تشير دراسة جديدة صادرة عن جمعية الحفاظ على الحياة البرية وغيرها من المنظمات، إلى ضرورة توسيع نطاق المناطق البحرية المحمية (المحميات البحرية) لحماية الأسماك التي تؤدي وظائف بيئية أساسية، حيث أشارت الدراسة إلى أن الجهود السابقة ركزت على حماية الأسماك للحفاظ على أكبر عدد ممكن من الأنواع، وتناست هذه الجهود حماية الأنواع البحرية الأساسية التي تعتبر المفتاح لتوفير التوازن في الوظائف البيئة البحرية.
تشير الدراسة المنشورة في النسخة الالكترونية من مجلة رسائل علم البيئة (Ecology Letters)، بأن العديد من الوظائف البيئية الحيوية في المحيطات، يتم تنفيذها من قبل الأسماك التي تعد مصدراً غذائياً للملايين من الناس، حيث تكشف هذه الدراسة عن مشكلة كبيرة حاصلة في النظام البيئي، تتمثل بأن مجتمعات الأسماك الأكثر أهمية للحفاظ على النظام البيئي في العالم، قد انخفض تعدادها ضمن شبكة المحميات البحرية العالمية الحالية، وإن السبيل الوحيد لضمان زيادة عدد هذه الأسماك الاستوائية وضمان استمرار الخدمات البيئية التي تقدمها، هو بتوسيع شبكة المناطق المحمية البحرية الموجودة في العالم.
يقول الدكتور (تيم ماكلانهان) أحد كبار أعضاء جمعية الحفاظ على الحياة البرية والمؤلف المشارك في هذه الدراسة، بأن التحقيق الذي تم بالدراسة الجديدة، نجم عن الإقرار بأن الأنواع البحرية لا تشابه بعضها، وبأن بعضاً منها يلعب دوراً أكثر أهمية من باقي الأنواع في بيئة المحيطات، حيث كان الهدف من وراء التحقيق والدراسة، تحديد المناطق ذات الكثافة العددية الضعيفة للأسماك، والتي بزغت كأثر جانبي نجم عن المبالغة في التركيز على زيادة أعداد أنواع أخرى من الأسماك خلال الفترة الماضية، ويتابع (ماكلانهان) محذراً من مغبة فقدان أنواع الأسماك التي تلعب دوراً رئيسياً في تقديم الخدمات البيئية، كون هذا الأمر سيؤدي إلى تقويض قدرة المحيطات على توفير الغذاء وتقديم الخدمات البيئية الأخرى، وبالتالي فإن الدراسة هي دعوة لليقظة لحماية هذه الأنواع والمواقع البحرية المعرضة للخطر، خاصة وأن التحقيق يحدد الثغرات في النظام البيئي، ويوفر المقترحات اللازمة لتسريع حماية وظائف المحيطات.
اعتمدت الدراسة على تجميع قاعدة بيانات عالمية تحصي أعداد الأسماك الساحلية الاستوائية في 169 موقعاً حول العالم، وركزت على الأنواع التي تتواجد على عمق لا يتجاوز 50 متراً أو أقل، وقام فريق البحث بمقارنة هذه البيانات مع بيانات توضح خارطة توزيع 6316 نوعاً من الأسماك الاستوائية، كما لحظت الدراسة التهديدات التي تقوم بالتأثير على عدد الأسماك مثل الصيد والتلوث وتغير المناخ.
بالنتيجة وجد الباحثون أن العديد من المناطق التي تحتوي أسماكاً مهمة للوظائف البيئية، موجودة خارج مناطق المحميات البحرية الحالية، على الرغم من أن أعداد هذه الأسماك ينخفض بشكل تدريجي، كما قامت الدراسة بتحديد نقاط الضعف الأخرى، مثل عدم الاستقرار وفقاً للصنف (عدد الأنواع المهددة بالانخفاض وفقاً للنوع أو للصنف) وعدم الاستقرار الوظيفي (عدد الوظائف البيئية المهددة بالضياع بسبب التهديدات الخارجية).
كما كشفت الدراسة عن الأماكن الغنية بالأسماك المهمة وظيفياً، مثل الأرخبيل الهندي الاسترالي (الأرخبيل هو مجموعة متقاربة ومتجاورة من الجزر)، ومنطقة البحر الكاريبي، ومناطق هامشية من المحيط الأطلسي والمحيط الهادي، أما المناطق التي صنفت على أن تحتوي على ضعف شديد في أعداد الأسماك التي تؤدي الوظائف الحيوية البيئية، أو تحتوي على أسماك تؤدي دوراً وظيفياً متماثلاً، فشملت المياه الساحلية في تشيلي، شرق المحيط الهادي الاستوائي، وشرق المحيط الأطلسي.
أخيراً، فإن حماية الخدمات البيئية التي تقدمها بعض أنواع الأسماك للحياة البحرية، لا يقل أهمية عن حماية أنواع الحيوانات البرية، وإن الإطار النظري الذي قدمته هذه الدراسة، يمكن أن يساعد مديري البحار على تقديم التوصيات حول أماكن توضع المناطق المحمية البحرية، بحيث يتم توسيع هذه الحماية، بهدف الحفاظ على قدرة المحيطات على توفير الخدمات البيئية الأساسية.