هل من الممكن نقل البيانات عبر الموجات الثقالية؟

epa05154649 A undated handout graphic, made available 11 February 2016 by NASA / CALTECH-JPL, showing an artist’s impression of gravitational waves generated by binary neutron stars. US researchers said 11 February 2016 they have detected gravitational waves, which physicist Albert Einstein first described 100 years ago as ‘ripples in the fabric of space-time.’ Scientists from Caltech and the Massachusetts Institute of Technology (MIT) made the announcement in Washington and other locations around the world. There were immediate suggestions that the discovery could well win them the Nobel Prize in Physics. The signal detected with LIGO, an observatory with sites on both sides of the United States, was very clear and there was no room for doubt that it was direct evidence of the waves, said Bruce Allen, who is acting director at Germany’s Max Planck Institute for Gravitational Physics. He said two scientists with his group in the northern German city of Hanover were the first to notice the effect. The announcement may confirm Albert Einstein’s last unproven theory, dating from 1916. EPA/R. HURT / CALTECH-JPL / HANDOUT HANDOUT EDITORIAL USE ONLY

بدايةً دعونا نتعرف سويةً على معنى الموجات الثقالية: الموجات الثقالية هي تموجات بداخل انحناء الزمكان بحيث تنتشر كموجات , متولدة  بداخل تفاعلات ثقالية معينة و تنتقل خارجة من مصدرها. وقد تنبأت النظرية النسبية العامة لأينشتاين بها قبل نحو مئة عام.  تتولد هذه الأمواج بواسطة التسارع (أو بالفعل، التباطؤ) الناتج عن الأجسام فائقة الكتلة في الكون. فمثلاً إذا انفجر نجم المُسْتَعِرُ الأعظم أو Supernova ، فإن الأمواج الثقالية تحمل الطاقة بعيداً عن الانفجار بسرعة الضوء، أمّا إذا اصطدم ثقبان أسودان فإنهما سيسببان هذه التموجات في الزمكان لتنتشر كالتموجات على سطح بركة. لم يتسنّى للعُلماء إثبات وجود الموجات الثقالية في الواقع، إلى أن تمكّن مرصدُ التداخل LIGO مِن رصدها!

(الأمواج الثقالية وموجات الجاذبية … ما الفرق؟ ) – موقع ناسا بالعربي

وقد قام مجموعة من العلماء من مركز ليغو LIGO ( مرصد تداخل موجات الجذب الليزري) بالإعلان عن أول اكتشاف للموجات الثقالية باستخدام الليزر في  يومٍ تاريخي عام 2016 بعد 100 عام من توقعات العالم آينشتاين – النسبية العامة- في اثبات وجود موجات جاذبية (الثقالية).

حيث تكونت الموجات الثقالية في الفضاء نتيجة لمجموعةٍ من الأحداث الفلكية العظيمة مثل حدوث تصادم بين زوجٍ من الثقوب السوداء.

فتح هذا الاكتشاف العظيم مجالًا واسعًا للأبحاث و التساؤلات عن الكثير من الاحتمالات الممكنة حول استخدام هذه الموجات والاستفادة منها والتعرّف عليها. كما وأجريت دراسة حديثة مؤخرًا على يد مجموعة من العلماء الروس حول كيفية استخدام الموجات الجاذبية في نقل وتبادل المعلومات بنفس الطريقة التي تعمل بها الموجات المغناطيسية في التواصل ونقل البيانات والمعلومات عبر الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد واللواقط الهوائية. ومن المتوقع أن يكون مستقبل الاتصالات القادم قائمًا بشكل أساسي على موجات الجاذبية هذه!

تم نشر هذه الدراسة مؤخرًا في “المجلة العلمية الكلاسيكية و الثقالة الكمّية” على يد البروفيسورة الروسية أولغا بابوروفا  (Olga Babourova) من جامعة موسكو التعليمية والتي تضم أعضاء من جامعة موسكو التقنية (MADI) و جامعة (RUDN). في روسيا.

كما أنه لأسباب بحثية ومنهجية قام الفريق المشارك بنشر الدراسة متبوعة بثلاثة مراحل. تعمل هذه المراحل الثلاثة على تحديد ما اذا كان بالإمكان عمل ترميزٍ أو تشفيرٍ  للموجات الجاذبية واستخدامها في عملية نقل المعلومات والبيانات.

في المرحلة الأولى للدراسة قام العلماء بتحليل خصائص الموجات الثقالية في الفضاء باستخدام generalized affine-metric space)  – بناء جبري ثلاثي الأبعاد مستقل عن النواقل أو نقاط المرجع).

تعتبر هذه الطريقة مشابهةلكيفية تقييم خصائص الموجات الكهرومغناطيسية في النسبية العامة من خلال مشعب رباعي الأبعاد المعروف ب ” الزمكان”  ..

سمحت هذه الطريقة لفريق البحث بالانتقال من التفسير الرياضي للموجات الثقالية إلى تفسير وصفي في الفضاء الحقيقي.

زمكان مينكوفسكي (Minowski space-time) : هو البناء الرياضي الذي تستند اليه نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين. في هذا الفضاء الجديد تندمج الأبعاد المكانية الثلاثة المعروفة مع البعد الزماني لتشكيل عديد تفرع رباعي الأبعاد لتمثيل الزمكان. فهو يعني الفضاء ذي الأبعاد الأربعة المثالية التي أوجدها أينشتاين.

أما في المرحلة الثانية فقد سعى الباحثون من خلالها إلى تحديد ما إذا كانت وظائف الوقت المختلفة ستتغير خلال عملية توزيع الموجة أم لا. و وجد الباحثون في هذه المرحلة أنه من الممكن تحديد خصائص الموجة عند المصدر وأنه من الممكن فك الشيفرة عند المصدر الآخر دون حدوث أي تغيير.

أمّا في المرحلة الثالثة والأخيرة للدراسة، فقد عمل الباحثون في هذه المرحلة على اختبار ومعرفة ما إذا كان بالإمكان استخدام الموجات الغير متوازنة للموجات الثقالية لتشفير الإشارات المستمدة من المعلومات.

بناء على هذه المراحل فقد استطاع العلماء تحديد الأبعاد الأربعة للموجة ( ثلاثة أبعادِ مكانية والبعد الرابع هو البعد الزمني (الوقت)). يمكن لهذه الأبعاد الثلاثة المكانية العمل على تشفير اشارات المعلومات لأداء مهمة ” وظيفة” واحدة فقط بينما يمكن استخدام البعد الزمني في تشفير البيانات أو لأداء وظيفتين.

تعقيبًا على هذه الدراسة، تقول البروفيسورة والأستاذة المساعدة في معهد نيكولوسكي المتخصص في علوم الرياضيات والعاملة في RUDN  والمشاركة في الدراسة نينا ماركوفا  (Nina V. Markova) في لقاء صحفي :

” لقد وجدنا أن الموجات  الغير متماثلة لها القدرة على نقل البيانات بشكل مشابه لموجات الانحناء المكتشفة مؤخرًا ذلك لأنها تحتوي على وظائف نقل عشوائية تتحكم في المهلات  والتي يمكن تشفيرها أو ترميزها في مصدر هذه الموجات. (في تشابه تام مع الموجات الكهرومغناطيسية) ”

وبشكل عام بيّن العلماء من خلال التمثيل الرياضي أن هنالك وظائف للموجات الجاذبية لا تزال ثابتة وغير متغيرة أثناء عملية توزيع الموجات. هذا يعني أنه من الممكن تشفير وترميز البيانات والمعلومات من خلال الموجات الثقالية بنفس الطريقة التي يتم استخدامها في الموجات الكهرومغناطيسية لنقل المعلومات المشفرة من خلال استخدام اشارات الراديو لأكثر من قرن.

لذلك اذا ما تمكن العلماء من تطوير طريقة لدمج وتحويل المعلومات عن طريق الموجات الثقالية ، بالتالي سيكون من الممكن توصيل ونقل الموجات لأي نقطة في الفضاء.

سيترتب علي هذه العملية آثار عظيمة على طبيعة الاتصالات الفضائية حيث سيكون للأقمار الصناعية والمحطات الفضائية أن تستخدم لنقل المعلومات والبيانات موجات الراديو أو الموجات الضوئية والموجات الثقالية (الجاذبية).

كما تعتبر هذه تجربة عظيمة للمستقبل لاستكشاف الفضاء والذي أصبح ممكنًا من خلال البحث العلمي والذي تطور بشكل مهول في السنوات الأخيرة.

Total
1
Shares
Related Posts