تُعرف تقنية النانو تكنولوجي على أنها علم يهتم بدراسة عملية معالجة المواد بالاستعمال الجزيئي والذري، وتقاس هذه التقنية بالنانوميتر، والذي يعتبر جزءاً من أجزاء المليون المتواجدة في المليمتر. كما و تشير تقنية النانو تكنولوجي إلى مجموعة واسعة من الأدوات والتقنيات والتطبيقات التي تتكون من جسيمات مصغرة الحجم  تصل  في قطرها تقريبًا لبضع مئات من النانوميتر.

كما لهذه الجزئيات المتناهية في الصغر ” في حجمها” مجموعة من الخصائص الفيزيائية والكيميائية وخصائص متعلقة بسطحها والتي تصلح لاستخدامات عديدة وفي مجالاتٍ مختلفة. ستعمل هذه التقنية على معالجة وايجاد حلول فعلية للقضايا المتعلقة بالطب، الطاقة، الزراعة، وحتى القضايا البيئية والعسكرية على حٍد سواء. والتي ستعمل على إحداث ثورة تكنولوجية!

يشير العلماء المهتمين في تقنية النانو تكنولوجي أن هذه التقنية العظيمة سوف تساهم في ايجاد حلول لبعض المشاكل الرئيسية العالمية مثل  تزويد مياه الشرب النقية لجميع السكان والذين يزداد أعدادهم بشكل سنوي.

وذكرت المجلة الدولية لتحلية المياه نوويًا (The International Journal of Nuclear Desalination) و الباحثون المشاركون في بحثٍ حول استخدام تقنية النانو تكنولوجي في تنقية المياه من كلية سانفي في الهند (Sanghvi College of Engineering)،  أن هناك العديد من مناهج تكنولوجيا النانو في تنقية المياه التي يجري التحقيق فيها حاليًا وبعضها قيد الاستخدام بالفعل. وتضيف الباحثة المشاركة في الدراسة ألبانا ماهاباترا ,” (Alpana Mahapatra) و زملاؤها فريدا فالي (Farida Valli) وكاريشما تيجوريوالا (Karishma Tijoriwala) ” إن أجهزة معالجة المياه والتي تحتوي على مواد نانوية متوفرة حاليًا، كما أن حاجة البشر للمزيد من مصادر المياه النظيفة يحتاج منا جهودًا مستمرة”.

حيث يستخدم في تنقية المياه مجموعة من المواد النانوية (Nanoscopic Materials)  وأنابيب نانوية من الكربون وألياف الألومينا (أكسيد الألومنيوم) والتي بدورها تعمل عملية ترشيح وفلترة نانوية دقيقة. علاوة على ذلك يتم استخدام المسام النانوية في عملية الترشيح  كتلك الموجود في الزيوليت- نوع من أحجار سيليكات الألومنيوم-  (Zeolite Filtration Membranes) و محفزات نانوية (Nanocatalysts) و جسيمات نانونة الممغنطة (Magnetic Nanoparticles). وأيضًا تستخدم أجهزة الاستشعار النانوية والتي تكون مصنوعة من أسلاك نانوية من أكسيد التيتانيوم Titanium Oxide Nanowires أو جسميات البلاديوم النانوية (Palladium Nanoparticles) في الكشف عن الملوثات الموجود في عينات المياه.

كما أن درجة التخلص من الشوائب الموجود في المياه تعتمد على طبيعة المرحلة والتطبيق الذي يتم استخدامها فيه. ويمكن استخدام تنقية النانو تكنولوجي في التخلص من و إزالة الرواسب، المخلفات الكيميائية السائلة (Chemical Effluents) والجسيمات المشحونة والبكتيريا ومسببات الأمراض الأخرى وازالة العناصر السامة مثل الزرنيخ والتخلص من الشوائب السائلة ذات اللزوجة العالية مثل الزيوت.

يقول الفريق المشارك في الدراسة  ” المزايا الرئيسية لاستخدام المفلتر النانوي- بخلاف الأنظمة الفلترة التقليدية- هي أن هذا الفلتر النانوي يمكّن المياه من المرور من خلاله بسهولة بدون ضغط عالٍ وبشكل أعلى كفاءة نظرًا لأن مساحة سطحها كبيرة. كما أن عملية انعكاس تدفق المياه تجري للتأكد من طرد أي الملوثات التي تراكمت من خلال نظام الترشيح. وهي أكثر سلاسة من الطرق التقليدية”

على سبيل المثال، يمكن لأغشية الأنابيب والألواح النانوية ازالة جميع أنواع الملوثات الموجود في المياه تقريبًا والتي تشمل عكارة المياه (Turbidity) والزيوت والبكتيريا والفيروسات والملوثات العضوية.

على الرغم من كون مسامها صغيرة جدًا فإن للأنابيب النانوية الكربونية معدل تدفق أعلى من الأنابيب ذات المسامات الكبيرة. ويرجع ذلك بسبب أن هذه الأنابيب ناعمة السطح من الداخل. (The Smooth Interior Of the Nanotubes)

كما وتعمل ألياف الألومينا  النانوية (Nanofibrous Alumina) والألياف النانوية من أنواع أخرى على التخلص من الملوثات سالبة الشحنة مثل الفيروسات والبكتيريا والمواد الغروية   العضوية والغير عضوية بأسرع بكثير من أنظمة التنقية والترشيح التقليدية.

” على الرغم من أن الجيل الحالي من أنظمة الترشيح النانوية بسيطة نسبيًا إلا أنه ومن المتوقع أنه خلال المستقبل القادم من التقنيات النانوية  المعتمدة على معالجة المياه وتنقيتها من خلال أجهزة نانوية سوف تتضاعف الاستفادة من خواص المواد النانوية الجديدة”

وقد أقر العلماء الباحثون أن المخاطر المرتبطة بالمواد النانوية لا يمكن أن تكون لها ذات المخاطر المرتبطة بالمواد نفسها في حالتها السائبة لأن نسبة المساحة إلى الحجم في الجسيمات النانوية  يمكن أن تجعلها أكثر تفاعلًا من المواد السائبة والتي تؤدي بدورها إلى تفاعلات غير معروفة وغير مجربة مع الأسطح البيولوجية.

يجدر بالذكر أن تقنية المياه باستخدام النانو تكنولوجي لم تؤدِ بعد إلى أي مشاكل صحية أو بيئية ، لكن فريق العلماء يسعى جاهدٍا لإجراء المزيد من الأبحاث والدراسات حول التفاعلات الحيوية للجسيمات النانوية.