قام فريق دولي من العلماء بقفزة نوعية في مجال علم الوراثة، حيث استطاعوا معرفة كيفية تعديل الأنزيمات للمورثات, مما يمهد الطريق أمامهم لتصحيح الأمراض الوراثية لدى المرضى.
وقد قام باحثون من جامعة بريستول، مونستر والمعهد الليتواني للتكنولوجيا الحيوية, بمراقبة العملية التي يقوم بها صنف من الأنزيمات يدعى (CRISPR), بربط وتغير بنية الحمض النووي (DNA), وتم نشر هذه الدراسة في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS), وقد أعطت نتائج الدراسة جواباً للتساؤل حول إمكانية استخدام أدوات التعديل الجينية في تصحيح الأمراض الوراثية عند البشر.
لقد تم اكتشاف انزيم (CRISPR) لأول مرة في البكتيريا حوالي عام 1980, وقد عُرّف هذا الأنزيم على أنه الدفاع المناعي الذي تستخدمه هذه البكتيريا ضد الغزو الفيروسي, وقد أظهر العلماء مؤخراً أن نوع من انزيم (CRISPR)المسمى بـ – 9Cas – يمكن استخدامه لتعديل المورثات الإنسانية.
هذا الأنزيم مصمم خصيصاً لاستهداف مجموعة معينة من الأحرف من ضمن ثلاثة ملايين زوج موجود في جزيء الـ (DNA), أي ما يعادل تصحيح كلمة واحدة خطأ في موسوعة تتألف من 23 مجلد, وللقيام بذلك فإن انزيم (CRISPR) يستخدم جزيء من الحمض النووي الريبي (RNA), حيث يقوم انزيم (CRISPR) بتفكيك خيوط الـ (DNA) و إدخال الـ (RNA) لتشكيل بنية تسلسلية محدودة تدعى (عقدةR-).
قام الفريق الدولي باخضاع نموذج (عقدةR-) للاختبار, باستخدام مجهر معدل خصيصاً لهذا الهدف, وقاموا ببسط جزيء واحد من الحمض النووي (DNA) بواسطة حقل مغناطيسي, وعمدوا بعدها لتغيير قوة التواء الحمض النووي, حينها تمكنوا من رصد تشكّل (عقدةR-) من أنزيم (CRISPR), وهذا ما سمح للعلماء باكتشاف خطوة كانت مخفية عنهم في السابق, تتعلق بتسلسل قواعد الـ (DNA).
ويشير البروفيسور (مارك شالكين) من جامعة بريستول للكيمياء الحيوية, أن التحدي في عملية استعمال الأنزيم لتعديل المورثات, يكمن في التأكّد من أن موقعاً معيناً من المورثة سيتم استهدافه فقط.
إن الفحوصات التي أجريت على هذا الجزيء أدت إلى فهم عميق لدور الـ (DNA) في عملية تشكل (عقدةR-), حيث يمكن لنا في المستقبل أن نقوم بإعادة هندسة أنزيمات (CRISPR) لزيادة دقتها والتقليل من آثارها خارج نطاق الهدف المطلوب، وهذا أمر مهم إذا ما أردنا أن نستخدم هذه التقنية في تصحيح الأمراض الوراثية عند البشر.