على الرغم من أن الطابعات الثلاثية الأبعاد بدأت تحصل على الكثير من الاهتمام في هذه الأيام، إلّا أن هناك أداة قيّمة أخرى كان يتم صقلها بهدوء لتصبح أصغر حجماً ويصبح من الممكن استخدامها في المنازل، متيحةً بذلك المجال أمام الأشخاص الذين يقومون بصناعة الأشياء داخل منازلهم لبناء كل ما يريدونه بأدق التفاصيل، هذه الأداة هي القاطعة الليزرية.
القطع بالليزر هو تكنولوجيا تستخدم الليزر لقطع المواد، ويتم القطع بالليزر باستخدام الكمبيوتر لتوجيه أشعة الليزر عالية الطاقة إلى المادة التي يراد قطعها، حيث تقوم هذه الأشعة بإذابة المادة، أو حرقها، أو تبخيرها على شكل غاز، تاركة الحواف المقطوعة على درجة عالية من الدقة، وتستخدم قواطع الليزر في المجالات الصناعية لقطع المواد المستوية أو الاسطوانية، فبدلاً من استخدام عمليات التصنيع المضافة مثل الطابعات الثلاثية الأبعاد، تقوم القاطعة الليزرية باختراق الأشياء مثل الخشب والزجاج والصفائح الرقيقة من المعدن كسكاكين فائقة الحدّة لتصنّع أجزاء وقطع يمكن تجميعها فيما بعد لتشكيل بناء أكبر حجماً، كما يمكن للقاطعة الليزرية أيضاً القيام بحفر أنماط معقدة من التشكيلات على أسطح العديد من المواد.
قامت مجموعة تعرف باسم شركة النمل الأحمر الليزري مؤخراً بإطلاق حملة تدعى (Kickstarter) للترويج لقاطعة ليزرية محمولة تسمى (أوريغامي)، وهي قاطعة ليزرية بقوة 40 واط وذات أنابيب مملوءة بغاز ثاني أوكسيد الكربون، حيث يتم استخدام هذا الغاز بذات الطريقة التي يستخدم فيها غاز النيون في المصابيح الضوئية، فعن طريق تنشيط غاز ثاني أوكسيد الكربون (CO2) المحاصر داخل الأنابيب، يتم توليد أشعة تحت الحمراء غير مرئية، تقوم بعدها المرايا المثبتة في الأنابيب بتحويله إلى أشعة ليزر، بذات الطريقة التي يؤدي فيها تنشيط غاز النيون الموجود في المصابيح الضوئية إلى توليد الضوء، والجدير بالذكر أنه قد تم استخدام هذا النوع تحديداً من الغازات داخل هذا النموذج من القاطعات الليزرية لأنه الأنفع في تقطيع المواد العضوية مثل الخشب والورق والمطاط والجلد، كما أنه الأفضل في حفر المواد الصلبة مثل الزجاج والسيراميك والحجر.
إن القاطعة الليزرية التي تم تصنيعها هي قاطعة محمولة، حيث يمكن طيها وحملها بسهولة من قبل أي شخص، كما أن لها نظام تبريد وتهوية ذاتي، وما يميز (اوريغامي) أيضاً هو عدم احتوائها على قاعدة حاملة، مما يجعل من الممكن استخدامها على أي سطح مهما كان حجمه، وعلى الرغم من أن القاطعات الليزرية التي تستخدم غاز ثنائي أوكسيد الكربون موجودة في الأسواق منذ زمن بعيد، إلّا أن الشركات الكبيرة التي تسعى لتحقيق الأرباح كانت تسيطر عليها، فضلاً عن أن القاطعات التقليدية لم تكن تتوافر بقواعد حمل بجميع القياسات، مما جعل استخدامها يصبح محدوداً إلى حد ما.
ما يميز قاطعة الليزر (اوريغامي) عن غيرها من القاطعات الليزرية، هو أنه في قاطعات الليزر التقليدية يجب عادةً إزالة الدخان الناتج عن عملية القطع بعيداً عن المواد التي يتم تقطيعها داخل الحاوية الخاصة بالآلة الليزرية، وعلى الرغم من أن معظم الآلات تحتوي على مروحة داخلية تقوم بامتصاص الدخان من الحاوية، إلا التخلص من الدخان نهائياً يتطلب وضع خرطوم وإخراجه من نافذة قريبة، أما قاطعة الليزر (اوريغامي)، فيكون نظام التبريد فيها داخلي وتتضمن فلتر كربوني منشط، حيث تقوم (اوريغامي) بامتصاص الدخان من رأس القاطعة الليزرية وتقوم بسحبه إلى فلتر يوجد داخل الجزء الخلفي من الوحدة، وبما أن كل أجزاء الجهاز داخلية، لذلك يمكن حمله إلى أي مكان، والجدير بالذكر أن (اوريغامي) تزن حوالي 30-40 باوند وهي متوفرة مع حزام للكتف لجعلها أسهل للحمل.
يتم إرسال المعلومات إلى القاطعة الليزرية من الكمبيوتر المحمول أو المكتبي، ولقص أي شكل على آلة الليزر يجب أن يكون مرسوماً بطريقة الخطوط الشعاعية على أحد البرامج مثل (CorelDRAW), (Adobe Illustrator), (Autodesk AutoCAD)، وبعد الإنتهاء من رسم التصميم يتم استيراده إلى برنامج جهاز الليزر حيث يمكن تعيين مستوى قوة وسرعة الليزر.
بعد تجهيز كل شيء، يتم إرسال ملف التحكم إلى قاطعة الليزر من خلال كابل USB)) موصول بجهاز الكمبيوتر المحمول أو عن طريق محرك أقراص (USB)، وبهذا يمكن أخذ (الاوريغامي) والتصاميم المفضلة لديك على محرك أقراص USB إلى حديقة مثلاً لتطبيق التصميم على أي سطح تختاره، أو يمكن أخذ التصاميم المفضلة لديك إلى موقع العمل واستخدام اوريغامي لحفر لوحة جدارية على حائط ما أو حفر اسم أو شعار على نافذة ما، وتجدر الإشارة إلى أن جهاز الليزر يحتوي على ذاكرة داخلية أيضاً يمكنها الإحتفاظ بعدد قليل من آخر التصميمات التي تم إرسالها إلى القاطعة، وبذلك يمكن إعادة تكرير القص أو الحفر لعدد غير محدد من المرات من دون الحاجة لإعادة تحميلها من جهاز الكومبيوتر في كل مرة.
يستطيع برنامج القاطعة التفريق ما بين نظام القطع ونظام النقش (الحفر)، حيث أن الجهاز يترجم الرسم الشعاعي على أنه قطع، ويترجم الرسم النقطي على أنه حفر، والجدير بالذكر أن هذا الجهاز يمكنه حفر أي صورة تقريباً وعلى أي سطح كان من المواد العضوية وحتى على سطوح المواد الصلبة التي يمكنها أن تمتص الأشعة تحت الحمراء، مثل الزجاج والسيراميك والحجر، وبالطبع فإن هناك بعض الصور التي تكون أفضل للحفر أو التقطيع من غيرها، كما أن هذا يعتمد أيضاً على مستويات قوة الليزر وسرعته، وهذا أمر شائع في جميع أجهزة الليزر.