فلنرفع رئوسنا إلى السماء ونلوح بذراعنا وداعاً للطائرات النفاثة، لأن النهاية قادمة قريباً ربما، على يد الطائرات الكهربية الجديدة التي بدأت تجد طريقها إلى العالم الواقعي، ويقف خلفها ممولون كثر، بدئاً من الشركات الناشئة والوكالات الحكومية ونهاية بأكبر مصنعي الطائرات في العالم، والذين يعدونك بأن تصبح رحلتك بفضلها أكثر أماناً لك وللبيئة، انسَ الإسراع بالسيارة إلى المطار، أو الهبوط في مطار يبعد أميالاً عن عملك، وأفسح مكاناً في حديقة منزلك الخلفية، استعد، فالطائرة الكهربية قادمة !
الطائرات الكهربية .. مسمار في نعش الطائرات الحالية
في بداية يوليو الماضي أعلنت ناسا أنها سوف تبني طائرة بحثية عالية السرعة سمتها “ماكسويل”، والتي ستستخدم المحركات الكهربية لمد 14 مروحة دفع بالطاقة، الطائرة ذات المقاعد الاربعة تستطيع أن تطير بسرعة 175 متراً في الساعة، مثل الكثير من الطائرات الصغيرة، مستخدمة خمس الطاقة المطلوبة للطائرة الخاصة العادية، وهي تخطط في نهاية المطاف أن تستبدل الطائرات التقليدية مثل بوينج 737 وإيرباص A320 التي تستخدم في الطيران المدني، والباعثة لأكبر نسبة من انبعاثات الكربون الملوثة، بحسب ما قال أستاذ هندسة الطيران في جامعة بنسلفانيا؛ جاك لانجيلان.
ما الذي يجعلني أركب هذه الطائرات بدل الأخرى؟
الطيران التجاري مسئول عن 2% من التلوث الكلي الذي يصنعه الإنسان في هذا العالم، وهو الرقم الذي يرجح أن يصل إلى 22% بحلول العام 2050، لكن الطائرات الكهربية سوف توقف هذه الكارثة المحدقة، بل وربما تتسبب في تراجعها، فالمحركات الكهربية لديها كفاءة مضاعفة عن محركات الطائرة النفاثة، وكل ما عليك فعله هو توصيل الأسلاك بالمحرك. ولهذا فبدلاً من مروحة ضخمة واحدة، لديك الحرية في وضع محركات صغيرة في أي مكان على الطائرة.
طائرة كهربية مثل “ماكسويل” لديها 12 مروحة دفع على الجناح، كل مروحة لديها محركها الخاص، هذا يجعل الطيران آمناً، تخيل مثلاً فشل أحد المحركات، فيما لديك 14 محركاً، الأضرار أقل وطأة بالتأكيد من فشل محرك حين يكون لديك ثلاثة فقط، كما قال أحد مصممي الطائرة الكهربية ماكسويل.
هنا، أدركت الشركات الناشئة في الطيران، أن المحركات الكهربية تمكنهم من طائرات جديدة قادرة على الإقلاع والهبوط رأسياً، لا تحتاج إلى مساحة للهبوط، إذ تكفيها حديقة منزلك الخلفية، ويمكن أن تستبدل السيارات الشخصية، والطيران التقليدي، والمطارات المزعجة، الإقلاع العمودي أكثر شعبية، لأنه لا أحد يحب أن يهبط على مسافة خمسة أميال من مكان عمله.
مثل عدوى لطيفة .. الطائرات الكهربية تتكاثر
نماذج الطائرات الجديدة ظهرت تباعاً، فمن الطائرة الألمانية ذات المقعدين Lilium والتي لا تحتاج لأكثر من مساحة هبوط تقدر بـ15 متراً مربعاً، إلى الطائرة Joby S2 ذات الدوارات الاثني عشر التي تمكنها من الإقلاع عمودياً ثم تتحول إلى طائرة تقليدية، والتي يقول مبتكروها أنها ستستخدم طاقة أقل من سيارة بنزين عادية بخمسة أضعاف، أضف إلى ذلك الطائرة Volocopter الألمانية الأولية، ذات الـ18 دواراً والأشبه بالهيليكوبتر، والطائرة الصينية EHang التي تشبه طائرة دون طيار تتسع لشخص واحد، ومن المفترض أن تكون مثل خدمة “أوبر” للتوصيل، بالذات بين المدن المحتقنة.
الحلم ليس وردياً تماماً .. لا تفرح بعد
هناك الكثير من الأشياء التي ما تزال تحتاج إلى حل قبل أن يصبح الأمر واقعاً، علينا أن نجد طريقة لتفادي الاصطدامات في الجو والسيطرة على حركة المرور فوق، كما إن هناك العديد من المشاكل التقنية للطائرات الكهربية، مثل البطاريات، فليس من المعقول أن تبقى دائماً قلقاً بانتظار قدوم المحطة التالية والشحن، وبطارية الليثيوم الأيونية لا تبدو خياراً جيداً لرحلات طويلة، لأنك ستبقى محدوداً بساعة طيران واحدة، ولهذا التفت شركة مثل Aurora على المشكلة باستخدام نظام هجين من مولدات تعتمد على الوقود مع محركات كهربية، وهناك شركات اعتمدت حل أكثر خضرة وحماية للبيئة بالاعتماد على الخلايا الضوئية، كما في طائرة Solar Impulse 2 التي أصبحت أول طائرة تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة تنجح في اجتياز المحيط الأطلسي، لكن المشكلة أنها تحمل شخصاً واحداً فقط، كما إن سرعتها أقل من معظم السيارات، ويكلف تطويرها ملايين الدولارات.
الأخبار المبشرة هو إن كل تكنولوجيا الطائرات الكهربية تتحسن، بدئاً من البطاريات ومروراً بالخلايا الشمسية ونهاية بالمحركات نفسها، وهي تصبح أخف وأرخص مع مرور الوقت، ما جذب اهتمام أكبر شركات الطيران مثل “بوينج” و”إيرباص”، حتى “إيلون ماسك” رئيس شركة “تيسلا” لمّح إنه يفكر في بناء طائرة تعتمد بشكل كامل على الكهرباء، ويتوقع أن تكلف القليل من التكاليف أسوة بالسيارات الكهربية الموجودة بالفعل، فقد قال صانعو الطائرة الشمسية الكهربية Sun Flyer أن الكهرباء فيها لن تكلف أكثر من دولار واحد في الساعة، مقارنة بتكلفة 40 دولاراً في الطائرات المعتمدة على الوقود.
There’s no easy answer. Sometimes you just have to work on what #80;calls&28221; at the time. (That is when there’s no real deadline, of course.) Real deadlines help create priorities. That’s for sure!