تمكن مهندسون أميركيون من التوصل إلى رقاقة كمبيوتر جديدة استبدلوا فيها السليكون في الرقائق القديمة التقليدية بتكنولوجيا نانو جديدة ستغير من مفهوم تلك الرقاقة تماماً. فإذا كانت الرقاقة التقليدية تشبه مبنى من طابق واحد على مساحة واسعة، فإن الرقاقة الجديدة المعتمدة على تكنولوجيا النانو هي عبارة عن ناطحة سحاب، مكدسة فوق بعضها البعض لتكون مبنى متعدد الطوابق يعمل بفعالية مذهلة.
الرقاقة الجديدة المتعددة الطبقات والتي اطلق عليها اسم “N3KST”، صممت بحيث تقوم بمعالجة تدفق البيانات عن طريق امرارهم على التصميم الجديد، الذي وضع المعالجات ورقائق الذاكرة فوق بعضهم البعض، تماما كالطوابق في ناطحة السحاب، بدلا من وضعه إلى جوار أحدهم الآخر.
“فاذا وضعنا نفس العوامل من السرعة العالية واستهلاك الطاقة، فإن أنظمة N3KST ستتفوق عن نظيراتها الحالية بألف مرة تقريبا” يقول فيليب وونج الباحث بجامعة ستانفورد معلقا على الجهاز الجديد.
حسنا، لتتخيل الصورة معنا تماما، فإن أنظمة الكومبيوتر الداخلية الحالية تشبه في تصميمها حي هادئ تهيمن عليه المباني ذات الطابق الواحد. بمعنى أن المعالجات ورقائق الذاكرة المصنوعة من السليكون يكونون مرتبين معا بجوار بعضهما البعض. مما يعني ان مساحة كبيرة يتم شغلها بجهاز واحد.
والموضوع بالطبع ليس مقتصراً فقط على المساحة، فهذا يعني أيضا أن الإشارات الرقمية غالبا ما يتحتم عليها أن تقطع مسافة طويلة نسبيا، الأمر الذي يتسبب في اهدار الكثير من الوقت والطاقة، وأيضا يعرضك لخط ازدحام البيانات، كعنق الزجاجة تماما عندما تكثر البيانات للغاية، تبدأ حزمات منها في الإختناق بسبب الحركة في نفس الدائرة.
ولكن ماذا إذا كان نظام الكمبيوتر يشبه المدينة المليئة بناطحات سحاب تستطيع استيعاب المعالجات ورقائق الذاكرة معاً في طوابقها، بل وبمسافات بينية أصغر؟
هذا هو المفهوم الذي صنعت على أساسه الرقاقة الخارقة الجديدة.
وعلى الرغم من أن هذه الفكرة تبدو بديهية للغاية، إلا أن الصعوبة الحقيقية كانت في تصميمها، الأمر الذي دأب عليه وونج وفريقه وأعلنوا عن صناعة النموذج التجريبي الأول مؤخرا.
العائق الحقيقي الذي منع العلماء من التوصل لهذا التصميم، كانت رقاقة السيليكون، فلكي تصنع رقاقة السليكون يجب عليك أن تسخنها في درجة حرارة تزيد عن 982 درجة مئوية، وبالتالي كان من المستحيل تقريبا أن يتم تكديس الرقاقات فوق بعضهم البعض بدون أن تدمر الرقاقة في الأعلى الرقاقة التي تقع تحتها.
فكانت أفضل الأفكار التي توصل إليها العلماء وهي الأكثر تقدما حاليا، هي صناعة الرقاقة ثلاثية الأبعاد، والتي تتكون من رقاقتين مفصولتين من السليكون، يتم ربطهما بعدة آلاف من الأسلاك. العدد الذي قد يبدو ضخما ولكنه في الحقيقة ليس كثيرا على الإطلاق، مما يعني الحاجة إلى المزيد من الطاقة لنقل البيانات من رقاقة إلى الرقاقة الأخرى.
ولكن بدلا من ذلك قرر الباحثون بجامعة ستانفورد بناء تلك الرقائق الجديدة بالاعتماد على أنابيب الكربون النانوية، والتي بالإضافة لكونها أسرع من رقائق السليكون بمراحل فإنها لا تحتاج إلى تلك الحرارة العالية أثناء التصنيع على الإطلاق. وبالتالي سهولة وضعها بين رقائق الذاكرة بدون إحداث أي ضرر.
وعلى الرغم من ذكاء الفكرة، إلا أن الفريق مازال يواجه مشاكل في تغيير مفهوم رقائق السليكون لدى مصنعي الكومبيوتر، فالباحثون من ستانفورد يتحدثون الآن عن أسلوب جديد تماما ومختلف ويعني بالضرورة حدوث تغييرات جذرية بمبالغ طائلة في تلك الصناعة، الأمر الذي سيحتاج ضمانات قوية بنجاح الفكرة على المدى الطويل قبل المخاطرة بالبدء في تنفيذها على مقياس كبير.