذي يحدث في جذع الشجرة، ولذلك يمكن أن تصدر كهرباء، لكن باحثين في فريق من جامعة ماساتشوستس أجروا دراسة جديدة، أظهرت أن الأقطاب المصنوعة من نفس المعدن أيضاً يمكنها أن تصدر تياراً.

فريق الباحث أندرياس ميرشن يعتقد أن الكهرباء التي تحدث، تأتي بسبب اختلاف الأس الهيدروجيني بين الشجرة والتربة، وهو اضطراب كيميائي تحافظ على استمراره عمليات التمثيل الغذائي في الشجرة.

مع أن إثبات مقدرة الأشجار على إنتاج الكهرباء كان خطوة عظيمة، إلا أن العلماء ظلوا يتساءلون: هل يمكن استغلال هذه الكهرباء الضئيلة التي تنتجها الأشجار في أي شئ مفيد؟

الأشجار تستطيع إنتاج تيار كهربي ثابت يبلغ جهده ما بين 20 إلى بضع مئات من الميللي فولت، وهو الجهد الذي يقل عن ذلك الناتج من بطارية AA تقليدية، والتي تقوم بإنتاج 1.5 فولت، لكن تيار الأشجار في ذات الوقت، قريب من مستوى ضوضاء الخلفية الكهربية التي تحدث في الدوائر.

وقد قال باباك بارفيز المهندس الكهربائي من جامعة واشنطن في سياتل، أن الدوائر الكهربية الطبيعية لا تقوم على جهد بهذا الصغر، لهذا نحتاج طريقة نحول بها هذه الكميات الصغيرة لننتفع بها، وقد استطاع فريقه أن يحصلوا على تيار كهربي يمكن الانتفاع به بالفعل من أشجار القيقب كبيرة الأوراق، عبر استخدام جهاز جديد ابتكروه وسموه “المحوّل معزّز الفولت”، وهو المحول الذي يقوم بتخزين الطاقة الكهربية من الشجرة، مطلقاً إياها عندما تبلغ 1.1 فولت.

ولكي يصنع الفريق هذا الإطلاق الدوري للكهرباء، فقد طوروا ساعة، تعتمد أيضاً على الشجرة لحصد الطاقة، وهي تعرف الوقت عبر تتبع النفق الكمومي الذي تحدثه الإلكترونات في الطبقات الرقيقة العازلة، وتحتاج إلى تيار كهربي مقداره 350 ميللي فولت لتشغيلها، معتمدة على طاقة لا تتعدى النانو واط.

الفريق يعتقد أن الشجر يمكن أن يكون أداة لمراقبة فيسيولوجيته الخاصة بهذه الطريقة، أو مراقبة البيئة المحيطة به والمشاركة في الأبحاث البيئية، وبما أن الأدوات تنكمش كلما تقدم العلم وتتطلب طاقة أقل، فمن المحتمل أن يكون لكهرباء الأشجار استخدامات واسعة ذات يوم.

فريق بارفيز ليس الوحيد الذي يحاول حصد التيار الكهربي الضئيل من الأشجار، بل توجد شركة أخرى في كانتون في ماساتشوستس، تسمى Voltree Power، سجلت براءة اختراع لدوائر كهربية تعتمد على الأشجار في 2005.

تقول المديرة التنفيذية لهذه الشركة، أن شركتها تستخدم الطاقة التي تحصدها من الأشجار لمد مجسات الاستشعار بالطاقة، المجسات متخصصة في استشعار الحرارة والرطوبة في الغابات، وقد قامت الشركة في أوائل 2009 بتجريب شبكة مجسات لا سلكية لاستشعار حرائق الغابات.

هناك أيضاً أدوات تفقد المياه بنفس الطريقة التي تقوم بها أوراق الأشجار في عملية النتح، ويمكن استخدام هذه الأدوات لتوفير الطاقة الإضافية، فقد قام فريق من جامعة كاليفورنيا  بدراسة أظهرت أن التبخر من الأوراق يمكن استغلاله كمضخة ميكانيكية، وأن هذا التأثير يمكن أن يستخدم لحصد الطاقة.

 

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير